العلاقة بين فتح وحماس

العلاقة بين فتح وحماس
العلاقة بين فتح وحماس

البحث في تاريخ العلاقة بين حركتي فتح وحماس قد يساعد صانع القرار في استكشاف طبيعة الصراع وأشكاله بين كلا الحركتين.

أولاً: نشأة حركتي فتح وحماس

تأسست حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح في الأول من يناير عام 1965م، على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني، أبرزهم ياسر عرفات وفاروق القدومي وخليل الوزير، وغيرهم من القادة العظماء، وما يميز حركة فتح أن المؤسسين كانوا من تيارات وأيديولوجيات مختلفة، فمنهم من كان قريباً لجماعة الإخوان المسلمين، ومنهم من كان بعثياً، ومنهم من كان يسارياً، وربما جاء لقب أم الجماهير لتعكس حالة عدم التجانس الفكري داخل المدرسة الفتحاوية.

تلك المدارس المختلفة توحدث خلف هدف واحد ووحيد وهو تحرير فلسطين من بحرها لنهرها، وتوحد الكادر الفتحاوي خلف هذا الهدف، وانتهجت من الكفاح المسلح سبيلاً نحو التحرير واستعادة الأرض والمقدسات من الصهاينة.

 أما حركة المقاومة الإسلامية حماس فقد تأسست في الرابع عشر من ديسمبر عام 1987م، وذلك بعد اندلاع الانتفاضة الكبرى بأيام، ولكن حركة حماس كما يعرفها ميثاقها العام بأنها أحد أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين، وبذلك فإن معظم نخبها وقياداتها هم بالأساس قيادات تتبع الجماعة الأم، وهي موجودة بفلسطين منذ ثلاثينات القرن الماضي.

 ثانياً: العلاقة بين حركة فتح وجماعة الإخوان المسلمين

شهدت العلاقة بين حركة فتح وجماعة الإخوان المسلمين حالة من التعايش النسبي، وكأن هناك رضا بين الطرفين وتقسيم للأدوار، فمساحة النضال الوطني والعسكري كانت من نصيب حركة فتح، بينما عملت جماعة الإخوان على البعد الديني، وتربية الأجيال، ونشر الأفكار الإسلامية، وكان هدفها بناء مجتمع مسلم متدين، وصاحب تلك الفترة بعض الصراعات بين التيارين وتحديداً ما كان يحصل مطلع الثمانيات بالجامعات الفلسطينية، نتيجة محاولة كل طرف الاقتراب من مساحة الطرف الآخر، وفي منتصف الثمانينات بدأت الحركة الإسلامية المزاوجة بين العمل الدعوي والنضالي، وساعد في ذلك كثيراً اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987م.

 ثالثاً: العلاقة بين حركتي فتح وحماس

بعد تأسيس حركة حماس، بدأت الحركة بجني ما زرعته جماعة الإخوان المسلمين، فكان المجتمع بحاجة ماسة لتيار ديني نضالي في آن واحد، وبذلك نجحت حماس في استقطاب عشرات الشبان، وشكلت المساجد بؤرة لنمو التيار الإسلامي في فلسطين، وشعرت حركة فتح بالخطر، ونقلت قرارها من الخارج إلى الداخل، وشكلت القيادة الوطنية الموحدة، والتي جمعت قوى منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تشارك بها حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وأخذت العلاقة بين الطرفين منحى آخر، إلى أن وجود الاحتلال في معظم الأحيان كان عنصر وحدة والتقاء بين الحركتين، إلى أن وقعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو، والذي بموجبه انتقلت حركة فتح من النضال إلى العملية السلمية، وتركت مساحتي النضال والدين لحركة حماس، وعلى الرغم من محاولات السلطة الفلسطينية احتواء حماس من خلال الترغيب والترهيب، ونجحت في بعض الحالات، إلا أن انتفاضة الأقصى أعادت البوصلة على ما كانت عليه، وعادت حركة فتح منافسة حماس في الخط النضالي، ونجح ياسر عرفات من المزاوجة بين الحكم والنضال، ولكن بعد مقتله، فاز السيد محمود عباس بالانتخابات الرئاسية ورفع شعار لا لعسكرة الانتفاضة، أما في يناير/2006م فشهد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية، ووجدت حركة فتح نفسها في تراجع، فحماس احتلت المساحة الدينية والنضالية وفي طريقها للسيطرة على الحكم، والمزاوجة بين كل ما سبق بشكل أبهر المجتمع الفلسطيني والإقليمي والدولي.

رابعاً: الخروج من المأزق

هناك حكمة تقول: "عندما يوجد فرد يسود السلام، وعند وجود اثنين ينشأ الصراع، وعند وجود أكثر تبدأ التحالفات".

وهنا لا أقصد تفرد طرف بالمشهد كله، وإنما أن نصنع برنامجاً توافقياً تذوب الحركة الوطنية به، وربما لو نجح الإطار القيادي المؤقت بإصلاح منظمة التحرير فإن هذا الجسم يصلح لأن يعبر عن كل الشعب وعن مشروعه التحرري.