تضييع الوقت وتأجيل الحساب! بقلم: محمد صابرين

تضييع الوقت وتأجيل الحساب! بقلم: محمد صابرين
تضييع الوقت وتأجيل الحساب! بقلم: محمد صابرين

 

تضييع الوقت وتأجيل الحساب! بقلم: محمد صابرين

المعالجات الأمنية تهيمن علي أغلب القضايا في مصر ولم تتعلم مؤسسة الأمن من أخطائها القديمة يبدو أن علينا الانتظار أطول حتي نري التغيير‏,‏ فواقع الحال يقول إن لا شيء تغير في مصر‏:‏ فلا تزال الافكار القديمة نفسها تسيطر‏,‏ ويجري تداولها بصورة تدعو إلي الخجل‏. ولم تزل المعالجات الأمنية تهيمن علي أغلب القضايا, ولم تتعلم مؤسسة الأمن شيئا من أخطائها القديمة, ويبدو أن ما شهدناه من عملية سحل لأحد المواطنين عينة حية لما يجري بعيدا عن الأعين, ولم يعد مبررا الصمت أو تضييع الوقت وتأجيل الحساب. لماذا؟ لأن إختطاف الأمن للسياسة سوف يؤدي حتما إلي الانفجار.. فأذا لم يكن ممكنا ذلك, فالأغلب أننا سوف نشهد ميلاد عصابات مسلحة ستحاول أن تسوي حساباتها مع النخبة السياسية والأمنية بل والاقتصادية والاعلامية في البلاد. ولعل شيئا من هذا قصده المفكر الكبير د. أحمد كمال أبوالمجد عندما حذر بقوله أري بداية انهيار الدولة المصرية, ولا تبدو النخبة السياسية في عجلة من أمرها, بل تلعب لعبة صفرية ـ كل شيء أو لا شيء ـ وهذه ليست سياسة بل مراهقة, لأن جوهر السياسة هو الحلول الوسط والحوار الجاد والمخلص لإطفاء الحرائق, وليس حوار الطرشان. وللأسف الشديد فأن المشهد كله يقول إن الاطراف جميعها مشتبكة في معركة صراع علي السلطة, وليس إنكار الذات, أو الاستعداد للمشاركة في السلطة حتي ولو لفترة مؤقتة للعبور من الأزمة!. وعلي الاطراف جميعا أن تثبت المقولة التي صدعت بها رءوسنا مصر أولا, فحتي الآن لم تسرع القوي السياسية الخطي لأثبات حرصها علي المصالح العليا للبلاد. بل نشاهد أمة تتمزق, وبلدا يحترق, وشوارع تفيض بالغضب, وأعداء بين كل صوب وحدب يعبثون بأمور الوطن. وفي المقابل فأن النخبة السياسية تتقاتل علي جثة السلطة! وللأسف فأن التهمة تطال الجميع بما في ذلك المعارضة, فهي لم تتفق علي مرشح رئاسي واحد في الانتخابات الرئاسية الماضية, والأغلب أنها لن تتفق علي مرشح واحد في الانتخابات المقبلة, وهم حتي الآن لم يتفقوا علي زعيم واحد ليكون عنوانا للمعارضة! وبدلا من عملية إضاعة الوقت وتأجيل الحساب التي لن تجدي, فإن القوي السياسية مطالبة بأن تفكر في أجابة أسئلة حرجة: ماذا لو جرت الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة.. هل لدي المعارضة مرشح واحد متفق عليه, وهل هناك برنامج محدد تم التوافق حوله؟. هل هناك حكومة إنقاذ وطني متفق عليها وعلي برنامجها؟ تري هل لدي قوي المعارضة برامج محددة لحل المشكلات العاجلة, وبحيث ستوضع موضع التطبيق من اليوم الأول لتولي الأمور؟. هل تملك المعارضة السيطرة علي الشارع, أو يمكنها أن تحوز ثقته حتي ينتظر بعض الوقت حتي يتم تلبية المطالب؟. أما بالنسبة لأهل الحكم.. تري هل لدي جماعة الإخوان المسلمين تصور محدد للمشاركة, أم إنها مغالبة حتي آخر المدي وبأي ثمن؟. هل لدي حزب الحرية والعدالة برامج أخري محددة وأوراق كبيرة يلعب بها لأداء مختلف, أم أن الكارت الوحيد هو خيرت الشاطر؟. تري لماذا لا يدفع به حتي الآن؟. وهل يملك الشاطر علاج أزمات الأمة وهو صامت, وجماعته تبخل به؟. وأخيرا.. لماذا كل هؤلاء الناس في شوارع مصر؟.. ولماذا هم علي حالهم من رفض لأخونة الدولة, والاعتداء علي استقلال القضاء, والإصرار علي المطالبة بالقصاص للشهداء. وإذا كانوا مخدوعين فلماذا لم ينجح أحد في إقناعهم بذلك, وإذا كانت هناك مؤامرة فلم لم يتمكن أحد من كشف أطرافها وتقديمهم للعدالة. ويبقي أن وصفة الحكم قد ثبت فشلها بعد عامين من الثورة, وأن النخبة السياسية المدنية قد خيبت الأمل ولم ترتق إلي حجم التصدي. والدليل الأزمات المتراكمة والعناد وتضييع الوقت وتأجيل الحساب. إلا أن ذلك لن يجدي فساعة الانفجار تدوي بعنف. فهل هناك من يستمع قبل فوات الأوان؟!