في الفن .. أنت متأمل أم حكيم ؟ / لـ أحمد عاشور

في الفن .. أنت متأمل أم حكيم ؟ / لـ  أحمد عاشور
في الفن .. أنت متأمل أم حكيم ؟ / لـ أحمد عاشور

في الفن .. أنت متأمل أم حكيم ؟ / لـ  أحمد عاشور
 
السينما متعة لا موعظة .. السينما إبهار بصري للعامة والخاصة ثم تسويق للأفكار .. للقيم .. للثقافات .. مما يُكوّن رأيا عاماً وعقلاً جامعا للأمة ، فهم البعض جزءاً من القصة وانبهر بالصنعة فأحب أن يجر المصنع لبيته ، أمسكوا بالقيم و صفوها على الأرض جنباً إلى جنب وتأملوا فيها ثم قرروا أن يسموا انتاجهم الجديد بـ "الفن الملتزم" ركزوا على الالتزام و...لم يتقنوا الفن لم يعيشوا للفن بل عاشوا فقط للقيم وان ناقشتهم في الصنعة ناكفوك بالقيم .. فأظهروا القيم العظيمة برداء سخيف .

بعيداً عن ديباجة ذكر اليهود وهوليوود كلما ذكرت السينما مما يبعد شبابنا ألف سنة ضوئية خوفاً وورعاً من الصنعة ، ما يميز صناع السينما العالمية أنهم بالأصل أصحاب حرفة عاشوا لها فصنعوا ماكينة السينما الجبارة التي يلقون بها أبسط الافكار فتخرج علينا برداء مثير ، قد حصل أن يقضي شخص يومين من النقاش حول فكرة كان يعيشها هو كل يوم الى أن صنعها له هوليوودي لماح .. فلمعت.

صناعة السينما هي سوق الخيال فيه الخيال أصل منذ الصغر لا ترف يلام به المرء ، ثم هي صناعة القلم بالأصل لا شراء كانون 5D ولعب بالمونتاج فقط ، فمن أقلامنا أحيانا نقصف من الغرب بأفلام تحاكينا "ألف ليلة وليلة" و " صلاح الدين " وغيرهم خير مثال.

أتذكر يوم قرر البعض عمل فيلم عن سيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام فأنشأت شركة برأس مال جبار ، وبدأ أول مؤتمر باركه الشيوخ جنباً الى جنب مع الفنانين وأجازوه لهم ، كانت جلسة أشبه باستسلام الفن أمام الدولار ومجاملة الشيوخ للكل بجهل حتى مال أحدهم لزميله وهمس "مش حرام كل الفلوس دي" ، كان الضحك من فلم "الرسالة" للعقاد على أشده من بعض البعيدين عن الحرفة داعين لمخرج فلم "ملك الخواتم" بالاسلام والذي جلس بينهم مبتسماً عل مضض وكان قد كلف بانتاج فلم عن الرسول .. وما زلت مؤمنا أن الرسالة للمسلمين أهم من الرسول .. ويضحكون !

اذا اتجهت غربا فستجد "سينما التأمل" .. هي التي تفتح لك كمشاهد أبواب الذكاء لتفكر وتكتشف وتعيش القصة بتأمل دنيوي وتفكير فلسفي مفتوح ، في نفس الممثل تجد الشر والخير وأحياناً يفوز أحدهما على الآخر في نفسه وذلك ما يصنع التشويق في متابعتك لانسان مثلك ، وفعلياً هكذا هي الدنيا واقعاً فهي لا تضع الشرير في قالب الأبيض أو الأسود فقط كما يحصل اذا اتجهت شرقاً فستجد "سينما الحكمة" التي تمسك بيدك لتريك الصح من الخطأ فالبطل لا يخطئ والشرير مكتمل السواد بلا قلب ومعظم فلسفة العرض وان تلونت وعظ .

قناعتي أن الفن لأجل الفن هو ما يصنع أميالاً من الأهداف ويبقى "الفن الهادف الملتزم" سجن صنعناه بجهل لكثير ممن فكروا أن يحترفوا الصنعة فاصطدموا بالقوانين التي أحالتهم إلى أنصاف فنانين ، والعيون الشرعية والقانونية تراقب بإغراء موهوباً حراً يطير .. تريد أن تطوعه لأهدافها فتنزله للأرض .. فينتهي وينتهوا
ونعود من جديد نردد .. أين الفن ؟