بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار....قد رأيتك يا ضرار.! بقلم:عبدالله قنديل

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار....قد رأيتك يا ضرار.!    بقلم:عبدالله قنديل
بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار....قد رأيتك يا ضرار.! بقلم:عبدالله قنديل

بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار....قد رأيتك يا ضرار.!    بقلم:عبدالله قنديل    المتحدث باسم جمعية واعد للأسرى

فكرت مليا عن أي شيئ أكتب عشية الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار، فوجدت أن المقالات والتقارير والتحليلات قد ملأت الصحف والمواقع، وحينما قررت العزوف وقعت عيناي على صورة حديثة للأسير ضرار أبوسيسي من داخل عزله في عسقلان، حيث أن هناك قانون صهيوني يسمح للأسير بالتصوير كل مدة زمنية معينة، وبمقارنة سريعة بين صورة لضرار أبوسيسي قبل عام ونصف وهو داخل المحكمة الصهيونية بعيد اعتقاله بأشهر نجد أن كل شيئ تغير إلا بعض ملامح الوجه التي تؤكد أن هذا هو ضرار ذاته، فالظهر قد انحنى قليلا، والشيب بدأ يكسو الشعر، ونحافة العظام بدت جلية على جسده الهزيل.

الساعات تمر وتلحق بها الأيام فتزداد السنوات عددا وتحمل في طياتها آلام وأحزان سببها هذا السجان الصهيوني الذي فاق بجرائمه أفعال النازية، وليس من حل إذا كنا نحتفل بالذكرى الأولى لصفقة وفاء الأحرار إلا أن نؤجل الاحتفال أو ألا نطيله، وأن نستعد لما هو أهم؛ فكل دقيقة تمضي على هؤلاء الأبطال داخل زنازين الصهاينة تعني مزيدا من الغصة في قلوبهم وقلوب أهليهم كذلك، فالمروءة تقتضي تقديم مصلحة هؤلاء على كل مصلحة.

في الذكرى الأولي لوفاء الأحرار، يجب أن يحملنا الشوق مجددا لتمريغ أنف هذا الكيان من جديد، لا شيئ سوى تبادل جديد لحل المشكلة بأقل جهد وأوفر وقت، والتجربة أثبتت أن هذا الكيان غير جاهز على الإطلاق لتقديم تنازلات مجانية وخاصة إذا ما تعلق الأمر بقضية الأسرى لأنه يعتبر أن ذلك خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال، والتبادل هو الحال الذي فرض نفسه على كل هذه الخطوط الحمراء.

ثم تشاء إرادة القدر أن أشاهد صورة أخرى وهي لأحد كبار الأسرى في السجون ومن الذين رفض الكيان الصهيوني إطلاق سراحه وتشدد كثيرا في صفقة وفاء الأحرار وهو الأخ القائد محمود عيسى أحد الأوائل الذين قاموا بأشهر عمليات أسر الجنود يوم أن كان مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين رحمه الله أسيرا لدى الاحتلال ويحرض على عمليات الأسر لأنه أدرك بفطنته وبدرايته بهذا العدو أن هذا العدو لا يمكن أن يترنح إلا عبر الضغط على رأسه وتمريغ كرامته في التراب.

محمود عيسى كذلك لم يختلف حالا عن ضرار أبوسيسي فما ذكرته من تغير كبير وشبه جذري في ملامح الأول لا يختلف عن الثاني كثيرا، فالحال هو الحال، فمحمود عيسى أمضى في العزل الانفرادي قرابة ثلاثة عشر عاما متواصلة إضافة إلى عامين آخرين ليصبح مجموع سنوات عزله خمسة عشر عاما، وضرار مازال رهين العزل الانفرادي منذ اعتقاله حتى الآن.

ولعل ما آلمني أكثر أنني تذكرت أحد المحررين الجدد الذي وضع في زنزانة مقابلة لضرار أبوسيسي قبل الإفراج عنه بساعات، فأوصاه أبوسيسي بأشياء عديدة مؤلمة كان أشدها هو أنه طلب من هذا الأسير بأن يذهب لزيارة بيته ويقبل أبناءه نيابة عنه ويعتذر لهم عن هذا الغياب القسري الذي لم يكن بإرادته.

يا الله.. أي ظلم هذا الذي وقع علينا من هذا المحتل البغيض، وأي غثائية هذه التي تعانيها أمتنا التي فاقت المليار ونصف وتملك من مقومات النصر على الأعداء ما لو فكرت به قليلا لأرعبت الاحتلال ولجعلته تحت الأرض في ساعات.

قضية الأسرى ومعاناتهم أمانة في صدر وعقل وقلب كل فلسطيني وعربي ومسلم بالغ قادر عاقل ذو قدرة على التحدث وبذل أي جهد والتواصل مع أي إنسان في هذا العالم، فالتعبئة في هذا الإطار ضرورية على طريق تصحيح المسار لإيقاظ الأمة لتنقض على هذا الكيان المجرم الذي ولغ في دماء أسرانا فما تراه إلا يزيد في أعداد المعتقلين، وممارسة أفظع الانتهاكات بحقهم.

في النهاية.. صحيح أن الكاميرا لا تستطيع رصد كل ما ذكر، لكن صورة واحدة كصورة ضرار أو محمود عيسى تؤكد أن الجرم أكبر من أن يتصوره عقل، وليس أمامنا لحفظ مروءتنا إلا أنواصل الدرب على كافة الأصعدة لفك هؤلاء الأبطال من قيدهم الذي طال إحاطة بمعاصمهم الطاهرة.