مبادئ خطيرة يغفلها المسؤولون / بقلم عائشة سلطان

مبادئ خطيرة يغفلها المسؤولون / بقلم عائشة سلطان
مبادئ خطيرة يغفلها المسؤولون / بقلم عائشة سلطان

مبادئ خطيرة يغفلها المسؤولون / بقلم عائشة سلطان

إذا لم نتطور، فنحن لا نستحق نعمة الحياة والتطور وكل الإمكانات المتوافرة لنا، إذا لم نتغير نحو الأفضل، إذا لم نحسن شروط حياتنا وظروف معيشتنا، إذا لم نتجاوز نقاط ضعفنا وفشلنا وأخطائنا، ونعزم على الذهاب إلى الأمام وفي خط مستقيم؛ لأن الالتفات إلى الخلف مضيعة للوقت، والوقوف في المكان نفسه ضد نواميس وقوانين الطبيعة والحياة، إذا لم نتغيّر بعد كل هذا الذي حدث حولنا من ثورات وتغييرات وخضّات سياسية، إذا لم نفتح أعيننا جيداً لنستنتج قانون التغيير، ولماذا تفتت دول واختفت أنظمة وظهرت أخرى لم تكن بالبال، ان تظهر يوماً أو تتسيَّد المشهد، فإننا كأفراد وكمسؤولين نفوت على أنفسنا فرصة استيعاب واحدٍ من أكثر دروس الحياة قسوة وضرورة وخطورة أيضاً، وأن المسؤولين الذين يعتبرون أنفسهم في منأى عن كل تغيير يسيئون إلى أنفسهم كثيراً بهذا الاعتقاد، ولحظتها ينطبق عليهم المثل «على نفسها جنت براقش»!!

إننا في دولة تتمتع بمستوى أمان نحسد عليه، وبقيادة تقول للجميع وبشكل يومي وعلني وواضح، إن التطوير منهج هذه الدولة، وإن المشاركة أحد أهم أسس استراتيجيتها في كل المجالات، فالمواطن شريك في الثروة، وفي العمل، وفي القرار، وفي الحاضر والمستقبل، في السياسة كما في الاقتصاد والثقافة، في أيام الوفرة والمال والبحبوحة، كما كان في أيام الفقر والشظف والصبر الجميل، وإن قيادة تنتهج نهج المشاركة بكل هذا الرقي والكرم الذي نلمسه في كل مكان، لجديرة بأن يسترشد مسؤولوها وموظفوها بسياستها، وأن يفعلوا كل ما في وسعهم لتنفيذ استراتيجيتها، وأول هذه الاستراتيجية تفعيل مبدأ التوطين والمشاركة في كل شأن!

إن الموظفين والمدرسين والأطباء والمهندسين وغيرهم من أبناء الإمارات، الذين تمتلئ بهم مؤسساتها، يعملون جنباً إلى جنب مع مديريهم ومسؤوليهم، وفق مبدأ أعمل معك وتعمل معي لأجل الإمارات، فالمؤسسة لمن يحمل ثقافة المؤسسة ليست ملكاً أو إقطاعاً لأحد، وعليه فالموظف لا يعمل عند المدير أو المسؤول أو الوزير، لكنه يعمل معه، وهُما معاً يتعاونان لتنفيذ تلك الأهداف التي وضعها المسؤول لتنفيذ رؤيته العامة أو خطته الاستراتيجية، إذن فمن حق الموظف أن يعامل بما يليق، وأن يعتبر شريكاً حقيقياً ومتقدماً على الآخرين بمواطنته أولاً، وهذه ميزة منحه إياها دستور الدولة مشفوعاً بعلمه وجدارته وخبرته واجتهاده، ومن هنا يحق للمدرسين أن يتذمروا إذا تقدَّم عليهم الأجانب دون وجه حق، ويحق للموظفين أن يتذمروا إذا بقي الواحد منهم «محلك سر» سنوات دون ترقية مع وجود الدرجات الأعلى شاغرة تنتظر لا ندري من؟

لقد اتفق العالم كله، خلال فترتنا الراهنة هذه وسنواتنا التي نحياها اليوم، على مبدأ التشارك؛ لأنه الطريق الوحيد من أجل استمرار الأمان والاستقرار والتعايش الاجتماعي، الذي يجعل عجلة التطوير مستمرة، ونسبة رضا الناس متحققة، وفي الوقت نفسه يمنع وبشكل قاطع حدوث أي زلازل سياسية غير مرغوبة أبداً من قبل أي طرف، وفي الوقت نفسه يقف في وجه ظهور أو بروز تيارات متطرفة من أي شكل أو اتجاه تتسلق الظرف لتنشر ثقافة التدمير الممنهج لمنجزات ومكتسبات تعاقبت أجيال على بنائها والحفاظ عليها، ولعلَّ بعض المسؤولين عندنا يفتقدون ثقافة الربط بين الأحداث والواقع وبين البعيد والمنظور، فيظنون أنفسهم في منأى عن رياح التغيير، مع أن ما حولهم يقول لهم صراحة إن التغيير هو الثابت الوحيد في الحياة الإدارية وحتى غير الإدارية!