خبر ثقافة الإنقسام، والعود الرنان ..؟! بقلم د.مازن صافي

خبر ثقافة الإنقسام، والعود الرنان ..؟! بقلم د.مازن صافي
خبر ثقافة الإنقسام، والعود الرنان ..؟! بقلم د.مازن صافي

ثقافة الإنقسام، والعود الرنان ..؟! بقلم د.مازن صافي

 

لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع تصريحات عن المصالحة والانقسام وتبرز بوضوح تداعيات كل ذلك على أمورنا الحياتية، بعضها ليس عادياً ومع الوقت أصبح معتادا، والبعض الآخر مجبر عليه الإنسان ويقف أمامه متسائلا وغاضبا وناقما وتجد من يبرر أو يتأفف، وأصبح هذا المشهد مألوفاً أيضا، ولم يعد غريبا، وفي السيارة كان يدور حديث بين السائق وبين الراكب الذي بجانبه، بحيث يسأل الراكب السائق :" بكم كيلو الزهق .؟!" فكان رد السائق مباشرة " تعال أعطيك أطنان من الزهق ببلاش"، ولأن شر البلية ما يضحك، علا صوت الضحك بين الركاب، وساد الصمت مرة واحدة وكأنه صوت الألم العميق؟!

 

من حق الناس التي تعاني، ألا تثق في كل ما يقال، وهذه مشكلة بحد ذاتها، لأنه في هذه الحالة مطلوب مضاعفة الجهود والإثباتات والدلائل لكي يصدق الناس ويتفاعلوا مع الأخبار المتقطعة أو المتواصلة حول حدوث التغيير الإيجابي على حياتهم وتأمين مستقبلهم في ظل التحديات والأحداث والتوقعات المتلاحقة، فأسوأ الأمور فقدان الأمل في الغد أو في الأشخاص، والأمل لا يعود إلا بزوال السبب !

 

قبل أيام كانت إشاعة "تسونامي" وظهر أن بعض الناس الأقرب إلى الشواطئ كانوا الأكثر تفاعلا مع الحدث "الإشاعة" حتى أنهم هجروا بيوتهم وسكنوا عند أقاربهم حتى تبين "العكس"، وفي كل حدث "شائعة" سنجد نفس ردود الفعل عند الناس، لأنهم أصبحوا مثل العود الرنان  في وجه الريح، سرعان ما يصدر صوتا نشازا أو غير نشاز ولكنه تعبير عن المخاوف أو رفضا لتكرار تجارب مؤلمة تعمقت في الذاكرة القريبة أو البعيدة، ولا أدري هل يمكن القول أننا رسبنا في اختبار شائعة التسونامي أم نجحنا، ولكن في كل الأحوال اكتشفنا أننا نتفاعل سلبا أو إيجابا مع ما يلقى في شوارعنا من أخبار وشائعات وأفكار وأحداث.

 

ومثال آخر قريب، فكثيرا ما نسمع نداءات الدفاع المدني والبلديات في فصل الشتاء من مخاطر السيول أو الفيضانات او الأمطار، ومع ذلك نسمع عن كوارث وأمور كان ممكن تفاديها في حال تم إتباع التعليمات والتحذيرات، ولكن "عدم المبالاة" يكون سببا في نتائج صعبة، ومؤلمة .

 

في الحقيقة أن المجتمع هو الوجه الآخر للثقافة، الثقافة أيضا هي وجه المجتمع وأساس الأمور، وتغييرها بحاجة الى وقت طويل، وربما تكون النتائج بطيئة، أو تظهر على المدى البعيد، فتلك الثقافة هي التي تكشف حقيقة أي مجتمع، فاليوم تسود ثقافة الانقسام وتداعياته، ونجد ذلك في كثير من أمور حياتنا وعلاقاتنا، وبالتالي المطلوب إنهاء السبب لكي نعيد للثقافة وللمجتمع الوجه الحقيقي الذي غاب طويلا حتى اختفت ملامحه.