سيدي الرئيس الوضع يحتاج فورمات شامل بقلم: احسان الجمل

سيدي الرئيس الوضع يحتاج فورمات شامل  بقلم: احسان الجمل
سيدي الرئيس الوضع يحتاج فورمات شامل بقلم: احسان الجمل

سيدي الرئيس الوضع يحتاج فورمات شامل

بقلم: احسان الجمل

لا يختلف اثنان على ان الرئيس ابو مازن في وضع لا يحسد عليه، ولسنا في وضعية نختلف معه ولا نختلف عليه. واذا كان يومنا الزمني 24 ساعة فيومه 120 ساعة. لما يحمله من هموم، وما يتعرض له من سموم، سواء من الداخل، او الخارج. او في الظروف الذاتية والموضوعية، صحيح ان الله ما حمل صدرا إلا وسعها. ولكن تجاوز هذا التحمل عنده الصدر، حتى كاد يخنقه.

في الاجتماع القيادي الموسع الاخير قبل توجهه الى الامم المتحدة، عبر الرئيس عن هذا الضيق بطريقته، وكان الجو متوترا، وخرج المجتمعون دون قرارات واضحة، وقالوا له بمعنى اذهب انت وربك قاتل ونحن قاعدون.

اجتهد الكثير على تفسير موقف الرئيس، وبنوا على اجتهادهم، هل الرئيس جاد في البحث عن بديل له خلال عشرة ايام؟ او انه يريد الغاء اوسلو وملحقاته، او سيعلن ساعة الصفر لانطلاق الثورة الشعبية السلمية؟ اسئلة كثيرة راودتهم الى حدود احلامهم وهلوساتهم، غافلين ان للرئيس صبر ايوب وعناد الصخور.

لكن ما يهمني هو ان ابحث عن جذر المشكلة، واين تكمن؟ في ظروفنا الذاتية ام الموضوعية، ام في الاثنتين معا؟

لانه اكثر ما آلمني، واوقعني في حيرة من اين ابدأ في الكتابة، هو، ان تكون ردة فعل الاسرائيليين على لسان نتنياهو وليبرمان اقوى من التأييد الفلسطيني الرسمي والشعبي لخطوة الرئيس، حتى ان اطيافا فلسطينية تقاطعت مع الموقف الاسرائيلي.

لم يأخد الفلسطينيون في عين الاعتبار، ان نتنياهو الذي تكلم بعد الرئيس في الامم المتحدة، لم يستطع الاجابة على خطاب الرئيس، فهرب الى الملف الايراني، وهذا لم يكن استخفاف بالموقف الفلسطيني، بقدر ما هو هروب الى الامام.

رد الفعل التأييد الفلسطيني كان خجولا لدرجة صعوبة رؤيته، فلم نشهد تحركات تشكل رأي عام قبل وبعد الخطاب في كل اماكن تواجد الشعب الفلسطيني، ولا استقبال يليق بمكانة فلسطين التي مثلها الرئيس في الامم المتحدة.

هل فقدنا ثلاثية الامكانية والقدرة والرغبة، سؤال يطرح نفسه بقوة على الوضع الفلسطيني.

 من جهة الامكانية فإننا نمتلك شعبا جبارا يمتلك الخبرة والتجربة، وكان مدرسة ومصدر الهام للثورات في العالم. ومعطاء ومضحي، ولكم في الحركة الاسيرة المثال الحي. وما زلنا نعيش تحت الاحتلال، مما يعطينا الحق المشروع للكفاح ضده بغض النظر عن الوسيلة المتوجب اتباعها، والشعب الفلسطيني قادر على الابداع في الوسيلة وتوفيرها بحكم ارادته الوطنية. لكن لسباته ايضا ظروفه واسبابه. وهذا يحتاج الى نقاش اخر حول موضوع الغربة بين القيادة والقاعدة.

من جهة القدرة، طالما توفر العامل الشعبي الحاضن، هل لدينا الهيئات والاليات، والمؤسسات القادرة على قيادة العمل بجدارة واقتدار. القيادة المجربة والمتماسكة والمتضامنة، التي تحوز على ثقة الحراك الشعبي؟ هل نملك القدرة على امساك زمام الامور في كل الجغرافيا الفلسطينية، وهل الانقسام نستيطع تجاوزه، ام الضرورة تحتم انهائه ليزيد من قدراتنا؟. هل نملك قيادة بمستوى المرحلة تقدر على اتخاذ قرار مصيري، ام نملك قيادة الصدفة، او من فرضتها ظروف ووقائع معينة؟ او من تضع نفسها على لائحة انتظار الخلافة، وتضع العصي في دواليب مسيرة الرئيس.

النقطة الثالثة، هل هناك رغبة حقيقية، في ظل وضعية النقطتين السابقتين، ام ان الروح الوطنية للشعب الفلسطيني قد اخمدت، وفقد ارادته، بفعل الاحباط واليأس، وهل اصبح الشعب الفلسطيني هجينا يعيش حالة من التطبيع مع الاحتلال دون الاشتباك اليومي معه ردا على ممارساته اليومية من استيطان وتهويد واحتلال واعتقال، هل فقد الشعب الفلسطيني رغبته في كنس الاحتلال، ووأدت حماسته وشجاعته، ام هناك من اوصله الى حالة الاحباط. هل قلنا له اين البوصلة الاساسية في نضالنا، الاحتلال، الانقسام، ام انتخابات بلدية؟؟. تزيد الانقسام والخلاف.

الرئيس ابو مازن استطاع ان يخترق العقل الاسرائيلي، وان يصل في الحق الفلسطيني المشروع الى اقصى اصقاع المعمورة، وبدل الكثير من وجهات نظر دول كانت لا تفهمنا ولا تؤيدنا، كان كابن بطوطة في ترحاله لحشد الرأي العام، وحتى انه دخل في البيوت الخلفية لاسرائيل،وهذا سبب حمق وحماقة اسرائيل وليبرمان، لانه استطاع ان يحاصر اسرائيل دبلوماسيا، لا تعتقدوا ان تصريحات ليبرمان هي انتخابية ودعائية، انها تنطلق من الخوف للخروج من العزلة الدولية.

استفاد الرئيس من تجربة العام الماضي، وهرب من طريق الفيتو الامريكي، الى حصاد العلاقات الدولية الواسعة والتي تزيد عن 170 دولة، هو ليس تراجع، بل قراءة واقعية وموضوعية للظروف الذاتية والموضوعية وموازين القوى، ومسارب الوصول الى اقرب نقطة توصل الى حق الشعب الفلسطيني. وخاصة ان الدولة غير العضو لا تمر من باب الفيتو الامريكي وتهديده.

قيادة الاحتلال الكيان الصهيوني تفكر جديا في عزل الرئيس وقتله، ولكن الاعمار بيد الله، ويجب ان نقيس فعلا ردة فعلهم، لانها تعبر عن آلمهم، وما يؤلمهم هو انتصار لنا.

الشعب الفلسطيني عظيم، اذا فقد سلاح لديه وسائل اخرى وهو جاهز للتضحية من اجل قضيته الفلسطينية والدفاع عن عروبتها .في وجه الحملة الصهيونية التهويدية والاستطانية، وما تخطط له اسرائيل من نكبة جديدة حذر الرئيس منها. لانها تجاوزت كل الخطوط الحمر، والذهاب الى الامم المتحدة هو احد هذه الاسلحة، ولن ترهبنا كل التهديدات. لان الشعب الفلسطيني يعمل لاجل فلسطين لا عند اسرائيل.

ان المطلوب هو صحوة فلسطينية، تنبذ كل انواع الخلافات والاصطفافات، وتوحيد الجهود في الدفاع عن المشروع الوطني، وعلى الهيئات المركزية ان تضلع في دور ريادي، وإلا يصبح المؤتمر العام المبكر ضرورة وطنية اكثر من حركية، صحيح ان الشعب الفلسطيني اكبر من قيادته، ولكن هذا لا يلغي دورها الطليعي. من هنا من ليس له القدرة فليقل، واذا كان هناك خجلا فعلى الرئيس ان يقوم بعملية فورمات لكل المؤسسات، وان يأتي بالرجل المناسب للمكان المناسب، فالشعب الفلسطيني حي، ولكنه محبط، وها هو بالامس في غزة في احتفالية الجهاد الاسلامي عندما تردد اسم الرئيس صفق اكثر من مئة الف، وهذا ايحاءة اين انت ايها المنقذ؟ مما نحن فيه، غزة يعمل على اخراجها من النسيج الفلسطيني، لكنها تأبي الخروج، ولكن ينقصها طوق النجاة. اعذروني اذا قلت اين المعنيون الذين يتصارعون على راس الهرم وينسون قاعدته التي تثيت قمتهم، السنا فعلا ايها السيد الرئيس نحتاج فورمات.

احسان الجمل

مدير المكتب الصحفي الفلسطيني – لبنان