سلمان ناطور أنت مع ديمقراطية الدولة أم مع يهوديتها؟

سلمان ناطور  أنت مع ديمقراطية الدولة أم مع يهوديتها؟
سلمان ناطور أنت مع ديمقراطية الدولة أم مع يهوديتها؟

سلمان ناطور

أنت مع ديمقراطية الدولة أم مع يهوديتها؟

(سؤال ما قبل الحوار في مؤتمر مركز مساواة، "المكانة القانونية للجماهير الفلسطينية في إسرائيل"، الجمعة 28 أيلول 2012 ، الناصرة)

 

في أي سياق يمكن أن تطرح جماعة قومية اصلانية سؤال: ما هي مكانتها القانونية؟

الجواب بسيط: فقط إذا كان وجودها في وطنها مهددا بالزوال. وجود الجماعة الأصلانيةيسبق الدولة أو النظام. وفي حالة نشوء علاقة طبيعية بينها وبين الدولة، فالدولة ما هي إلا نتاج مشروع سياسي واجتماعي وحضاري لهذه الجماعة منفردة او متشاركة مع غيرها من الجماعات التي تلتقي في الجغرافيا ذاتها. ولذلك فان عملية شرعنة وجودها وقوننتهاتتبلور ضمن عملية بناء الدولة ووضع التشريعات الأساس لها وفي هذه المراحل تتحدد مكانتها القانونية.

دولة اسرائيل ليست تجسيدا للمشروع الوطني للجماهير العربية الفلسطينية الأصلانية التي تحولت إلى اقلية (أو أقليات كما تعرفها الدولة)، إنها بهذا المعنى دولة احتلال، أي أنها فرضت على سكانها الأصلانيين وترفض منذ أكثر من ستين عاما أن تعتبرهم اقلية قومية، بل طوائف ومللا وترفض ان تساويهم قانونيا بالأكثرية اليهودية المؤلفة من جماعات تختلف قوميا في ما بينها ولا يجمعها إلا العقيدة الدينية ومعظمهم من المهاجرين الذين يحظون بامتيازات قبل وصولهم إلى الدولة (قانون العودة). هذه ظاهرة فريدة ليس لها مثيل لا في الماضي ولا في الحاضر ولذلك فإن أي اجتهاد لتحديد العلاقة بين هذه الجماعة وهذه الدولة لا يمكن مساواته بأية تجربة أخرى وهو يشكل سابقة اذا ترجمت قانونيا فستكون مرجعيتها بالضرورة أخلاقية وأخلاقية فقط. إذا لم يحتكم الطرفان بشرائع العدالة المطلقة فلن تقوم هذه العلاقة على أساس أخلاقي يضمن تحقيق العدالة والمساواة.

ألحديث عن المكانة القانونية للجماهير الفلسطينية في وطنها وتحت حكم الدولة التي تصر قيادتها على اعتبارها يهودية، يفترض وجود منظومة قوانين في الدولة تشكل المرجعية ويتبين أن العديد من هذه القوانين بدلا من أن تحمي "مواطنها" فإنها تميز ضده على أساس قومي وعرقي. هذه القوانين مستنبطة من يهودية الدولة ومنها فقط. وإذا كانت "يهودية الدولة" تشكل ليس فقط أرضا خصبة بل دفيئة لقوانين عنصرية فكيف تحمي مواطنها من اجراءات ادارية او سلوكيات نظامية أو إهمال أو اعتداءات على أبسط الحقوق مثل الحق في التعبير والحق في العمل والحق في التعليم وغيرها.

المؤتمر الذي ينظمه مركز مساواة لبحث المكانة القانونية للجماهير الفلسطينية في إسرائيل يكتسب اهميته ليس فقط بأنه ياتي في مرحلة "اشتداد التعصب الصهيوني للدولة اليهودية" وتحويل مطلب الاعتراف بيهودية الدولة إلى مفتاح لكل علاقة بين الدولة وبين أي طرف آخر، داخلي أو خارجي، وأنه يأتي أيضا في مرحلة استفحال الاعتداءات العنصرية على الفلسطيني في وطنه اينما كان وبأشكال قمعية وارهابية مختلفة من الطائرات والصواريخ "الذكية" كالتي تطلق في غزة وحتى أوامر الهدم في العراقيب، إنه يكتسب أهميته في أنه يوفر فرصة لأول مرة لمناقشة مكانة الفلسطيني القانونية في اطار الدولة، أي انه يحلل مفهوم المواطنة بكل ما يعني من مضامين ويبرز التناقض الصارخ بين ديمقراطية الدولة ويهوديتها.

أنت مع ديمقراطية الدولة أم مع يهوديتها؟

هذا هو السؤال المطروح أمام اليهودي الاسرائيلي ، وعندما يسأله العربي الفلسطيني الأصلاني فإنه لا يكون من أجل الرياضة الفكرية ولا لمجرد إعلان النوايا، بل لأنه يصبح امتحان أخلاقيات اليهودي الاسرائيلي وبخاصة من يعتبر نفسه ينتمي إلى قوى السلام والمساواة.