كتب ابراهيم ملحم .. اقرؤو ياسر زعاترة

كتب ابراهيم ملحم .. اقرؤو ياسر زعاترة
كتب ابراهيم ملحم .. اقرؤو ياسر زعاترة

كتب ابراهيم ملحم - اختلف ما شئت مع الكاتب الاسلامي الكبير الاستاذ ياسر زعاترة واطلق عليه ما شئت من توصيفات التطرف الفكري والانحياز الحزبي، لكنك لا تستطيع مع كل ذلك الا ان تنحني له احتراما وتقديرا وانت تقرأ له مقالة نشرها في صحيفة الدستور الاردنية الاسبوع الماضي حملت عنوان [حماس وبلير .. والمشروع الخطير] شرح فيها المخاطر الكبيرة التي تحدق بالمشروع الوطني وبالقضية الفلسطينية ان واصلت حركة حماس مفاوضاتها مع اسرائيل معربا عن امنياته بفشل المفاوضات"لان تجريب المجرب عبث واي عبث ".

ويتابع الاستاذ زعاترة مقالته بالقول:"يكفي أن يحضر اسم توني بلير في أي حوار يجري مع حركة حماس حتى يُصاب المرء بحساسية مفرطة، فليس لهذا الرجل أية سيرة تدفع لحسن الظن، ولو في الحد الأدنى، فهو حبيب الصهاينة المعروف، والعدو الألد لكل قضايا أمتنا، فضلا عن كونه مندوب الرباعية صاحبة الشروط الأربعة المعروفة، لكنه وهذا هو الأهم، المشرف الثاني (إلى جانب الجنرال دايتون) على المرحلة الجديدة بعد اغتيال عرفات، من دون أن يعني ذلك أن تغيير اسم الوسيط سيغير في جوهر اللعبة".

وحسب الاستاذ زعاترة فان "خلاصة الصفقة التي يحملها بلير، ودون الدخول في شيطان التفاصيل هي التهدئة (طولها لا يهم لأنها ستجدد تلقائيا، ولن يعلن القطاع حربا جديدة أصلا لأنه سيتحول إلى دولة “جوار” بشكل عملي وجو اعلاني)، وذلك مقابل رفع الحصار، وتسهيل مهمة الإعمار، مع منفذ بحري (بإشراف دولي).

يتابع الكاتب متسائلا: سيقول البعض: وأين المشكلة؟ أليس من حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أن يعيش ككل البشر، ويعيد إعمار ما دمرته الحرب، ومن ثم يخرج من شرنقة الحصار؟ الجواب الطبيعي هو نعم، ولكن هذا الجواب يستدعي أسئلة بلا حصر، لعل أولها هو: إذا كان الأمر يتعلق بشروط الحياة وحسب؛ وليس مصلحة القضية برمتها، فلماذا كانت المقاومة من الأصل، ولماذا كان الدمار من قبل ومن بعد؟ ألم يكن أولى بالشعب الفلسطيني أن يقبل بمشروع روابط القرى (في السبعينيات)، ويوفر عقودا من المعاناة . إنه منطق لا علاقة له بقضايا التحرر، ولا يمكن أن يكون مقبولا إذا أخرج المتحدث رأسه من الصندوق قليلا، وبدأ يفكر في عموم القضية والصراع التاريخي مع العدو، فضلا عن أن يكون من أولئك الذين يرفعون شعار التحرير من البحر إلى النهر".

ويقول الاستاذ زعاترة "ما ينبغي أن يكون واضحا هو أن مشروع التهدئة الجديد الذي يُعرض على حماس اليوم،هو الترجمة العملية لمشروع شارون المسمى “الحل الانتقالي بعيد المدى” (للتذكير قرار شارون بالانسحاب من غزة كان جزءا من المشروع وليس بسبب المقاومة فقط، لأن خسائره في الضفة كانت أكبر بكثير). وخلاصة المشروع هي ترك القضايا الحساسة في الصراع إلى ما شاء الله، والتركيز على العيش والتنمية، وصولا إلى “تأبيد” النزاع، وجعله مجرد نزاع حدودي بين دولتين (أي تحويل المؤقت إلى دائم، ربما بتعديلات طفيفة). كما لن يكون بوسع حماس أن ترفع شعار المقاومة في الضفة، وهي تمنع أي مساس بالهدنة في قطاع غزة، مع العلم أن الوعود “الجميلة” التي ستبذل لاستدراج موافقة الحركة لن تتحول إلى واقع عملي، وستكون المسافة بينها وبين التطبيق كبيرة (ألم تبذل وعود مشابهة من قبل؟)، مع أن التغير سيحدث بقدر ما لتمرير المشروع، أقله في البداية. وحين طرح الشيخ الشهيد أحمد ياسين فكرة الهدنة، كان يتحدث عن 13 عاما مقابل انسحاب كامل من أراضي 67 وإفراج عن الأسرى دون اعتراف بأي شيء للعدو، فأين من ذلك هدنة طويلة ستتجدد تلقائيا، بحسب تعبير أحدهم، مقابل رفع حصار وإعمار ليس إلا، فيما الاحتلال جاثم على 98 في المئة من فلسطين، مع سيطرة على القطاع من البحر ومن الجو، وإنْ دون جيش على الأرض

ويختتم الاستاذ زعاترة مقالته عاقدا الامل على عقلاء حماس للتصدي لهذا المشروع الخطير قائلا:" يبقى الأمل المتبقي في أن توقف كتائب القسام والعقلاء من سياسيي حماس هذا المسار، والذي سيضيّع رصيد حركة عظيمة في مغامرة بائسة تكرّس تيه القضية وضياعها، وليعلم الجميع أن الجماهير لا تعطي أحدا شيكا على بياض.