حتى لا نظلم المقاومة ... بقلم حمزة إسماعيل أبو شنب

حتى لا نظلم المقاومة ... بقلم حمزة إسماعيل أبو شنب
حتى لا نظلم المقاومة ... بقلم حمزة إسماعيل أبو شنب

حتى لا نظلم المقاومة ... بقلم حمزة إسماعيل أبو شنب

لقد حاول البعض أن يفسر حديث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل حول صعوبة الجمع بين المقاومة والحكم بأنها شهادة فشل لمشروع حركة حماس المقاوم، ولكن الأمر لا يؤخذ بمطلقه التام رغم صعوبة الجمع بين الأمرين إلا أن تجربة الحكومة الحاضنة للمقاومة هي تجربة تُدرّس، ولا بد لنا أن نفصل بين الصعوبات الحياتية وبين حماية مشروع المقاومة لأن المقاومة تحتاج إلى حضانة شعبية ورسمية .

 لقد كانت تجربة حماس في قطاع غزة هي التجربة الأولى على صعيد إدارة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالجمع بين إدارة شؤون المواطنين ومقاومة الاحتلال، لذلك عندما نريد أن نُقيِّمها لابد لنا من العودة إلى التجارب السابقة والمقارنة بينها من الجوانب السياسية والاقتصادية والمقاومة، والناظر إلى تجارب السلطة الفلسطينية التي مرت بثلاث مراحل داخل الأراضي المحتلة:  المرحلة الأولى بعد توقيع اتفاق أوسلو والتي شهدت حرب شرسة على المقاومة أشهرها مؤتمر شرم الشيخ الدولي لمكافحة الارهاب عام 96، والمرحلة الثانية انتفاضة الأقصى التي أطلقت يد المقاومة فيها بغياب الحاضنة الرسمية، والتي كانت تريد أن تستغل المقاومة لتحقيق نتائج أفضل في عملية السلام  وانتهت بوفاة الراحل ياسر عرفات وتولي محمود عباس قيادة المرحلة الثالثة وهي أسوأ المراحل التي مر بها المشروع الفلسطيني المقاوم، فلقد شهدت حرباً ضروساً وغير مسبوقة على المقاومة وعلى رأسها المقاومة المسلحة، وازدهر فيها التنسيق الأمني مع الاحتلال والتراجع السياسي الغير مسبوق وارتفاع الديون الخارجية بشكل كبير جداً حيث وصل حجمها إلى 4 مليارات دولار .

لو وضعنا تجربة حماس في غزة في مقارنة مع تجربة عباس في الضفة الغربية فالتراجع السياسي قابله في غزة تمسك بالمبادئ والحقوق والثوابت، ودفع الثمن من أجلها الدماء والشهداء من وزراء وقيادات وصمود شعبي في حرب استمرت 21يوماً فشلت في انتزاع تنازل عن أي من المبادئ، وفي الصعيد المالي رغم التضييق الكبير عليها كانت مديونتها صفر . 

 أما على الصعيد المقاوم فكانت أول عملية أسر للجنود أسر جلعاد شاليط نتج عنها صفقة تبادل اعتبرت الأفضل في تاريخ القضية الفلسطينية المعاصرة مع الاحتلال، وبعد ذلك تطور العمل القتالي للفصائل المقاومة على الأرض بصورة غير مسبوقة، ولم تنحصر في جهاز حماس العسكري وحده بل كذلك كافة الأذرع العسكرية للفصائل المقاومة مثل الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية اليسارية حيث تطوير الوسائل القتالية وانتشار مواقع التدريب في قطاع غزة والإبقاء على سلاح المقاومة لدى المواطنين، وأصبحت المقاومة تشكل عامل ردع لدى الاحتلال وفرضت على الاحتلال معادلة جديدة وهي الهدوء مقابل الهدوء( التهدئة المتبادلة )  .

لقد وجدت حماس نفسها أمام معادلة معقدة فإما الدخول في معترك السياسة والحكم للحافظ على المقاومة التي دحرت الاحتلال من قطاع غزة وإما العيش تحت الحرب الشرسة على المقاومة في ظل الميزان المختل الذي يفرض عليك خياران لا ثالث لهما: حكومة تنسق و تتعاون مع الاحتلال بلا مقاومة أو أن تكن في حكومة ضد الاحتلال وهذا ما اختارته حماس .

لا أعتقد أن الجمع بين المقاومة والحكم بالأمر الصعب فمن استطاع أن يحافظ على الحكومة والمقاومة في ظل حصار عربي يمكن له أن ينجح الآن في ظل الربيع العربي الذي يرفع شعار المقاومة منذ انطلاقتها، ولا يمكن أن تترك المقاومة الحكم لأنها تحتاج إلى حاضنة تحميها، فالمطلوب هو أن نُقيِّم التجربة بشكل موضوعي ونأخذ العبرة منها ولا يتسع هذا المقال للحديث عما استفادته المقاومة من الحكم.