الديمقراطية ليست انتخابات بقلم : د. شملان يوسف العيسى

الديمقراطية ليست انتخابات  بقلم : د. شملان يوسف العيسى
الديمقراطية ليست انتخابات بقلم : د. شملان يوسف العيسى

الديمقراطية ليست انتخابات

بقلم : د. شملان يوسف العيسى

يدور جدل قوي في مصر حول الانتخابات القادمة، حيث طعنت الحكومة المصرية يوم الأربعاء الماضي في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بتأجيل الانتخابات التشريعية أمام المحكمة الإدارية العليا التي حددت اليوم الأحد 17 مارس للنظر في القضية، وكانت المحكمة الإدارية قد أوقفت تنفيذ قرار الرئيس مرسي بالدعوة إلى الانتخابات وإحالة قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية استناداً إلى ضرورة الحصول مسبقاً على موافقة الأخيرة وفقاً لما نص عليه الدستور الجديد الذي وضعته لجنة يهيمن عليها الإسلاميون وأقره استفتاء عام في ديسمبر الماضي.

الإعلام في مصر والوطن العربي يتابع باهتمام بالغ الجدل القانوني حول الانتخابات القادمة. مجلة «روز اليوسف» المصرية في عددها الأخير (الاثنين 11 مارس) خصصت حيزاً كبيراً للجدل حول حكم القضاء الإداري، حيث يرى البعض بأن الحكم قد وضع نهاية لحكم «الإخوان المسلمين»، بينما يرى آخرون خلافاً لذلك إذ اعتبروه إنقاذاً لـ«الإخوان».

لكن كيف يرى أقطاب «الإخوان» حكم تأجيل الانتخابات؟ الدكتور العريان، نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة»، يرى بأن الحكم ينتقص من سيادة الرئيس ويعترض على اختصاص الرقابة الدستورية المسبقة التي يريد القضاء أن تقوم بها المحكمة الدستورية العليا على القوانين. فيما يرى الدكتور، المرشد العام السابق لـ«الإخوان» أنه على جميع القوى والأحزاب السياسية المشاركة في العملية الانتخابية والاستفادة من مهلة حكم وقفها ومن الجدل القانوني، حولها وعليهم أن يتخلصوا من المراهقة السياسية والنظر بواقعية إلى أكثر من 30 مليون مصري ذهبوا بالفعل للتصويت في انتخابات البرلمان الذي أعقب الثورة والذي تم حله بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا، ليس بسبب عدم نزاهة الانتخابات أو لتزويرها، ولكن لمخالفة إجراء التصويت على المقاعد الفردية ومقاعد الأحزاب.

ليس المجال هنا لاستعراض كل الجدل القانوني حول الانتخابات القادمة، ما يهمنا هنا هل الانتخابات القادمة ستحل مشاكل مصر؟ وهل ستوحد الشعب المصري وتضع الأرضية الخصبة لمسار الديمقراطية التعددية الحرة في مصر؟ وهل السلوك السياسي للحزب الحاكم في مصر حالياً يعبر عن تراث حضاري يؤمن بدولة المؤسسات؟ الديمقراطية لا تكتمل بمجرد إجراء الانتخابات، فالانتخابات أمر شائع في الأنظمة الاستبدادية السلطوية في العالم الثالث، لكن الديمقراطية الحقيقية تقتضي التمثيل السليم ضمن إطار دستوري قائم على مبادئ سيادة القانون وقيم الحرية والعدالة وتكافؤ الفرص للجميع.

الآن وقد وصل «الإخوان المسلمون» إلى السلطة في مصر، ما هو الهدف الأساسي للحكم بالنسبة لهم؟ وهل يريدون ترسيخ المفاهيم الديمقراطية ودولة المؤسسات في مصر؟ وهل يطمحون للحداثة والتطور والحكم الرشيد، أم أن هدفهم الأساسي الذي لم يعلنوا عنه، وهو إحياء الشريعة واستعادة الدين؟ الحقيقة أنه ليس لدى «الإخوان» فهم واضح لمفهوم المواطنة والاختيار الحر، فهم في مصر حالياً يسخرون كل إمكانيات الدولة لغرض أساسي وهو الحفاظ على السلطة والاستمرار في الحكم لأطول فترة ممكنة، وفي سبيل ذلك لن يترددوا في استخدام كل الوسائل غير المشروعة للتمسك بالسلطة.

وأخيراً نتساءل: لماذا نجحت الديمقراطية في بلد مثل الهند وفشلت في الوطن العربي؟ باختصار شديد لأن النخبة السياسية الهندية ارتبطت بحضارتها المنفتحة، وقد عوض ذلك عن القصور البنوي في تركيبة السكان. ففكرة احترام الآخر المتجذرة في الحضارة الهندية والنزعة نحو الجمع بين روافد الفكر المتباينة، ساعدتا النخبة السياسية على الاعتراف المبكر بالتعددية الإثنية والدينية وبرفع شأن الفقراء والمحرومين... فمتى يا ترى نتعلم من التراث العالمي للديمقراطية، ونعزز احترام التعددية الفكرية والدينية في العالم العربي؟