مستصغر الشرر! بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

مستصغر الشرر!  بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
مستصغر الشرر! بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

مستصغر الشرر!

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

نعم‏.‏ لا يصح أن نستهين بالعلاقة التي صارت مباشرة بين الظلم والعنف من ناحية‏,‏ وبين العدل والاستقرار من الناحية الثانية‏.‏ وهذه هي الاجابة عن سؤال تلقيته بصيغات مختلفة حول ما كتبته هنا أمس عن تنامي خطر العنف بسبب حدة الظلم الاجتماعي وغياب الأمل في تحقيق العدل الذي حلم به المصريون طويلا. فقد تلقيت عدة اتصالات ورسائل مساء أمس الأول ممن يقرأون طبعة الاهرام الأولى, وصباح أمس, تحمل في مجملها سؤالا استفهاميا من جانب البعض واستنكاريا من بعض آخر حول العلاقة بين حضور العنف وغياب العدل, والعكس.ولعل أهم ما في هذا السؤال هو لماذا الآن؟ فقد ظل العدل غائبا في بلادنا لعقود منذ أن بدأ التفاوت الاجتماعي في الازدياد مقترنا بما أطلق عليه انفتاح اقتصادي, وأسماه استاذنا الراحل احمد بهاء الدين انفتاح السداح مداح في منتصف سبعينيات القرن الماضي. ومع ذلك لم يحدث شئ منذ قمع انتفاضة يناير1977 الشعبية وحتي منتصف العقد الماضي حين بدأت مطالب اجتماعية (أطلق عليها فئوية) في الظهور من خلال اضرابات واعتصامات محدودة. ولكن غياب العدل لم يحدث احتجاجات سواء سلمية أو عنيفة لفترة طويلة لسببين أولهما الخوف الذي سكن قلوب الناس في تلك المرحلة. وثانيهما افتقاد الأمل في امكان حدوث أي تغيير والتعود على الحياة تحت وطأة الظلم. ولكن الأمر الآن جد مختلف. فقد كسرت ثورة25 يناير حاجز الخوف وأعادت الأمل الذي كان مفقودا في تحقيق العدل, قبل أن يتبين ان هذا الأمل يتبدد يوما بعد يوم. وهذه هي المعادلة التي ينبغي أن ننتبه اليها ونحسب نتائجها جيدا, حين يخرج شباب لا يخافون ولا يجدون مايدفعهم الى التمسك بأمل في تحقيق العدل الي الشارع. ويزداد خطر هذه المعادلة حين يكون بعضهم موجودين في الشارع أصلا حيث لاعنوان لهم غيره. فلننتبه اذن مرة أخرى, ولتسرع السلطة في وضع برنامج مقنع يعيد الأمل الي الشباب لان محاصرة العنف في بدايته ممكنة. ولنعلم أن هذا العنف الذي لايزال صغيرا يمكن أن يكبر, ولنذكر أن معظم الحرائق الكبرى تحدث عند الاستهانة بمستصغر الشرر.