الديمقراطية صناعة لا شعار عبداللطيف الزبيدي

الديمقراطية صناعة لا شعار     عبداللطيف الزبيدي
الديمقراطية صناعة لا شعار عبداللطيف الزبيدي

الديمقراطية صناعة لا شعار   

عبداللطيف الزبيدي

الدول اثنتان: واحدة تصنع الديمقراطية، وتبدع التنمية الشاملة، وتضع أسس العدالة الاجتماعية، وترفع سقف الحريات، وأخرى تبدّد عشرات السنين في تنميق خطب الوعود الفارغة، وتعليق إخفاقات الاستبداد والفساد على الشمّاعات الخارجية . اليوم نرى الأنظمة العربية التي دوّخت شعوبها بشعارات الديمقراطية الوهمية، لم تعرف الجماهير فيها نموّاً غير نموّ الفشل والإحباط وسوء الصيت . من حق تلك الشعوب أن تقول لأنظمتها ما قيل للشاعر: “لا تحدّثنا عن المطر، أمْطِر” .

 

طوال العقود الأربعة الماضية، لم يشغل حكّام الإمارات أنفسهم ولا شعبهم بالتنظير السياسي والإنشاء وتخدير الوعود . آثروا الفعل على الهذيان، والإنجاز الملموس على المنابر، فتبيّن الفارق بين التقدّم والتخلف . وعلى من أراد العمل بقوله تعالى: “ولكن ليطمئن قلبي” أن يعود إلى صور الإمارات سنة سبعين من القرن الماضي ليرى المعجزة التي تتلخص في كلمتين: الإرادة والإدارة .

 

لكن الإرادة والإدارة تحتاجان إلى بُعد أخلاقي يتمثل في صفاء القيادة، خلوصها وخلاصها من الشوائب، أي إحساسها بأنها تؤدي رسالة وتحمل أمانة . وفي هذا البعد الأخلاقي نرى أسرار القفزات الحضارية العملاقة التي حققتها الإمارات، في حين تعثرت وتداعت وتهاوت دول عربية عدّة، كانت الأمة قد بنت على وعودها النهضوية آمالاً كبيرة . بل إن ذلك البعد الأخلاقي تفتقر إليه اليوم دول متقدّمة هي الآن تغرق في بحر من المتناقضات .

 

النهضة الحقيقية لا تحتاج إلى جبال من النظريات الفلسفية . فالقيادة الرائدة التي تريد أن تحظى بصفحات ذهبية في التاريخ، تختصر الطريق وتكتفي بأربع كلمات فقط لتحقيق التقدم والرخاء والعزة: الفرد، الأسرة، المجتمع، الدولة . لا أكثر ولا أقل .

 

التنمية الشاملة في إطار هذا الرباعيّ هي التي جعلت الإمارات تفتخر بأنها تغرّد خارج سرب التخلف، بريادة تنموية عربية، بقوة اقتصادية قاهرة للأزمات، بمنارة ثقافية عربيّة إسلاميّة عالميّة، بانفتاح إنساني على الأعراق والثقافات والحضارات، وبطموح متوهج إلى التألق والتفوق .

 

اليوم، مع “القمّة الحكوميّة” التي شهدتها دبي، وكان العالم شاهداً بشخصياته ووسائط إعلامه، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يحق لدولة الإمارات التمثل بالآية الكريمة: “وأمّا بنعمة ربك فحدّث” .

 

لزوم ما يلزم: على العرب الذين عجزوا عن السبق، أن يحاولوا اللحاق .