حوادث القتل في غزة والمنظومة الأمنية بقلم حسن دوحان

حوادث القتل في غزة والمنظومة الأمنية    بقلم حسن دوحان
حوادث القتل في غزة والمنظومة الأمنية بقلم حسن دوحان

حوادث القتل في غزة والمنظومة الأمنية  

بقلم حسن دوحان

صحفي، وباحث فلسطيني

إن استمرار حالة التغني بالأمن والأمان في قطاع غزة اسطوانة مل الناس منها في ظل تفشي مفهوم قاصر للمنظومة الأمنية من قبل القائمين عليها، بعدما صعق أهالي غزة بتكرار حوادث وعمليات القتل خلال الأسبوع الماضي والتي وصلت إلى ثمانية عمليات قتل تعكس حالة التردي الأمني التي بات يعيشها قطاع غزة..

الأمن لا يعني أن تستطيع الأجهزة الأمنية إلقاء القبض فقط على الجناة في زمن قياسي، وإنما في كيفية الوقاية من المرض قبل إصابة المواطنين به وعلاج أسبابه سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو غير ذلك، الأمن بالمفهوم الاستراتيجي هو بث الأمل في نفوس الناس لتعيش عليه، لأنه عندما تفقد الناس الأمل يكون البديل اليأس والذي من نتائجه تفشي حوادث القتل والانتحار..

وإذا جئنا للحديث عن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، فهناك فئة اغتنت وفئات سحقت بلا أي أمل في الغد في ظل انعدام فرص المصالحة وإنهاء الانقسام، وأما الوضع الاجتماعي فلجان الإصلاح التي ترعاها وتنسق معها وزارة الداخلية المقالة بغزة أثبتت فشلها الكبير في حل مشاكل المواطنين مما يؤكد وجود خلل في التنسيق بين جهاز الشرطة الذي يتلقى الآلاف الشكاوى من قبل المواطنين دون أن يكون لديه الكادر المتخصص في متابعة تلك الملفات والتنسيق مع لجان الإصلاح لمنع المصائب قبل وقوعها..

ومن مظاهر فقدان الثقة السائدة بين قطاع كبير من الشعب والحكومة المقالة في غزة، انه عندما أعلن عن فتح المجال أمام الشباب للالتحاق بجهاز الشرطة بغزة لم يذهب سوى المحسوبون على حماس لأنه حسب اعتقاد الشباب وتجربتهم أن من يحصل على وظيفة في حكومة حماس لا بد أن يعطي البيعة أولاً، هذا الاعتقاد لدى الشباب يخلق فجوة بين الحكام والمحكومين، وتكون من نتائجه عدم الالتقاء بأي حال من الأحوال، وتصبح الحكومة لا تمثل سوى فئة معينة بينما البقية أو الأغلبية من الشعب عاطلون واو متعطلون لان الفئة الحاكمة لا تبحث عن حل مشاكلهم والمتمثلة في انتشار البطالة والتي أدت إلى توجه الشباب للترمال والمخدرات وتفشي أمراض أكثر خطورة، فأين الأمن من معالجة تلك المشكلات؟!!!

الأمن، ليس إجراءات عقابية وإنما منظومة اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية تكمل بعضها، وإذا تم الفشل في احد أركان تلك المنظومة يكون بالضرورة انتشار الفوضى وحوادث السرقة والقتل وغيرها..

إن إعطاء الأولوية في عمل الأجهزة الأمنية في غزة لقضايا جدلية مثل تحديد رجولة الرجال ونسائية النسوان في تعد واضح على الحريات العامة، وتصبح رقابة المكشوف والظاهر هي لب عمل تلك الأجهزة، حتماً ستكون من نتائج ذلك انتشار حوادث القتل والسرقة.. 

لا بد أن تتكامل جهود أجهزة المباحث الجنائية أو مكافحة المخدرات في قطاع غزة مع جهود الأجهزة الأخرى من نشر ثقافة أن الوطن للجميع، وإنهاء حالة الانقسام، وبث الأمل في نفوس الناس، وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وإعادة تشكيل لجان الإصلاح بعيداً عن الفئوية، وتشكيل شعبة متخصصة في الشرطة للتواصل مع لجان الإصلاح والنيابة العامة، وبذلك يتم منع تكرار حوادث القتل والسرقة حتى لا تصبح ظاهرة تقض مجتمعنا وتبعث على عدم الاطمئنان والاستقرار..

والغريب أن تكرار حوادث القتل والانتحار في قطاع غزة لم يدفع الحكومة بغزة لعقد اجتماع طارئ من اجل تدارس الموقف ومعالجة الأسباب، واتخاذ       الإجراءات اللازمة وعدم الاكتفاء فقط بالإجراءات الأمنية التي لن تكون حلاً على المدى البعيد..

كل التحية لخطباء الجمعة في قطاع غزة الذين خصصوا جزء من الخطبة من اجل تشخيص المشكلة والبحث عن حلول لها، كل خطيب حسب اجتهاده ورؤيته، وليت الحكومة المقالة بغزة تستفيد وتسارع في دراسة تلك الحوادث وعلاجها قبل أن تصبح ظاهرة يعاني منها المجتمع.