ازمه الاقتتال و الانتقام والاخلاق في دول الربيع ... احمد السبعاوي

ازمه الاقتتال و الانتقام والاخلاق في  دول الربيع ... احمد السبعاوي
ازمه الاقتتال و الانتقام والاخلاق في دول الربيع ... احمد السبعاوي
ازمه الاقتتال و الانتقام والاخلاق في  دول الربيع...بقلم احمد السبعاوي
 
كنت اشاهد شريط فيديو مسجل ومنشور علي اليوتيوب لعمليه تعذيب وحشيه لمواطن او معارض سوري لافرق عندي, الشريط مدته سبع دقائق ومسجل من قبل جنود الجيش السوري النظامي الذين يتفننوا في تعذيب هذا المواطن, حيث قاموا بخلع ملابسه وسحله في الشارع وضربه بكل ما امتلكوا من بنادق وعصي حيث تذكرت حينها نفسي وكيف ضربيني جنود الاحتلال  بالعصي علي كل انحاء جسدي انا واخي في الانتفاضه الاولي عام 1988حتي افقدونا الوعي وتطلب الامر اسابيعا للشفاء ولا اعتقد انه زالت اثاره بشكل تام حتي بعد اكثر من عشرين عاما.
المشهد السوري ملييء بالتعذيب والقتل والاغتصاب والتشويه والذبح وكنت ارفض مشاهده كل هذه الفيديوهات لبشاعتها وعدم انسانيتها او انسانيه مرتكبيها, جرائم وحشيه تقشعر لها الابدان وترتجف لها النفوس وتثور لها القيم والاديان وكل التاريخ الانساني ونتساءل هنا كيف يفعل ابناء الشعب الواحد هذه الجرائم ؟ كيف يمكن ان ترتكب هذه الجرائم ايادي عربيه او مسلمه او حتي من اي ديانه او ثقافه اخري  بابناء وطنها ؟ قمه البشاعه البشريه وقمه الانحطاط الاخلاقي ايا كان مرتكب هذه الجرائم. جلست ايام اتساءل وافكر فيما حدث حول الربيع العربي وثوراته وكيف اصبحنا نري سلوكيات قمه في الوحشيه وانحطاط الاخلاق في التصارع بين السلطه والمعارضه او بين المعارضه مع المعارضه  او فقط بين السكان لسبب اختلاف قبلي او عشائري او ديني , هنا استذكرت الاهميه القصوي لادبيات المعركه وقواعد الحرب حتي القتل  في اي معركه بين المتحاربين وقد شملت هذه في مواثيق بشريه من معاهدات جينيف الي الاعلان العالمي لحقوق الانسان والجرائم ضد الانسانيه الي كل الاديان وكل الرسل والحضارات من قبل ,   حيث حثت  كل الشرائع هذه والمواثيق علي التعامل باْخلاق مع العدو والالتزام بالقواعد الانسانيه للاقتتال والحرب.
 
في الموضوع الليبي برزت هذه النعرات متستره تحت شعار القبيله والمنطقه وكان الصدق والاخلاق غائبين في كل المعركه وحيث تم استباحه كل شيء من التحالف مع الناتو الي قصف المواطنيين الليبين بالطائرات الي ملاحقه العمال الافارقه واتهامهم بالمرتزقه الي حبسهم وترحيلهم وتعذيبهم بسبب لون بشرتهم وكان التعامل مع الليبيين من القبائل الغير مواليه للمعارضه بشكل استباحي وتبرير كل الجرائم تحت شعار انهم من جماعه القذافي وبالتاْكيد هناك الاف الامثله والتفاصيل الموثق منها قليل ولكن كل عنوانها الظلم فكاْننا نريد ان نحارب الظلم والاجرام بالاجرام ؟ هذه كانت فتره هامه في التاْسيس لمرحله جديده عنوانها الرغبه في الانتقام, لم تكن ثوره علي الظلم لتبني العدل بل كانت ثوره علي الظلم لننتقم ونمارس الظلم وثوره علي الاضطهاد لممارسه الاضطهاد .
...
في سوريا المعركه اكثر دمويه والنظام فاشي من الطراز الاول لايتواني في قصف شعبه بالطائرات وصواريخ سكود كي يبقي بالسلطه بشار هذا الرئيس الذي ورث الحكم في نظام جمهوري عن ابيه المجرم الاسبق . ورغم كل التفاعل مع مطالب الشعب السوري بالحريه والديموقراطيه الا اننا لايمكن ان نغفل اعيننا عن افعال الاجرام التي يقترفها عناصر من الجيش الحر او قوي المعارضه الاخري ضد اي اسير او جريح او طفل او امراْه او شيخ..هناك حرمات وضعها الله وهناك سنه وسلوك يجب ان يتبع في التعامل مع الاعداء زمن المعركه , لايجوز ابدا ان نقبل اي سلوك وحشي او تعذيب او قتل ايا كانت الاسباب او الاطراف المشاركه فيه . هناك حرمات اولها حرمه قتل النفس التي حرم الله الا بالحق وهناك قوانين دوليه وضعت لزمن المعركه سواء معركه داحليه بين ابناء الشعب الواحد او بين شعوب واديان مختلفه.....
 
هنا علينا ان نفكر ونحلل اسباب الانحطاط الخلقي والقيمي في وقت المعركه وهل هذا فقط بسبب المعركه وبعدها نعود احباء وابناء الشعب الواحد ام اننا نحن طوال الوقت نعيش في دائره من الحقد والكره لبعضنا البعض ؟ هل نحن شعوب دمويه تقدس القتل والاغتصاب والتبشيع في القتل ؟ هل الرغبه في القتل والانتقام هي رغبه مغروسه عميقا في نفوسنا نمارسها كلما اتيحت الفرصه ؟ هل  سلوكنا هذا مجرد رده فعل طبيعيه لوحشيه النظام وقمعه الطويل لنا كشعوب؟هل  كنا نخاف من اجهزه الدوله وسجونها وبالتالي كنا صامتين نتحين الفرصه لاخراج مابداخلنا من سلوك بربري؟ نتساْل هنا من نحن والي اي الازمان ننتمي ؟ هل فعلا نحن شعوب عمرها الاف السنيين ومكتمله النضوج وتعرف طريق الحق وكانت مهبط كل الشرائع السماويه والاديان؟ هل فعلا نحن من علم الكون الاديان والاخلاق ونقل لهم رساله الاسلام بما فيه من عدل وتسامح؟ ماهي اسباب هذه السلوكيات؟ لماذا وكيف؟ اسباب هذه الوحشيه ودوافعها؟ هل المعركه نحو السلطه للمعارضه او التسبث بالسلطه لمن بالسلطه تستحق كل هذه الوحشيه؟ هل مر علينا اوقات كنا فيها وحشيين ومنحطين ودمويين وساديين بقدر هذه المرحله ام لان هناك كاميرات ويوتيوب واعلام نستطيع مشاهده وتوثيق ورؤيه السلوك الوحشي فينا؟
     
 
علينا ان ندرس هذه الظاهره ونحللها ونفحص ان كانت هذه السلوكيات هي بسبب خلل في الدين والاخلاق وان كانت كذلك فاين دور العلماء ومسؤليتهم؟ هل ايضا لعب الاعلام دورا حاقدا ومفرقا وكيف نعالج وندرس الطرق الافضل ليكون الاعلام اكثر وحدويا وايجابيا؟ هل القيادات السياسيه الطامحه للحكم لها دور ؟ كيف لها ان تبني مفاهيم السلم الاهلي وتطمئن الناس علي حياتها وتحث كل المشاركين في الثوره علي عدم تجاوز ميثاق الشرف والاخلاق مع ابناء شعبهم وتعزيز التضامن بينهم. ان العنف والرغبه في الانتقام وان كانت من سمات الانظمه الحاليه الحاكمه والمستبده , لايجوز لنا ابدا ان نقلدها ونتبع نفس اساليبها في الوحشيه والقتل , اننا ونحن نؤسس لمرحله سياسيه جديده بحاجه الي التعامل مع تجارب الاخرين والاستفاده منها وتقديم حلول وخطوات عمليه لهذا العنف المجتمعي الرهيب, اننا بحاجه لجهود جباره بعد عمليه وقف الاشتباك لاعاده اللحمه والطماْنينه والقيم والاخلاق لمجتمعنا وضروره صياغه عقد اجتماعي جديد نراعي فيه بعضنا ونحافظ علي قيمنا واخلاقنا وديننا في زمن المعارك وزمن السلم. عقد اجتماعي يحافظ علي الصغير ويحمي الضعيف ويكفل لابناءه العدل والمساواه ويخلصهم من العصبيه والحقد الاعمي.
ان للاعلام والدعاه والقيادات المجتمعيه دورا اساسيا في كل المراحل ليحموا ويدافعوا عن الوحده ونبذ الخلافات وبناء دوله القانون بعيدا عن الانتقام والدم....ان فلسطين ايضا بحاجه ماسه  الي هذا التوجه بعدما كانت مسرحا لحوادث الاقتتال والتحزب الاعمي