الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين»..بقلم : خليل علي حيدر

الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين»..بقلم : خليل علي حيدر
الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين»..بقلم : خليل علي حيدر

الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين»..بقلم : خليل علي حيدر

الانفصال عن جماعة «الإخوان المسلمين»  واستعادة الاستقلالية والحرية الدينية والفكرية، ليس بالظاهرة الجديدة في الإسلام السياسي. ولكن انشقاق الكاتب والمحامي «ثروت الخرباوي» كان ولا يزال حدثاً متميزاً نال لحسن الحظ ما يستحق من متابعة واهتمام. فهو أولاً منشق على الجماعة المصرية الأم، أقدم حركات «الإخوان» وأول بُناتها، وهو من الشخصيات القيادية التي توغلت داخل الجماعة وعرفت أسرارها وجناياها، ولم يعمد الخرباوي إلى الصمت بعد تركه للجماعة ولم يترك لنفسه «خط رجعة» كما يقال، بل حرق كل سفنه، وفضح بعض الأسرار العزيزة في محافل الإخوان، وهاجم كل شخصياتهم الواجهية والسرية، وشبه الجماعة نفسها بالحركة الماسونية التي لا تكف جماعة الإخوان عن مهاجمتها في كل كتاب وخطبة ومقال.

ومما يحسب للخرباوي بلاشك أن انتقاداته ضد «الإخوان» بدأت منذ سنوات وتصاعدت، رغم تطور الظروف السياسية لصالح الجماعة ورغم عدم اضطراره إلى معاداتها بهذه القوة والاستمرارية والخصوصية. كما أنه لم يبال بما كان سيكسب من مال وجاه لو استمر مع هذا الحزب الذي يطبق على الكثير من مراكز النفوذ داخل مصر وخارجها، ويتمتع بمبالغ لا تُحصى من اليورو والدولار... والدينار! شارك الخرباوي في يناير عام 2013 الحالي في ندوة القرين بالكويت، وأجرت معه صحيفة «الوطن» الكويتية مقابلة مطولة، كما كان ضيفاً بارزاً في «دار معرفي» بمنطقة الدسمة. لماذا أقدم على فضح الجماعة، سألته الصحيفة، رغم أن «المجالس أمانات»؟ فأجاب: نعم المجالس أمانات، في الأمور والحياة الخاصة. «لكن المجالس لا ينبغي أن تكون أمانات إذا كان الأمر يتعلق بمصلحة الأمة». في حركة «الإخوان»- أضاف الخرباوي- من هم مخالفون للحركة، ولكنهم يريدون الاستفادة منها: «أحترم رغبة بعض الذين خرجوا - من جماعة الإخوان - في عدم البوح بكل شيء، كما فعل د. الهلباوي أو محمد حبيب أو مختار نوح أو غيرهم، ذلك لأن هناك طموحات سياسية لدى البعض... «جماعة الإخوان» تمارس أقصى درجات الحرب ضد من خرج منها، خصوصاً بالنسبة لي شخصياً».

كان الخرباوي قد صرح في عام 2005 بأن الإخوان بحاجة ماسة إلى معالجة أخطائهم، تجاوزهم التاريخ، وتحول مقرهم «إلى متحف... وستزداد تماثيل الشمع في لندن تمثالاً لآخر مرشد لهم». غير أن «الإخوان» واصلوا صعودهم، وهم اليوم يقودون البلاد، فما قول الخرباوي؟ «مازلت مصراً على هذا الذي قلته، فالإخوان صعدوا ولكن إلى الهاوية، وهو الصعود الذي يسبق الانحدار.. وقد كان ينبغي أن يصلوا إلى الحكم لكي يعرفهم الناس على حقيقتهم، وقد عرفوهم فعلاً وبدأت شعبيتهم تنهار». شبّه الخرباوي جماعة الإخوان بالقمر!

القمر في عيون الناس الذين لم يهبطوا على أرضه كان جميلاً رائعاً شاعرياً. «ولكن الآن الناس هبطوا على أرض الإخوان، فرأوا المكان معتماً شديد الظلام ومليئاً بالحفر والمطبات». وأضاف «إن الإخوان يرفعون راية الإسلام ولكنهم في حقيقة الأمر يمارسون سلوكيات الحزب الوطني... في داخل التنظيم توجد مؤامرات وأحقاد وصراعات ومحاولة لتحقيق مصالح خاصة بعيدة كل البعد عن الإسلام».

"الإخوان"، يقول الخرباوي، «جماعة لا وطن لها، وهم يتبعون سياسة الخطوة خطوة في سبيل تنفيذ مخططهم. إنهم سيستعينون بإيران سراً لإنشاء جهاز أمني يتبع الرئاسة يكون بديلاً للمخابرات العامة وللأمن الوطني حيث إن الجماعة لا تثق في الجهازين».

وتحدث الخرباوي في الخطط التنظيمية لجماعة الإخوان، فقال إن الجماعة تؤمن بأن «لا حرام مع ضرورة»، وجماعة الإخوان في كل تصرفاتها تسير وفق هذا المبدأ الذي بات يتسع لديهم. وأيّد الخرباوي ما يُقال عن إيمان الإخوان بمبدأ «تصدير الثورة» إلى العالم العربي، لأن هذه الفكرة «قائمة في أذهان الإخوان، فهم يريدون تصدير الثورات إلى المنطقة كلها لكي تصبح تابعة لجماعتهم». المصري «انفصال حقيقي»، ولكن حالياً، «هناك وشائج قربى وعلاقات طيبة، فإخوان الكويت الكويتيون معجبون بالنموذج المصري وبكيفية الوصول إلى الحكم، ويمكن القول إن العلاقة بين الطرفين جيدة لكنها ليست علاقة تبعية، وفقط إخوان الكويت على نفس فكر الجماعة في مصر... هذه هي الحقيقة». تحدث «الخرباوي» بمزيد من الإسهاب في «دار معرفي» عن العلاقة بين الإخوان والماسونية! وبيّن أن البنا اقتبس أشياء من الماسونية لكنه لم يكن منتمياً للماسونية. غير أن الشيخ محمد الغزالي في كتابه «ملامح على الحق»، -أضاف الخرباوي- تحدث أن المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين «حسن الهضيبي» كان ماسونياً، وكذلك «مصطفى السباعي»، مسؤول الإخوان في سوريا. وأردف «أن البيعة في الجماعة والماسونية هي نفسها وكذلك نظام الانضمام». والواقع أن كل من يدرس حركة الإخوان وأساليب تحركها وتنظيمها وأفكارها وشعاراتها يلمس بوضوح مدى تأثرها بحركات وتيارات سياسية وحزبية عديدة وبخاصة الماسونية والنازية والفاشية والجماعات التبشيرية والأحزاب الشيوعية، بل إن د. حسن الترابي، مرشد إخوان السودان، يعترف صراحة بالاستفادة من الأحزاب الشيوعية مثلاً. أما الحركة التبشيرية، كما يقول باحث من الإسلاميين، فقد كان المبشرون «يتوسلون بظاهر الأعمال الاجتماعية الرحيمة إلى باطن التنصير، ومن أوجه النشاط الذي يُستغل فيه التنصير: جمعية الشبان المسيحيين وجمعية الشابات المسيحيات، والمخيمات ومؤتمرات الطلاب، والألعاب الرياضية، وبيوت الطلبة، وملاجئ الأطفال.. الخ، مظاهر كلها بريئة ولكنها تحمل في طيّاتها التنصير». ومن أساليب الإخوان في جهازهم السري ما يذكره أحد أعضاء الجهاز، أحمد عادل كمال، في كتابه، أن أعضاء التنظيم السري كانوا يسمون المسدس المصحف، «حتى لا نلجأ في أحاديثنا إلى ذكر المسدسات». ومن التفاصيل التي ذكرها الخرباوي من أسرار الجماعة توضيحه وجود بيعتين في الجماعة، «الأولى هي العادية التي تتم للتنظيم المدني، وهذه بايعتها وغيري كثر فعلوها، لكن هناك بيعة النظام الخاص الذي أنشأه البنا عام 1939، ثم تعطل خلال الخمسينيات، ومنذ عاد الإخوان في السبعينيات حتى منتصف الثمانينيات - من القرن العشرين - لأن التلمساني كان رافضاً له بشكل قاطع، وعندما عاد النظام الخاص كانت عودته سرية من دون علم بقية مؤسسات الجماعة وذلك على يد مشهور. إذن بيعة النظام الخاص في الغرفة المظلمة لا تزال موجودة». وتبقى بالطبع تفاصيل كثيرة في إجابات وتجربة الكاتب والمحامي ثروت الخرباوي، ولكن السؤال الكبير في اعتقادي هو هل وضع يده على وثائق خاصة بالجماعة؟ وهل ينوي نشرها؟

عن جريدة الاتحاد