كبير المفسدين والشياطين بقلم/ توفيق أبو شومر

كبير المفسدين والشياطين         بقلم/ توفيق أبو شومر
كبير المفسدين والشياطين بقلم/ توفيق أبو شومر

كبير المفسدين والشياطين  بقلم /  توفيق أبو شومر

قال أحد خطباء الجمعة يعلق على انتشار الجرائم: " ما يحدث هو جزاء لكم، ونتيجة لما يُسمى بالحضارة الغربية، ما يحدث لكم ليس سوى عقوبة من الله يوقِعُها عليكم، ما يجري من جرائم وفسق وفجور ليس سوى نتيجة لمشاهدة الأفلام والإنترنت وإدخال كبير المفسدين والشياطين (الفيس بوك) في بيوتكم" وقبل يومين من هذه الخطبة قرأت تحقيقا صحفيا في يديعوت أحرونوت 22/5/2013 جاء فيه:

" تجاهلت صحف الحارديم المتزمتين اليهود أحداث مجزرة بنك هبوعليم التي ارتكبها المجرم إيتمار ألون، عندما اقتحم البنك  في بئر السبع وقتل أربعة أفراد يوم 19/5/2013 .

غير أن صحيفة (هبيلس) وهي صحيفة التيار اللتواني الديني الحريدي المتزمت علَّقتْ على الجريمة وقالت: " اقترف العلمانيون البعيدون عن التوراة مجزرة في بنك هبوعليم في السبع، فلم يعد الإرهاب فلسطينيا، فهناك إرهاب أسوأ، وهو الإرهاب العلماني، وهذا يعود للتأثر بالحضارة الغربية وإعلامها ومشاهدة أفلام الرعب والإنترنت"!! 

التعليقان السابقان متشابهان في المضمون، مختلفان في المصدر، ولكنهما يشيران إلى أبرز التناقضات التي يعيشها كثيرٌ ممَن يلبسون العباءات الأصولية ولا يعملون ولا يُنتجون، فهم يعثرون بسهولة على مبررات جاهزة لكل ما يحدث حولهم، بدون أن يبذلوا جهدا عمليا وعقليا لتحليل هذه الظواهر ، أو يسعون لإيجاد علاج  ناجع لهذا الخلل في المجتمع!

فكثيرٌ من دعاة الأديان من تلك الفئة اعتادوا الجلوس على شرفات الحياة، يراقبون كمتفرجين ما يجري حولهم، فإذا رأوا ملامح السعادة في المجتمعات، يغضبون ويُذكِّرون السعداءَ بالموت والفناء، ويسعدُ بعضهم عندما يشاهدون النكباتِ والفواجعَ، لأنهم بارعون في تفسيرها،  فهم يستعملون سلاحهم الوحيد (أضعف الإيمان) وهو اللسان ويفسرونها وفق تفسيرهم المعتاد !!

ملاحظة أخيرة: يتناسى هؤلاء  بأنهم يستمتعون بمباهج الحياة الحضارية العلمانية التي يشتمونها صباح مساء، فهم يركبون أحدث موديلات السيارات، ويستعملون الهواتف الثابتة والمحمولة، ويشاهدون ويستمعون إلى وسائل إعلام هذه الحضارة المغضوب عليها في العلن، ويستقون منها معلوماتهم، فهم يلتذون بها سرا، ولكنهم يلعنونها في خطبهم ومواعظهم، وهم بارعون أيضا في إيجاد المبررات لهذا التناقض الواضح فهم يستعملون أشهر أسلحتهم: " الضرورات تبيح المحظورات"!!