مخاطر التصنيف بقلم : أماني محمد

مخاطر التصنيف  بقلم : أماني محمد
مخاطر التصنيف بقلم : أماني محمد

مخاطر التصنيف

بقلم : أماني محمد

صارت التصنيفات هي السائدة لدى البعض في تحديد هوية البشر. فلم تعد تكفي بطاقة الهوية، فلابد أن تحدد توجهك الفكري حتى تمنع أي التباس، وأي قلق أو تساؤل مريب، يصنف الناس إلى ليبراليين أو سلفيين جهاديين، أو علمانيين، والأهم الوهابي الذي لا نعلم من أين أتت هذه الصفة؟ وكيف تحول سكان الخليج إلى وهابيين؟

خلاصة القول إن هذه التصنيفات هي قمة الإجحاف في حق الآخر ووضعه ضمن إطار عليه أن لا يخرج منه، وكأن الإنسان متهم، تهمته بينة، وليس العكس، وهو الأمر الذي كان يصعب تصديقه حين انبرت صحف عراقية لتطلق على فرق كرة القدم الخليجية بـ «فرق وهابية»، وبالتالي لابد من الانتصار عليها.

هذه الذهنية الغريبة علينا نحن أهل الخليج، تكشف عن نعرة طائفية متجددة في عقلية الآخر، وكأن الوهابي شخص يستحق أن يهزم لفكرة الوهابي الذي يلتزم بالسنة الصحيحة.

والأهم ما الذي جاء بمثل هذا التصنيف في لعبة رياضية يفترض بها أن تكون رياضية بلا ترسبات سياسية أو خلافات، أو أي هموم حياتية غير اللعب النظيف والممتع.

هناك نوايا غير حسنة وحديث يغرز سواداً قاتماً يعمم على العامة، وينشر لدى هذه الجموع أحقاداً هي في غنى عنها، بل ربما ذهبت لأبعد منها حين نرى أبناء الوطن الواحد يتناحرون ويتبارون بسبب الخلاف المذهبي لا أكثر.

ماذا سيأخذ مثل هؤلاء غير الكثير من المشكلات، ومزيد من حالات التخوين والشك في الآخر حتى وإنْ ثبت عكس كل ما يتهم به.

فسكين الفُرقة تتجول على أجساد الجميع، ليحملوا ضد بعضهم بعضاً ما لا يمكن وصفه أو تحديده من مشاعر متناقضة، لم تكن في يوم ما تخطر على بال أي منهم.

ثم ما الذي يستدعي الزج بالتصفيق في لعب كروي يحظى بشغف لدى أبناء الخليج، وهو مناسبة للحوار وإعلان الأخوة الحقيقي بين أبناء الخليج العربي.

فليس من الأخلاق أو العدالة، أو أي مسمى إنساني أن نطلق على أحد نعيش معه ونعلن عليه الحرب لأننا قررنا ذلك.

فهل التصنيف تهمة؟ وهل يستدعي التصنيف ضمن إطار فكري ما أن يتعرض المرء للضرب تحت الحزام، وربما أبعد وأشرس من ذلك؟ هذه الأمور التي تنطوي على إجحاف لا يفعلها إلا متحفز لقتال من يريد أن يشق الصفوف، ليكون هو الكاسب لأن غيره يتشاجرون في حرب وهمية بلا معنى، إلا أنها تخدم مصالح من كشر عن أنيابه ليحقق هدفه بالسيادة والطغيان.

لم نكن يوماً ما نُصنّف أو ننتمي لغير الإسلام والعروبة بلا أية إشكاليات سياسية ملتوية تأخذ الناس إلى متاهات بلا نهاية

عن جريدة الاتحاد.