دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الإسلامي ...بقلم خليل حسين

دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الإسلامي ...بقلم خليل حسين
دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الإسلامي ...بقلم خليل حسين

دبلوماسية قمة مؤتمر التعاون الإسلامي ...بقلم خليل حسين

 

كان من المفترض أن يكون اجتماع قمة التعاون الإسلامي الثاني عشر الذي عقد في القاهرة مؤخراً مغايراً لما سبقه، أقله في بعض القضايا ذات الخصوصية، المتعلقة بالدول الإسلامية العربية تحديداً . ففي قراءة أولية للبيان الختامي الصادر عن القمة، يظهر أنه استنساخ للقمم التي سبقت مع اختلاف طفيف بالتواريخ والأسماء وبعض القضايا، على الرغم من بروز وقائع لبعض القضايا تستدعي مواقف وأفعالاً جريئة لما لتداعياتها من أخطار على مجمل الواقع العربي والإسلامي في المنطقة .

 

 فالمؤتمر كان أشبه بدبلوماسية تحسين بعض العلاقات البينية وخاصة بين الدول المحورية كإيران ومصر وتركيا والسعودية . وإذا كان المؤتمر قد أعطى أولوية لبعض القضايا، فقد تم ذلك من خلال إبراز قدرة هذه الدول على الحل والربط والاستفادة منها في تحسين شروط الحضور الإقليمي . باختصار كانت حفلة مباريات لم تقدم حلولاً للمشاكل ولا مهدت لتسويات لبعضها، بل حاولت ترسيخ صور نمطية للقدرات والطاقات غير المستفاد منها عملياً .

 

 في الأزمة السورية، كرر البيان ضرورة العمل على وضع حد لمأساة الشعب السوري وتأكيد الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وتأكيد الحوار بين الأطراف السورية، كما دعا مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته بشأن الوضع في سوريا . وفي الواقع تعكس هذه الدعوات مدى الانقسام الحاصل حول الأزمة وطبيعتها، وبالتالي وسائل حلها . وإن ثقل الموضوع قد طرح أساساً في الاجتماع الثلاثي المصري- الإيراني- التركي على هامش القمة، والذي أفضى بدوره إلى هذا المستوى غير المناسب مع تداعيات الأزمة السورية واستمرارها . إضافة إلى ذلك ثمة نوع من الاعتراف بعدم القدرة حتى الآن على الولوج في أطر تسوية طالما لجأ البيان إلى الاستعانة بمجلس الأمن ودوله للتدخل من باب تخفيف المعاناة ليس إلا .

 

 جانب آخر متعلق بالقضايا المركزية العربية والإسلامية لم يأخذ الحيز العملي المطلوب، لجهة فلسطين والقدس تحديداً . ففي الوقت الذي كان قادة الدول الإسلامية يجتمعون ويتداولون، كانت “إسرائيل” تروّج لفيلم دعائي حول هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل سليمان المزعوم . فهل الدعوة للدول المانحة للشعب الفلسطيني كافية لدرء مخاطر التهويد الجارية في القدس والأراضي الفلسطينية الأخرى، وما سبل وآليات إقامة شبكة الأمان الإسلامية التي أقرت في المؤتمر؟ لقد مضى على فكرة إنشاء المنظمة الإسلامية ما يربو على أربعة وأربعين عاماً حين تم إحراق المسجد الأقصى بدم بارد من قبل المتطرف اليهودي مايكل روهان في أغسطس/آب ،1969 حيث كان مبدأ إنشائها في الأساس حماية المسجد، فيما معالم القدس قد تغيرت فعلاً دون التمكن من إيقافها .

 

 وكيف يمكن مواجهة قضية الإسلاموفوبيا بذريعة حرية الرأي والتعبير؟ هل بالتمنيات، أو بإيجاد آليات عملية لذلك؟ لقد مرّت عشرات المناسبات التي تم فيها التطاول على المقدسات الإسلامية وظهر فيها عشرات القرارات والمواقف، فهل توقفت، ذلك يعني وجوب ابتداع وسائل وآليات ناجعة تردع من يُدبر لها ويقوم بها .

 

لقد انطلقت المنظمة في العام 1969 كفكرة مؤتمر، وتحوّلت مؤخراً إلى منظمة للتعاون الإسلامي، وهي من حيث المبدأ شرط ضروري ولازم للتصدي للتحديات الكثيرة التي واجهت وتواجه الأمة الإسلامية ماضياً وحاضراً وبالتأكيد مستقبلاً . لكن التدقيق في مفاصل عمل المنظمة وما آلت إليه أوضاعها لا يشجع على الرؤية الوردية لمستقبل المنظمة ووسائل عملها . فقد وقع الكثير من الخلافات بين أقطابها، ووصل الأمر ببعضها إلى مستوى النزاعات المسلحة والحروب التي كلفت ملايين المسلمين وآلاف المليارات من الدولارات، فهل يكفي إقرار المساعدات وتقديم العون لبعض دولها ومجتمعاتها إلغاء سمة المنظمة أو الجمعية الخيرية عنها؟ ثمة ضرورة لأن تكون هذه المنظمة فاعلة بمستوى الطاقات والإمكانات المتوفرة لمعظم دولها، بعد معاناة أحاطت بشعوبها لعقود خلت .

 

 لقد تمكنت الكثير من المنظمات القارية والعالمية من إثبات وجودها على المستويين الإقليمي والدولي، ودفعت بأعضائها إلى واجهة الدول المؤثرة والفاعلة، فهل ستتمكن منظمة التعاون الإسلامي من فعل ذلك؟ الأمر مرهون بأنفسنا قبل أي أمر آخر