توازي مياه البحر في نسبة تلوثها

الشيخ رضوان : المسؤولون يتغاضون عن الحلول العاجلة لتلوث المياه

بركة الشيخ رضوان.jpg
بركة الشيخ رضوان.jpg

غزة- أميرة أبو شليح

تعاني السيدة أم محمد (55 عاماً) القاطنة في حي الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، آلاماً وحساسية في أنحاء متفرقة من جسدها إثر استخدامها مياه الشرب الواصلة إلى منزلها، والتي يطلق عليها (مياه الحنفية).

وأفادت أم محمد حصولها على تقرير طبي عبر الطبيب المختص، ينذرها من خطورة استخدام هذه المياه على صحتها وضرورة استبدالها بالمحلاة، رغم أن ذلك سيزيد من العبء المالي المتراكم على كاهل زوجها، متساءلة عن جدوى دفع قيمة فاتورة مياه فاسدة لصالح البلدية؟.

ويعاني سكان قطاع غزة عموماً، ومنطقة الشيخ رضوان على وجه الخصوص، من رداءة مياه الشرب فضلاً عن شحها، إذ تفيد التقارير الصحية بأن مياه هذا الحي الذي يقطنه ما يزيد عن 51 ألف نسمة، غير صالحة للاستخدام الآدمي.

ويشتكي الكثير من السيدات وربات البيوت، من رداءة المياه الواصلة إلى منازلهم في حي الشيخ رضوان الذي تبلغ مساحته (1029 دونم)، متساءلين عن دور المسؤولين تجاه حماية صحة المواطنين.

ويرجع نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة مازن البنا، زيادة نسبة الملوحة في آبار بلدية غزة عموماً، إلى الكثافة السكانية، والعجز المائي الناتج عن عدم استمثار مياه الأمطار نظرا لعدم وجود بنية تحتية تستقبل هذه المياه وتستفيد منها في تغذية الخزان الجوفي.

وقال البنا: "إن زيادة نسبة ضخ المياه المالحة من الآبار من قبل بلدية غزة، أدى الى زيادة نسبة الفلورايد من (700 إلى 4000 ملم) بينما نسبة معيار الصحة العالمية 250 ملم في اللتر، في إشارة واضحة إلى حجم خطورة هذه المياه على صحة الناس.

وأشار إلى زيادة في نسبة تركيز النترات بدرجة عالية وصلت إلى (300 ملم) في اللتر الواحد، بينما كان من المفترض أن تصل في أسوأ الأحوال إلى (50 ملم) وفق منظمة الصحة العالمية، ونتيجة لذلك فإن مياه الخزان الجوفي تسبب خطراً كبيراً على الأفراد.

وعليه، حمل البنا المسؤولية عن هذه الأزمة للبلديات في المقام الأول، ثم إلى الحصار الذي يحول دون توفير الدعم من الدول المانحة.

فيما تقاطع قول مدير صحة البيئة بوزارة الصحة سامي لبد، مع سابقه، في التأكيد على أن مياه مدينة غزة بشكل عام وحي الشيخ رضوان بشكل خاص، ملوثة كيميائياً إذ أن العناصر الكيميائية الموجودة فيها تزيد عن الحد المسموح به عالمياً بأرقام كبيرة، مشيراً إلى أن نسبة تلوث مياه الشرب الواصلة إلى منازل المواطنين توازي نسبة تلوث مياه البحر.

وقال ماهر سالم، مدير عام المياه والصرف الصحي في البلدية، إن القطاع يعتمد في مصادره المائية، على الخزان الجوفي، والذي يعتبر 97% من مياهه غير صالحة للشرب، خاصة في مدينة غزة وحي الشيخ رضوان الذي قال إنه يعاني مع المياه المالحة والتي تكاد تقترب من مياه البحر نفسه.

وحاول سالم، أن يوصف المشكلة أكثر منها محاولة منه لتقديم حلول، حيث أشار إلى أنها قاموا بإغلاق نحو 12 بئراً مغذي لمنطقة الشيخ رضوان، نتيجة رداءة المياه، مبيناً أن "الحي يعتمد الآن على ثلاثة آبار رئيسية فقط"، رغم أن ذلك لا يعد أمرا معقولاً بأن تغذى هذه المساحة بثلاثة آبار من أصل 15 بئراً.

وعند سؤالنا عن عدم تكرار مياه الخزان الجوفي، قال سالم: "إن استخدام محطات تحلية المياه، غير محبذ، وذلك لأنها تحمل ضررين: الأول أننا سنستنزف أكثر من 50% من كمية المياه المتوفرة، والثاني أن التخلص من المياه المالحة سيؤدي الى إحداث مشكلة في المعالجة وانسداد في خطوط الصرف الصحي"، على حد قوله.

واعتبر أن الحل الآن يعتمد فقط على الإنتهاء من إنشاء محطة تحلية تقام شمال غرب مدينة غزة، خلال العام القادم، إضافة إلى بئري مياه جدد يجري العمل على حفرهما في منطقتي مقبرة الشيخ رضوان واليرموك، وهما واقعتين داخل نفوذ حي الشيخ رضوان.

وفيما يتعلق بأهمية استثمار مياه الأمطار التي يتم تجميعها في بركة الحي، اعتبر سالم أن الأمر مناط بتمويل مشروع بميزانية عالية، نظرا لوجود طبقة طينية عازلة تمنع انسياب المياه المجمعة في البركة إلى الخزان الجوفي.

هنا اتفق مدير صحة البيئة بوزارة الصحة، مع مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة، على أن الحل يتمثل في نزع محطة المعالجة المركزية الجاري انشاءها، الأملاح تماماً من المياه وفق مقاييس الجودة العالمية (50 – 600 فلورايد)، وخلط هذه المياه منزوعة الأملاح بمياه آبار الشيخ رضوان المالحة، بنسبة معينة بحيث تصبح صالحة للاستخدام.

بناء على ما تقدم، يبدو واضحاً أن أهالي حي الشيخ رضوان سيظلوا واقعين تحت خطورة مياه الشرب الواصلة إلى منازلهم والتي ستورثهم الأمراض، إلى أن يتحقق حلم المسؤولين بالإنتهاء من انشاء محطة معالجة مركزية للمياه.

 

 

"المصدر: شبكة نوى"