الحديث في فتح عن المُحرمات ...د. سفيان ابو زايدة

الحديث في فتح عن المُحرمات ...د. سفيان ابو زايدة
الحديث في فتح عن المُحرمات ...د. سفيان ابو زايدة

الحديث في فتح عن المُحرمات ...د. سفيان ابو زايدة  

في عهد الرئيس الرمز ابو عمار لم يجرئ احد في الساحة الفلسطينية  الحديث عن طرح السؤال بشكل علني حول من سيخلفه اذا لا سمح الله حدث له شيئ، حيث  لم يجرئ احد على الحديث عن تعيين نائب للمناصب المتعددة التي كان يشغلها و التي اهمها رئيس المنظمة و رئيس السلطة و رئيس دولة فلسطين و رئيس حركة فتح. من الناحية العملية رحمة الله هو كان رئيس كل شيئ في النظام السياسي الفلسطيني الذي تم تفصيلة الى حد كبير بما يتلائم مع شخصيتة و رمزيتة و قدراته القيادية التي لا خلاف حولها.

الكثير كان يعتقد بما في ذلك كاتب هذه السطور، ان حالة ياسر عرفات لن تتكرر، و ان الشعب الفلسطيني سيحرص على ان تُوزع المهمات التي كان يشغلها على اكثر من شخص. كان هناك اعتقاد ان المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني تقتضي ان تكون القيادة جماعية و ليس بالضرورة ان يكون رئيس المنظمة هو رئيس السلطة و هو رئيس حركة فتح و رئيس الدولة و القائد الاعلى للقوات.

ذهاب الرمز ابو عمار بشكل مفاجئ و الظروف السياسية التي كان يعيشها الشعب الفلسطيني و على اعتبار ان الرئيس عباس كان الخليفة الطبيعي للرئيس عرفات، لم يكن هناك مشكلة في تولي الرئيس عباس المهمة و بكامل الصلاحيات و لكافة المناصب  التي كان يشغلها الرئيس عرفات، بل زاد على ذلك ان حركة فتح في المؤتمر السادس  اعطت الرئيس عباس ما لم تعطية للرئيس الرمز ياسر عرفات عندما انتخبته بالتصفيق رئيسا لحركة فتح .

احد الامور الغير مسموح الحديث بها ، و الاسئلة التي يجب ان لا يتم الحصول على اجابة حولها او اجراء نقاش بشأنها هي في كل ما يتعلق بخليفة الرئيس عباس. من الذي سيقود الشعب الفلسطيني بعد الرئيس عباس، و من سيصبح رئيس الحركة من بعده؟ و من سيصبح رئيس المنظمة و رئيس السلطة؟ هل سيكون شخص واحد كما هو الحال الان؟ ام ربما يكون من الافضل لحركة فتح و الشعب الفسطيني ان تكون هذه المواقع مشغولة من قبل اكثر من شخص ؟

الغريب في الحالة الفلسطينية و في حركة فتح ان الرئيس عباس و بعكس الرئيس الرمز ابو عمار، ليس فقط لا يمنع الحديث عن هذا الموضوع بل هو الوحيد الذي يتحدث عن رغبته في ترك الحياة السياسية و اخلاء مواقعه التي يشغلها للاجيال القادمة. لقد ابلغ قيادة حركة فتح عن رغبته و طالب ان يتم البدء في ايجاد الاليات لاختيار رئيس للحركة، و ابلغ قيادة منظمة التحرير عن رغبته في ترك موقعه كرئيس للمنظمة، و اعلن عشرات المرات انه لن يترشح مرة اخرى لرئاسة السلطة. على الرغم من ذلك هناك حالة من البلادة الغريبة و العجيبة التي لا مبرر لها سوى ان من هم في مواقع القيادة لا يشعرون انهم يمتلكون القدرة على تحمل المسؤولية.

هل هناك من يختلف ان الرئيس عباس بعد شهر او بعد عام، اكثر او اقل، سيترك العمل السياسي كما قال هو عشرات المرات حيث نتمنى من الله ان يعطيه الصحة و طول العمر و حسن الختام؟ اذا كان الامر كذلك لماذا لم تستفيق فتح ، و خاصة لجنتها المركزية و مجلسها الثوري، الذي انا عضو فيه، من سباتها العميق و تبدء في تجهيز نفسها لمرحلة ما بعد الرئيس عباس؟ هل ننتظر حلول من السماء ؟ غريب امر قيادة فتح ، الرئيس يقول ابحثوا عن قائد غيري، استعدوا لهذه المرحلة و هم يقولون له لا يا سيادة الرئيس انت مرشحنا الوحيد و لا غنى عنك، و يا ويلنا من بعدك و لا احد يصلح لهذا الموقع غيرك. هل هذا منطق قيادة تدعي انها قائدة المشروع الوطني و قيادة اكبر تنظيم وطني على الساحة الفلسطينية و تستعد للاحتفال بذكرى انطلاقتها التي اقتربت الى النصف قرن؟

امر عجيب و غريب حالة الشلل و العجز و عدم المبادرة في مواجهة التحديات لهذه القيادة. المجاملات و التهرب من مواجهة الحقائق لا يمكن ان تكون بديل عن المبادرة .  لذلك يطلق على اللجنة المركزية قيادة الحركة و نقول قيادة المنظمة و لا نقول موظف بدرجة عضو لجنة مركزية او عضو لجنة تنفيذية او عضو مجلس ثوري. الفرق بين القائد و الموظف هو ان الاول يبادر و يجد الحلول و يتخذ القرارات الصعبة اما الموظف فقط ينفذ ما يطلب منه، هذا بطبيعة الحال اذا كان موظف مجتهد و مخلص في عمله. نحن امام قيادة لا تبادر و لا تواجه و لا تتخذ قرارات في معظم الحلات ، بل حتى لا تنفذ ما يتخذ من قرارات. حتى لا  من الظلم  اعتبارهم مجموعة من الموظفين، و ان كانوا كذلك فهم ليسوا مخلصين في عملهم و غير مجتهدين و غير مبادرين.

على اية حال و لكي لا يكون الحديث عن عموميات، فأنني اقترح التالي:

اولا: في كل الظروف و الاحوال تجربة الرئيس ياسر عرفات و كذلك تجربة الرئيس عباس يجب ان لا تتكرر، و ان من الخطاء ان يتم تركيز الصلاحيات و المهمات و المناصب الرئيسية في يد شخص واحد مهما كان حجمة و مهما كانت قدراته. هذا الزمن يجب ان يذهب بلا عودة. لذلك يجب ان لا يكون الحديث عن خليفة للرئيس عباس بل خلفاء للمناصب المتعددة و خاصة فتح و السلطة و المنظمة.

ثانيا: الرئيس عباس طالما ما زال على رأس عمله هو المسؤول الاول عن اختيار خليفة له في حركة فتح و كذلك الحال في منظمة التحرير، لذلك علية ان لا يكتفي بأبلاغ القيادات المختلفة عن رغبته بل يجب هو ان يبادر في اتخاذ الخطوات التي تهدف لحماية النظام السياسي الفلسطيني و حماية الحركة.
اول هذه الخطوات هي البدء في لملمة حركة فتح و المبادرة في قيادة عملية المصالحة الداخلية، و لان الجميع يفهم ما اعنيه هنا، اول هذه الخطوات هي انهاء موضوع الاخ محمد دحلان. وهنا اوجه حديثي مباشرة للسيد الرئيس لا تستمتع الى كل الحاقدين و المستفيدين من ابعاد دحلان عن فتح و استمع الى صوت المخلصين لهذه الحركة الذين لا يريدون سوى الخير لها و لابنائها. انت الرئيس و انت الكبير و انت القادر على لملمة الجراح .

ثالثا: اللجنة المركزية و المجلس الثوري يجب ان يمارسوا دورهم القيادي دون مجاملات كاذبه و الحديث بشكل صريح وواضح عن البدء بخطوات عملية لمرحلة ما بعد الرئيس عباس. قد يكون من خلال البدء فورا في الاستعداد لعقد مؤتمر سابع او العمل على عقد المجلس العام.

رابعا واخيرا: يجب ان يكون هناك حديث صريح و مباشر في اوساط حركة فتح، بدل احاديث الهمس و النميمة حول من هو الافضل لقيادة حركة فتح في المرحلة المقبلة، و كل من يرى نفسه قادر على تحمل هذه المسؤوليه علية ان يعلن عن هذه الرغبة في الاوساط الفتحاوية لكي تستطيع قيادات الحركة ان تتعرف على قدراته و امكانياته، لان مصلحة الشعب الفلسطيني و مصلحة فتح هي اهم من الاشخاص و طموحاتهم.

Dr.sufianz@gmail.com

   يمكن قراءة ما اكتب ايضا على صفحتي الخاصة على الفيس بوك.