شجاعة الطيب وتقية نجاد
هذا الأزهر الشريف يتكلم ، وعلى الجميع الإنصات له ، تماماً كما أنصت الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ، فالعلم هنا ، والحقيقة هنا ، والتاريخ هنا ، والإمام الشيخ أحمد الطيب أيضاً هنا .
منارة العلم ، وحصن الإسلام الحامي للسنة النبوية المطهرة ، والمدافع عن الحق ، الرافض للظلم ، المتصدي للزيف ، والمتسامح مع فكر الغير والقصد الذي لا تحركه أطماع شريرة أو نوايا خبيثة ، هذا الرمز الراسخ في قلب أرض الكنانة غير قابل للميلان ، لا تأخذه أهواء البشر شرقاً أو غرباً ، ولا تقيده مجاملات الدبلوماسية وبروتوكولات أهل السياسة .
لله درك يا أبن الطيب ، ليتني أراك لأقبل رأسك ، نيابة عن كل الذين أشفيت غليلهم ، وأوصلت بأسمهم رسالة إلى نظام الملالي في طهران , وهي رسالة تلخص لهم مبادئ الشقاق التي بنوا عليها حكمهم منذ 1979 ، وهي تتعارض مع ركائز ديننا ومعتقدنا الذي توافق عليه أتباع سيد البشر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ، فهذا الرئيس ، رئيس جمهورية إيران الإسلامية ، وهى الدولة ذات القومية الضيقة ، والمتكبرة بتاريخ غابر ، والمتلحفة بمذهب توسعي ، يقول إنه لا يفهم ولا يعرف عن الإختلافات الدينية ، إنه يمارس "التقية" علناً ، ويجافي الحقيقة ، ويحيلنا إلى علماء النجف ، وتجنب "قم" ومن فيها ، وكأن القاصي والداني لا يعلمون إن مرجعيتهم أصبحت هناك وليست بأرض العراق ، ولا يخجل من القول بأنه جاء إلى الأزهر للحديث عن الوحدة الإسلامية ، وقد ردها إليه شيخنا الطيب وذكره بمعوقات إنطلاق مسيرة التفاهم بين إيران من جانب ومصر ومعها الدول العربية والإسلامية من جانب آخر ، فأي وحدة إسلامية مع دولة تتدخل في شؤون دول الخليج العربي ولا تحترم شؤون الدول العربية وخصوصاً البحرين ، وأي وحدة مع دولة تسلب أهل السنة والجماعة من مواطنيها كان أحمدي نجاد ونظامه يأملان في إختراق الأمة من قلبها ، ولكن القلب النابض يأبى إلا أن يضخ دماً جديداً ينعش كل جسم الأمة ، فهذه القاهرة التي لا تشيخ ولا تكبر وإن عانت من الأمراض حيناً ، وقد خاب ذلك الذي أراد أن يستغل الظروف ، وأن يلعب على التناقضات ، فقد أعادته مصر إلى مكانه الصحيح ، مصر الإسلامية العربية بأزهرها وشيخها ، وشعبها الذي أسمع نجاد ما لا يحب أو يتمنى ، فخرج غاضباً وهو الذي كان يظن أنه سيستفز الجميع ، ومعه أيضاً تلك الجماعة التي ما زالت تتعلم في مدرسة إدارة الدول والجلوس على كراسي السلطة ، والذين يبدو أن الحيلة قد أعيتهم ، ولهذا إستخدموا ورقة إيران بأسلوب "الابتزاز السياسي" ، فانقلب السحر على الساحر ، وفقدت زيارة نجاد بريقها مع نداءات اللإحتجاج بين أبناء مصر الذين تواجدوا خلال جولته على "مساجد آل البيت" .
وأقول للإخوان ، من كان منهم في السلطة ومن كان خارجها ، إن مجلس الشورى الإيراني ، وهو البرلمان ، قرر في نفس يوم "غزوة" نجاد الفاشلة للقاهرة إرسال وفد من أعضائه في جولة تفقدية لجزر دولة الإمارات الثلاث المحتلة ، أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ، وهي خطوة إستفزازية للأمة كلها وليس للإمارات فقط ، وفي نفس الوقت تعكس الطريقة التي يدير بها نظام الملالي في طهران الأمور ، وكيف يفكر ، وعلى أي تناقضات يلعب ، وللأسف الشديد ، فإن بعضنا ما زال يعتقد بأن اللعب مع إيران وعقد التحالفات السرية سيوفر له صديقاً داعماً في المستقبل ، ويمنحه في الحاضر خيوطاً يستطيع أن يحركها كما يشاء لتحقيق مآربه وخططه الحزبية !!
محمد يوسف