عام مغربي مع بن كيران / بقلم معن البياري

عام مغربي مع بن كيران / بقلم معن البياري
عام مغربي مع بن كيران / بقلم معن البياري

عام مغربي مع بن كيران / بقلم معن البياري

ثلاثة عشر شهراً انقضت في المغرب على تولّي حكومة الائتلاف، بقيادة حزب العدالة والتنمية، الإسلامي النزعة، السلطة التنفيذية، برئاسة عبدالإله بن كيران الذي سبق وصولَه إلى موقعه هذا استطلاعُ معهدٍ فرنسيٍّ كشفَ أَنَّ لدى 82٪ من المغاربة ثقة به، ويمكن التخمين أَنَّ تناقصاً ربما أَصاب، لاحقاً، هذه الشعبية، لا لسببٍ يخصُّ شخص بن كيران.

وإِنما لاشتباك الرجل مع الحكم والمسؤوليات العويصة، سيما بشأنِ ملفاتٍ اجتماعيةٍ ومعيشيةٍ وتنمويةٍ ثقيلةِ التفاصيل، على أَنَّ تقارير مهنيةً تفيدُ بأَنَّ الحكومةَ المؤلفة من 32 وزيراً، لحزب بن كيران فيها 11 حقيبة، لا تزال تحتفظ، نسبياً، بشعبيتها، وإِن لم يتمكن الحزبُ من توفير أَكثر من 120 أَلف فرصة عمل، وهو الذي كان قد تعهَّد، عشية انتخابات 2011 التشريعية التي أَهلته لقيادةِ التدبير والتسيير في المغرب، بتوفير 210 آلاف فرصة عمل سنوياً، سيما للشباب، ووعد بتحقيقِ نمو بنسبة 7٪، فيما الذي تحقَّق 3٪.

وفي وسعِ المرءِ أَنْ يعلق على هذا المعطى، وثمّة غيرُه طبعاً، بالقول إنَّ من اليسير أَنْ يجهر المعارضون بما يشاؤون من رغباتٍ وتوقعاتٍ وآمال، وبإرادة مخلصةٍ، غير أَنَّ التورط في مسؤوليات الحكم والانخراط في متاهاتِها، غير المتوقعة أَحياناً وغالباً غير المُعايَنة جيّداً، يُجيزُ تأكيد البديهية، المتغافل عنها كثيراً، أَنَّ المعارضةَ سهلةٌ والحكم صعب.

ولأَنَّ الأَمر كذلك، اضطرت حكومة ائتلاف «العدالة والتنمية» مع «الاستقلال» و«التقدم والاشتراكية»، إِلى رفع أَسعار المحروقات والكهرباء وبعض السلع، مع تقديم دعمٍ نقديٍّ للفقراءِ والمعوزين.

وتخوضُ جدالاتٍ في ما بين شركائها في الائتلاف الذي تعرَّض لهزاتٍ غير مرة، بشأن وسائل سد العجز في الموازنة، والإبقاءِ على دعم الأَسعار الأساسية والمضي في الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، من دون أَكلافٍ اجتماعيةٍ مرهقة، مع ارتفاع النفقاتِ الداخليةِ وانخفاض الإيرادات الخارجيةِ وتراجع السياحة وضعف تنافسيّة الصادرات المغربية، إِلى غير ذلك من عوامل ضاغطة، يُؤشَّر إليها أَهلُ الدرايةِ بهذا كله، مع التسليمِ بأَنَّ الاقتصاد المغربي عموماً في حالٍ جيد، وحافظ على وتيرة التدفقات الاستثمارية الأَجنبية، واعتبره تقريرٌ مصرفي أَميركي «الأَقل تأثراً في الشرق الأَوسط وشمال إِفريقيا بالربيع العربي».

هل يمكن القولُ: إنَّ أَداءَ إِسلاميي «العدالة والتنمية» في المغرب في الحكم، في الاقتصاد والحريات مثلاً، يستحق التثمين، بالنظر إلى بؤس إسلاميين آخرين في السلطةِ في غير بلد عربي؟ يُطرح السؤال، وفي البال أَنّ المغاربة إِذ يعجبهم أَردوغان، فإنهم ليسوا على ولعٍ مشرقيٍّ به، وبنموذج حزبِه «العدالة والتنمية»، (الاسم المغربي سابقٌ)، ومبكراً قال عبدالإله بن كيران إِنه ليس أَردوغان.

وليس البعدُ بين الرباط وأَنقرة ما ينفي التشابه بين الممارستين الإسلاميتين، بل هو الاستثناءُ المغربي، في مسارِه الإصلاحي والدستوريّ والكفاحيّ الطويل، يجعل للإسلاميين المغاربة في السلطةِ سمتاً آخر، بدليلِ ما عوينَ في عامٍ مضى.. ونقاشُ المسأَلة طويل.