أي ثورة هذه؟! : تركي الدخيل

أي ثورة هذه؟!  : تركي الدخيل
أي ثورة هذه؟! : تركي الدخيل

أي ثورة هذه؟!

: تركي الدخيل

 

الأحداث الأخيرة الجارية في تونس ومصر كلها تؤكد على أن الثورات شيء والاضطرابات شيء آخر. غير أن هناك من فهم عكس ذلك. وظيفة الدولة لم تعد قائمة، غلبت حالات الغوغاء والاستهتار والمبالغة في النزول إلى الشارع على المعنى الحقيقي للثورة والذي يعني استبدال معانٍ كانت موجودة بأساليب إدارة حكم أخرى. الذي يمارس الآن هو نفسه وأسوأ الذي كان يمارسه حسني مبارك. والدولة وعلاقتها بالفرد لم تعد قائمة أصلاً. الدولة المدنية غابت أمام الغوغائية الشعبية. والذين يسيرون في الشوارع أو يفجرون أو يقتلون إنما يعيدون للأحداث الحالية صفة الاضطرابات والفوضى لا صفة الثورة الحقيقية الملهمة والتي تغيّر من أسس البنية الأولية للدولة. حتى ماركس الذي هو محرّض الثورة الرئيسي والمحفز للبروليتاريا على الثورة ضد الطبقة المهيمنة لا تتوافق مفاهيمه الثورية مع الحالة التونسية أو المصرية فضلاً عن الليبية وغيرها، أما الكاتب الانجليزي المشهور والفيلسوف جون لوك (ت: 1704) فيعتبر أن الحكومة في نظر جون لوك هي خدمة للشعب ورفع مستواه المعنوي والمادي والحفاظ على أرواحه وممتلكاته وحقوقه. ما هي بثورة تلك الأحداث التي تذهب بطاغية وتأتي بطغاة آخرين، ولا هي بديموقراطية تلك التي تكرر أمراض المجتمع وثغراته، فالثورة والديموقراطية مفهومان يتطلبان مجموعة من الشروط التي لم تتوفر في العالم العربي ولم تتوفر لدى المجتمعات العربية. الديموقراطية نتيجة وليست مقدمة، حين استخدموا الديموقراطية مقدمة لا نتيجة، أو غاية لا وسيلة تجرعت المجتمعات ألوان الاستبداد وأصناف العذاب السياسي والاجتماعي وها هي مصر موجوعة، وتونس تعاني الأمرين وفيها من الآلام ما لا يحصى.