خبر سعيد لولو ورائد نصر .. رمزا ثوره ضد التهميش والواسطة والحزبية في التوظيف

خبر سعيد لولو ورائد نصر .. رمزا ثوره ضد التهميش والواسطة والحزبية في التوظيف
خبر سعيد لولو ورائد نصر .. رمزا ثوره ضد التهميش والواسطة والحزبية في التوظيف

بقلم-سهيلة عمر: 

تعجبت ان يتجرأ الشابان سعيد لولو ورائد نصر  بالأضراب امام الجلس التشريعي لا عطاءهما حقها في التوظيف، ومع ذلك لم تشفق عليهما أي مؤسسه خاصه او عامه بمنحهما أي نوع من عقود العمل ولو عقد عمل مؤقت. تم اعتقالهما مسبقا ثم افرج عنهما، الا انهما اصرا على مواصلة نشاطهما بالمطالبة بحقهما في التوظيف. واقرا مناشده محزنه من والد احدهما للأفراج عنهما وقد تم تحويلهما للنيابة العامة مما دفعني لكتابه مقالي هذا.

 

جميعنا ذاق معاناة هاذان الشابان ، فنحن في وسط يسوده الواسطة والمحسوبية ولا يقدر الكفاءات العلمية او العمليه. سأسرد مقدما مقارنه عن معاناتنا في ايجاد فرص للتوظيف بالقطاع بين الامس واليوم في عهدي حكم السلطة وحماس:

 

•          بالنسبة للتوظيف في عهد السلطة في غزه قبل 2007، فاذكر انني عندما اتيت القطاع عام 1998. ذهبت للتقدم للعمل لسلطة الطاقة في غزه وكان معي ماجيستير بالطاقة فتفاجات بزحلقتي مع انني متخصصه بالطاقة بأساليب غريبه جعلتني اكره اليوم الذي تخصصت فيه طاقه. كان يتم التهكم علي باستهتار ويقال لي اذهبي ابحثي عن جامعه فهم ليسوا بحاجه لمؤهلات عليا في الطاقة. وعندما كنت ابحث عن جامعه ، كنت اتفاجأ انني غير قادره حتى ان احصل على مجال تدريس ولو ماده بالساعة حيث يتم توزيع المواد بالواسطة للمعارف.  كانت أي اعلانات  تنزل هي اعلانات وهميه، فعلى سبيل المثال كان يقال لي في الجامعة الإسلامية صراحه ان الاعلان نزل لتعيين شخص من حماس تم دعوته واستثناء الباقين وذلك من حقهم لان السلطة تقصي ابناء حماس من التوظيف فعليهم استيعابهم. اما الجامعات الاخرى فكانت تعين بدون اعلانات توظيف للمعارف. سمعت عن طبيب دفع 7000 دولار للتوظيف، أي انه اشترى وظيفته بالمال. اقصى ما حصلت عليه هو منحه لدراسة الدكتوراه في الطاقة، فرفض والدي ان اخرج الا بضمان توظيفي عند عودتي لا نه يلمس ان من يسيطر على سلطة الطاقة والجامعات عصابات لا تحترم المؤهلات العالية، ورفض التعليم العالي اعطاءه أي ضمانات. اصررت ان اخرج وقلت له ان الله اكبر من هذه العصابات وسيعطيني من حيث لا احتسب على قدر حبي للعلم ونضالي من اجل الحق، فتهكم علي انهم سيعايرونني عند عودتي بالسن او حتى بالدكتوراه، وبالفعل هذا ما حدث.   اتممت الدكتوراه وعدت عام 2003 لا تفاجأ ان الوضع لم يتغير فنفس المجموعه تسيطر على سلطة الطاقة وامتدت الى شركات الكهرباء التي كانت تدار من قبل مسئولين في سلطة الطاقة  فأصبحت ممالك خاصه لهم لتعيين معارفهم وزحلقة المتخصصين بالطاقة. اصبحت الدكتوراه عبا ثقيل ومبرر جديد للإقصاء بما انني سأشكل خطر للوصول لمنصب عالي، و نجحت مخططاتهم بدليل ان مدير مكتب وكيل الوزارة اصبح وكيلا وهو لا يحمل أي مؤهل هندسي ومؤهله اداري. اما الجامعات فهي مستمرة بسياساتها حيث تقوم بتوزيع المواد لا بناء الفصيل الذي تتبع له الجامعة، وامتدت سياستهم حتى الى الجامعات الخاصة حيث ان رؤساء الجامعات الخاصة هم بالأساس مسئولون بالجامعات الحكومية والأهلية وتوارثوا سياستها. بل ذهب استغلالهم ان يطالبوا الكفاءات بالتطوع لمدة عام ليسمحوا لهم بالعمل بعد ذلك باي اجر.    اما اليوم فاصبح اقصائي من التدريس قسري بحجة كتابتي عن ممارسات هذه الجامعات التي تريد ان يشهد لها العالم بالشفافيه. اما من نجحوا بالوصول لوظيفه في المؤسسات الحكومية فهم يعانوا التهميش والقهر الوظيفي حيث يبقى الموظف تحت رحمه مدير مؤهلاته متواضعه ووصل لمنصبه بالتزكية، ان شاء مديره فعله وزكاه وان شاء قضى عليه بتقاريره الكيدية.

 

•          توقع الناس الاصلاح مع فوز حماس بالانتخابات عام 2006، لكن كنت ارى جيدا عنصريتها في الجامعة الإسلامية فلم انتخبها وحذرت انها ستمارس نفس الاقصاء والعنصرية في مؤسسات السلطة. نظرا للإقصاء الوظيفي الممنهج لا بناء حماس من الوظائف في عهد السلطة قبل 2006 دفعها فوزها بالانتخابات لمحاوله الوصول للسلطة بأقصر الطرق فلجأت للانقلاب عام 2007 مشرعنه ذلك بفوزها في الانتخابات التشريعية وكان هدفها ان تسيطر بالمطلق على كافة المؤسسات لتعين وتجبي وتعتقل وتستفرد بالقرارات والاراضي والاموال بدون أي عوائق. هذا غير ان سيطرتها المسلحه اخلت باوضاع الموظفين الوظيفية وهم لا علاقة لهم بالاحداث، فاصبحوا مقسمين بين موظفين موالين للسلطة التزموا بقرارها بعدم التوجه للعمل فأخذت حماس تتعامل معهم كمواطنين درجه دنيا وتحرمهم ابسط الحقوق، وموظفين موالين لشرعيه حماس، ومع كل تلك المتاهة التي وضع فيها حوالي 70 الف موظف لم تتراجع حماس عن انقلابها. نفذ من تلك المتاهة موظفي الصحة والتعليم والطاقة والشئون المدنية الذين لم يجبروا على الجلوس في البيت. ثم لجات حماس لاتفاق المصالحة كتكتيك لتحويل ازماتها المادية الى السلطة ومطالبتها برواتب موظفيها ونفقاتها التشغيلية مع بقاء سيطرتها في القطاع. طبعا التعيينات في معظمها اصبحت حكرا لا بناء حماس منذ عام 2007 الى اليوم. هذا غير ان اعلانات توظيفهم قائمة على الاقصاء الوظيفي، فيتم اشتراط السن اقل من 30 عام في البلديات وشركة الكهرباء وسلطة الطاقة ومعظم المؤسسات الحكومية وكأنهم يبحثون عن عرسان وعرائس وان وجدت امتحانات تكون خيار من متعدد وبها اخطاء فلا يمكن ان تقيم احد. اما اعلانات وظيفه مدير فتكون وهميه بدون امتحان، حيث تكون المقابلة شكليه بدون اساله مهنيه او معايير ومن ثم تجد ان المقعد محجوز ولا جدوى للتقدم لها من الاساس.

 

•          اما المؤسسات الأجنبية بما في ذلك الاونروا وال undp والمؤسسات الدوليه فيتقدم لها المئات والتعيين بالواسطة، وغير ذلك ان الاونروا تقتصر خدماتها التعليمية والصحية والإنسانية ووظائفها على اللاجئين من دون المواطنين بعنصريه شديده.

 

•          اما المؤسسات الخاصة فتستغل الشباب ليعملوا باجر جدا زهيد حتى الساعة الرابعة. واسمع عن سبيل المثال عن مبرمجين يعملون ب 400 دولار شامل المواصلات  في حين ان في الخارج يحصل المبرمج على 4000 دولار

•          من الصعب ان يستطيع ان يخرج مواطن من غزه للعمل في الدول الاخرى في ظل اغلاق معبر رفح، وان وجد فرصه من خلال احد اقاربه او بضربة حظ فانه يعمل بعقد مؤقت ويكون مهددا بعدم تجديد العقد بدون سبب لمجرد وجود مواطن بديل له، فلا يوضع أي اعتبار لغربته او خدمته وخبرته في العمل بسبب العنصرية في هذه الدول 

 

•          من الغرابة ان يلجأ كثير من الفتيات والشباب للوصول الى فرص  زواج بالخارج من خلال النت هروبا من ازمة البطالة ويكون ذلك بعلم الاهل ودعمهم. هذا ناهيك عن سعي الالاف من مواطني غزه للهجرة لدوله أوربية تقبل استضافتهم باي طريقه ولو بتعريض حياتهم للخطر عن طريق البحر.

 

هذه هي الصورة التوظيف في غزه قبل وبعد احداث عام 2007 بكافة المؤسسات. لا يوجد مكان للمؤهلات العلمية او الخبرات الأكاديمية او العملية وكلما زادت مؤهلاتك زادت فرص اقصاءك عن العمل وتهميشك، لذا اصبحنا نرى صور محزنه في المجتمع وابرز صورها  اضراب الشابين  سعيد لولو ورائد نصر للمطالبة في العدالة بتوفير فرص عمل بعيدا عن الواسطة والمحسوبية امام  المجلس التشريعي. هم يحاولون ان يوصلوا رساله للمجلس التشريعي، ان قيادة حماس خططت للانقلاب الذي ادى بنا لأغلاق المعابر والحصار ليسيطر ابناء حماس على مؤسسات الدولة فيستفردوا بالتوظيف والقرارات فيها، فهم اذن مطالبون بحل مشاكل الخريجين وتوفير فرص عمل لهم. هم يقولون لسنا رهائن لرغبتكم بالسلطة والسيطرة على مقدرات البلد، اننا لا نستطيع ان ندفع فاتورة الكهرباء والماء والمواصلات والجامعات والاكل والشرب والضرائب وايجار البيت ما دمنا لا نعمل. عندما همش ابناء حماس من الوظائف من قبل السلطة لجأوا للانقلاب عام 2007 ، فهل يستكثرون من شابين مجرد الاضراب عن الطعام للحصول على حقوقهما بالتوظيف في غابه تسودها الواسطة والحزبيه والصراع على السلطه والوظائف فيها؟؟

 

في كافة دول العالم، يوجد اليات لتوفير فرص عمل للخريجين. تعمل وزارة العمل بتامين فرص توظيف للخريجين من خلال التواصل مع المؤسسات الخاصة، بحيث لا يبقى خريج مواطن بدون عمل. هذا غير انه يكون شفافية في التوظيف في كافة المؤسسات العامة والخاصة ويراعى فيها المستوى الاكاديمي والخبرات بعيدا عن الواسطة والحزبية. وفوق ذلك يوجد مكاتب توظيف بالساعة لمن لا يجد عمل حتى لو كبائع. فمتى نتعمل منهم النظام ؟؟

 

لست مع اسلوب هذين الشابين في اهانه  انفسهما للمطالبة بعمل، لكن اشعر بما يشعرا بها وارى انهما  نجحا ان يوصلا رسالتهما ويكونا اقوى من المسئولين الذين يتحكمون في التوظيف فيمثلا رمزا ثوره ضد الاقصاء الحزبي والانقسام والواسطة والتهميش في التوظيف. اخرجوا الشابين من السجن فرسالتهما اعظم من ان يعاقبا عليها بالسجن، وان لم تساعدوهما فلا تاذوهما