ثوار الأمس . . . طغاة اليوم والمستقبل! بقلم: باتر محمد علي وردم

ثوار الأمس . . . طغاة اليوم والمستقبل!  بقلم: باتر محمد علي وردم
ثوار الأمس . . . طغاة اليوم والمستقبل! بقلم: باتر محمد علي وردم

ثوار الأمس . . . طغاة اليوم والمستقبل!

بقلم: باتر محمد علي وردم

تونس الآن على شفير هاوية اقتصادية وازمة اجتماعية بعد حوالي سنتين على بداية ما يسمى بـ”الربيع العربي” ما الذي بقي من الأحلام والآمال والطموحات والمشاعر الإيجابية للتغيير؟ نعم، لقد اقتنعنا ان الشعب العربي تحرك ورفض بقاء الأمور على ما هي عليه، وخرج من دائرة الإحباط واللامبالاة ليعمل على إسقاط انظمة قمعية وعلى إجبار أخرى على تحقيق خطوات متقدمة في الإصلاح السياسي. نعم لقد خرج الشباب العربي من معزل الصمت وأعلنوا عن مواقفهم وآرائهم ودفعوا ثمنا باهظا في بعض الحالات ولكن ما الذي تحقق فعلا خلال سنتين، وهل ستمر عملية “التحول الديمقراطي” بمراحل طويلة حتى تصل إلى حالة مستقرة؟ ربما باستثناء ليبيا التي خرجت من طغيان أكثر أنظمة الحكم العربي تخلفا في التاريخ، فأنني لا استطيع أن أجرؤ على القول إن الوضع السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي في اية دولة عربية مرت في مسار الربيع العربي هو أفضل الآن مما كان عليه منذ سنتين. حتى في ليبيا فإن هنالك خوفا كامنا في النفوس، فالسلطة المركزية الطاغية تفككت لتحل مكانها ميليشيات وسلطات محلية في المدن الكبرى ولكن دون شك أن ما حدث أفضل من بقاء الوضع على ما كان عليه في عهد القذافي البائد. في مصر تحولت السلطة من دولة بوليسية تروع مواطنيها بالأمن والشرطة ويعتريها الفساد إلى دولة مضطربة، ذات سلطة دينية تستند إلى فتاوى تقسم الناس وتزرع الناس ومدعومة بسلطة أمنية لم تتوقف يوما عن انتهاك حقوق الناس في الشوارع ومراكز الأمن. في عهد مبارك كان الفساد والقمع مسيطرين ولكن مصر كانت دولة ذات حضور إقليمي مؤثر. الآن مصر تحت حكم الإخوان يعتريها الطغيان باسم الدين ويتعرض فيها المعارضون لخطر حقيقي على حياتهم نتيجة فتاوى التكفير المستمرة ويخشى فيها المصريون من اليوم التالي. في تونس كان الأمل كبيرا بأن الشعب التونسي الذي مارس منظومة فكرية وتعليمية متطورة سيتمكن من تجاوز أزمة الانتقال من السلطة البوليسية إلى السلطة الدينية ولكن ذلك -للأسف- لم يحدث إلى أن وصل الأمر إلى اغتيال المعارض السياسي اليساري شكري بلعيد في جريمة من الواضح ان من يستفيد منها هم الجماعات ذات التفكير المنغلق والمتطرف. تونس الآن على شفير هاوية اقتصادية وازمة اجتماعية وفقدان للأمن والتنافسية الاقتصادية بعد أن كانت دولة تضرب بها الأمثال في المنطقة، على الأقل على مستويات التعليم والاقتصاد والمجتمع. لا جديد في اليمن باستثناء رحيل الرئيس صالح، ولكن مشاكل الفقر والجهل والعنف والإرهاب والفساد ونهب الموارد الطبيعية والتدخلات الخارجية ما زالت قائمة، ولا يبدو أن اليمن الذي يتمتع بخصائص ومزايا طبيعية تتفوق على معظم البلدان العربية قادر على الخروج من أزمته المزمنة قريبا لا في ظل الربيع ولا الخريف العربي. في سوريا الوضع بائس إلى درجة لا يمكن تصورها. الشعب السوري بعد أن فقد 60 ألفا من المواطنين وربما البلايين من الممتلكات والموارد وتهجير حوالي 700 ألف يبدو الآن في حالة خيار ما بين استمرار السلطة الوحشية الحالية وما بين انتقال سوريا إلى حالة فوضى عارمة بفضل تشتت القوى المعارضة المسلحة وطغيان الفكر التكفيري الإقصائي على أكثر فئات المعارضة والثوار تأثيرا. ماذا سيستفيد المواطن العربي والدول بشكل عام من الربيع العربي عندما يتحول ثوار الأمس الذين كانوا يرفعون شعارات الإصلاح وحرية الرأي إلى طغاة اليوم والمستقبل بعد امتلاكهم للسلطة والتي يبدو أنها الهدف النهائي للجميع؟