الانتخابات الاسرائيلية و احتماليات التصعيد ..د. سفيان ابو زايدة

سفيان ابو زايدة.jpg
سفيان ابو زايدة.jpg

الانتخابات الاسرائيلية و احتماليات التصعيد  كتب د. سفيان ابو زايدة

ما يهمنا نحن الفلسطينيون من تقديم موعد الانتخابات الاسرائيلية ، وما يهمنا فيما بعد من نتائج هذه الانتخابات و ما ستفرزة من حكومة ورئيس وزراء هو جزئية واحدة فقط، وهي كيف ينعكس ذلك على الشعب الفلسطيني؟.

التخوف الفلسطيني دائما هو ان يتم استغلال المعركة الانتخابية في اتخاذ قرارات امنية تميل نحو التصعيد ، خاصة في قطاع غزة القابل دوما للاشتعال ، وذلك في محاولة لكسب المزيد من اصوات اليمين الاسرائيلي ، وخاصة اليمين المتطرف الذي يتعطش دائما لمزيدا من التصعيد.

في كل المعارك الانتخابية السابقة التي اجريت في اسرائيل وعلى مدار سبعة عقود من الزمن كان الموضوع الفلسطيني وسيبقى هو المتصدر للبرامج الانتخابية ،خاصة لدى الاحزاب الكبرى.

وعلى الرغم ان قرار الحرب لا يتخذه شخص واحد في اسرائيل مهما كان مركزه و مهما كان تأثيرة و لا يتخذه حزب مهما كان حجمة ، بل هناك مجموعة من الضوابط و المراحل لا تترك مجالا للرغبات و النزوات و الحسابات الشخصية، حيث ان اراء هيئة الاركان و رئيس الاركان و رئيس شعبة الاستخبارات و رئيس الموساد و رئيس الشاباك و مجلس الامن القوي و من ثم الكابينت و رئيس الوزراء ووزير الدفاع ، كلها تأثير و ان كان بشكل متفاوت على قرار الحرب .

مع ذلك كانت هناك سابقة قبيل انتخابات عام ١٩٩٦ ، خاصة بعد اغتيال رابين في الرابع من نوفمبر عام ١٩٩٥ حيث تولى شمعون بيرس رئاسة الوزراء الى حين اجراء الانتخابات.

اتخذ بيرس قرارين كانا سببا رئيسيا في خسارته للانتخابات لصالح نتنياهو . القرار الاول هو اغتيال المطلوب رقم واحد لاسرائيل في ذلك الحين يحي عياش . حيث كان رد حماس بسلسلة من العمليات التي استهدفت قلب تل ابيب و القدس و ادت الى مقتل عشرات الاسرائيليين . الامر الذي خدم اليمين الاسرائيلي و توج نتنياهو كرئيس للوزراء مما شكل صدمه لمعسكر السلام و شكل بداية النهاية للقضاء على اتفاقات اوسلو واضعاف السلطة الفلسطينية.

و القرار الثاني الذي سبق الانتخابات الاسرائيلية هو العدوان على لبنان في في ابريل 1996 ، عدوان استمر ستة عشر يوما بذريعة وقف صواريخ حزب الله.

العدوان كان قبل اجراء موعد الانتخابات بشهر و نصف فقط ، حيث توقف بعد ان قصفت الطائرات الاسرائيلية ملجئ كان يختبئ به المدنيون العزل ادى الى استشهاد اكثر من مئة شخص، الامر الذي اضر كثيرا بالحملة الانتخابية لشمعون بيرس ، و بعكس كل التوقعات في ذلك الحين فاز نتنياهو بفارق ثلاثين الف صوت حيث اجريت في اسرائيل الانتخابات لرئيس الوزراء بشكل مباشر قبل ان يتم الغاء القانون و العودة الى الطريقة غير المباشرة بعد انتخابات ٢٠٠١.

الانتخابات المزمع عقدها في التاسع من ابريل من العام المقبل كما اتفقت عليه الكتل البرلمانية، اي بعد ما يزيد عن المئة يوم من الان بقليل لم تختلف اسرائيل كثيرا عما سبق سوى ان الجمهور الاسرائيلي اصبح اكثر تطرفا مما كان عليه في السابق و بالتالي الايام المقبلة ستكون غاية في الحساسية حيث سيتم استغلال اي حدث سواء كان في غزة او الضفة بما يخدم المعركة الانتخابية.

واذا ما تم الاخذ بعين الاعتبار ان نتنياهو و سياسته سيتم مهاجمتها سواء من اليمين او اليسار الذين يتهمونه بأنه متخاذل في تعامله مع غزة ، خاصة ليبرمان الذي حرص على ان يدخل هذه الانتخابات و هو مستقيل من منصبه كوزير للجيش وكذلك نفتالي بينت الذي يتصارع مع نتنياهو على اصوات اليمين والذي هاجم نتنياهو اكثر من مره على سياسته الامنية، فأن نتنياهو سيتعامل بحساسية مفرطة في فترة الانتخابات لاي تطورات من غزة.

الوضع في غزة، و بغض النظر عن اجواء الانتخابات حساس وقابل للانفجار ، سيما ان الجمعه الاخيرة و التي تركت خلفها خمسة شهداء وعشرات الجرحى و ما تبع ذلك من تهديدات للفصائل بالرد و كذلك الاجراءات الاسرائيلية على الحدود من مناورات و اغلاق طرقات وتعزيز للقوات على حدود غزة ، حتى قبل الاعلان عن تقديم موعد الانتخابات، يستدعي التصرف بحذر خلال الايام و الاسابيع القادمة.

يضاف الى كل ذلك تداعيات الوضع الفلسطيني الداخلي بعد قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي و التي تبعها قرار الرئيس عباس باجراء الانتخابات خلال ستة شهور.

ومن الواضح ان التخوف الاسرائيلي هو ان تكون هناك خطوات اضافية تزيد من عمق الازمة الانسانية في غزة مما سيؤدي بالضرورة الى التأثير بشكل مباشر على الوضع الامني.