هل تصلح مقولة "هالينان"؟ د. أحمد عبد الملك

هل تصلح مقولة "هالينان"؟  د. أحمد عبد الملك
هل تصلح مقولة "هالينان"؟ د. أحمد عبد الملك

هل تصلح مقولة "هالينان"؟

د. أحمد عبد الملك

نشرت مجلة «فورن بوليسي» يوم 20/3/2013 مقالاً للباحث السياسي Coon Hallinan بعنوان «هل تُعد مصرُ لانقلاب أنيق؟»، وعنوان فرعي يقول «الرئيس مرسي بين صندوق النقد الدولي واشتراطاته الصارمة وبين المتظاهرين».

وأشار الباحث إلى أن الأمور في مصر تسير باتجاه انقلاب عسكري، وأن الوسائل التي تحدد أو تحكم هذا التوجه هي صندوق النقد الدولي الذي يشترط على مصر اشتراطات للتقشف والحد من المصروفات، إذا ما أرادت ضمان حصولها على مبلغ الـ4 مليارات دولار. وتساند الولايات المتحدة اتجاهات الصندوق، وعلى مصر أن تقبل إذا ما أرادت دعم واشنطن.

ويعدد الباحث مشاهد العصيان وعدم استقرار الأوضاع في مصر بذكرهِ استشراء المظاهرات في المدن المصرية والدلتا والشرقية، وعصيان سائقي المايكروباصات بعد ارتفاع أسعار «الديزل» ولجوئهم إلى إغلاق المنافذ المؤدية إلى القاهرة ما سبّب ازدحامات مرورية كبيرة. كما يشير إلى الحالة الاقتصادية وهبوط مستوى العملة الأجنبية والبطالة التي قفزت من 5 ,13 في المئة إلى 25 في المئة في فئة الشباب (من 15-29 عاماً). وأن نسبة 20 في المئة من المصريين كانوا يعيشون تحت خط الفقر عام 2010، وارتفع المعدل اليوم إلى 25 في المئة. وأن السياحة التي تشكل 11 في المئة من الناتج القومي قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها (من واقع تجربتي -أنا- هنالك 4 فنادق درجة أولى كانت مغلقة العام الماضي). ويرى الباحث أن الحكومة تأمل الإقراض الدولي لمساعدتها في التصدي للمشكلات الاقتصادية بما يقارب خمسة مليارات دولار، ولكن القاهرة تبدو مترددة في طلب القرض لخوفها من عواقبه! ذلك أن رفع الدعم عن الوقود سيؤثر على الطبقات الفقيرة التي تعتمد على «الكيروسين» في الطهي. كما أنه بدون دعم صندوق النقد الدولي، فإن قروض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سوف تُحجب.

وعن الحالة الأمنية في البلاد قارن الباحث بين موقف استخدام القوة ضد المتظاهرين والخصوم السياسيين بذات الموقف أيام مبارك، وأن النائب العام أحدث ضجة كبرى بمطالبته المدنيين باعتقال من سماهم «الخارجين على القانون»! كما أن تعرّض البوليس لأضرار جسيمة خلال مواجهته المتظاهرين اضطرت الحكومة للاستعانة بالجيش، على رغم أن قيادات الجيش لم يكونوا مرحبين بحشر أنفسهم بين المتظاهرين والحكومة؛ لأن مؤسسة الجيش مؤسسة قتالية وليست مؤسسة أمنية. ويأتي الباحث بتصريح للجنرال أحمد وصفي في فرع الجيش الذي أرسل إلى بورسعيد يقول فيه: «لا أحد يتصور أن الجيش سوف يحل محل وزارة الداخلية». وتلك إشارة واضحة لحالة التذمر لسوء ما آلت إليه الأمور. كما يأتي بتحذير لوزير الدفاع الجنرال عبدالفتاح السيسي للحكومة «لعدم أخونة الجيش»! وأشار بطرف خفي إلى أن استمرار العنف وعدم الاستقرار قد يؤدي إلى احتمال «سقوط الدولة»!

ويخلص الباحث إلى أن الحكومة الأميركية ليست متحمسة لحكومة مرسي، كما بدا ذلك خلال زيارة «كيري» للقاهرة، الذي أعلن عن تقديم عون لمصر بقيمة 250 مليون دولار، شرط أن «تعدّل» القاهرة مواقفها السياسية -خصوصاً في الشؤون الخارجية- لتكون مؤيدة لواشنطن. ويلمح الكاتب إلى تأثير الولايات المتحدة على صندوق النقد الدولي، ما لم تغيّر القاهرة سياساتها الخارجية، بما في ذلك إعادة تأطير العلاقة مع إيران، والتخفيف من النقد المباشر والحاد لإسرائيل. كما أن الولايات المتحدة كانت تعين الجيش المصري بما قيمته مليار وثلاثمائة مليون دولار سنوياً.

فما الذي حدث في سياسات الولايات المتحدة تجاه مصر؟ وهل سيواصل الجيش -على مضض- تصديه لأعمال العنف أو المظاهرات المناوئة لحكم «الإخوان»؟

وهل ترى الولايات المتحدة أن المُعارضة -التي يفترض أن يكون لها خط أكثر اعتدالاً وقرباً من الولايات المتحدة- تستحق الدعم كي تكون بديلاً عن الحكم الحالي في مصر؟

وهل تخشى واشنطن انتشار «النموذج» المصري للحكم في أكثر من دولة في الشرق الأوسط؟ وبالتالي تصبح في المنطقة «جبهة معارضة» شبيهة بإيران؟ وبالتالي تختل موازين القوى في المنطقة ويتهدد أمنُ إسرائيل؟!

وهل استطاعت الولايات المتحدة أن تحدد علاقات جيدة ومطمئنة مع دول «الربيع العربي»؟ التي كان من المفترض أن تنهج نهجاً ديمقراطياً في ممارستها السياسية كي تكسب «الود» الأميركي؟

وأخيراً، هل ستقف أميركا -استناداً لمقولة «هالينان»- مع المعارضة في تأييد انقلاب عسكري في مصر؟!

أسئلة كثيرة يُثيرها المقال المذكور الذي لم يحتوِ على أجوبة شافية لها.