مفاجأة هنية والمصالحة الوطنية بقلم: محمد نجيب الشرافي

مفاجأة هنية والمصالحة الوطنية  بقلم: محمد نجيب الشرافي
مفاجأة هنية والمصالحة الوطنية بقلم: محمد نجيب الشرافي

مفاجأة هنية والمصالحة الوطنية

بقلم: محمد نجيب الشرافي

ليس واضحا بعد أن "مفاجأة" رئيس حكومة غزة الاستاذ اسماعيل هنية تنحصر في عودة أو زيارة اعضاء المجلس التشريعي من حركة فتح, واطلاق سراح بعض المعتقلين أمنيا على خلفية سياسية, وأن هذه الاجراءات – كما قيل - من شأنها "انهاء الانقسام واعادة اللحمة الوطنية".

 اذا كان ما سبق هو ما يؤكد جهوزية الحكومة ووزارة الداخلية لأنهاء الانقسام فالأمر لا يبعث على التفاؤل كثيرا وأن هذه الاجراءات لا ترتقي الى المستوى المأمول لتحقيق الغرض الذي رافق ما أعلن عنه.

 قد يرضي حكومة حماس أن يقال انها خطوة ايجابية. هذا المصطلح يذكرني بما يطلق عادة  على لقاء رئيسين بأنه كان ايجابيا. عامة الناس ينظرون الى هذا الوصف بقدر كبير من التفاؤل, أما الصحفيون الخبثاء فيعرفون أن لا شيء مثمر في اللقاء وأن الايجابية تنحصر في لقاء الرئيسين فقط, كل منهما قدم وجهة نظره ولكن دونما اتفاق.

وأظن أن خطوة هنية مبادرة طيبة ستجد انعكاسا طيبا لدى أسر المفرج عنهم واؤلئك الذين غادرا غزة زمن الاحداث المريرة عام 2007, لكنها لا ترتقي الى ما كنا نطمح أن نلمسه ونراه حقيقة. لا أقصد اطلاق سراح شخص محدد دون سواه ممن لازالوا معتقلين, بل أعني جميع المعتقلين وتنظيف السجون.

أما ما حدث فلا يعدو كونه أمرا عاديا أو أقل قليلا يمارسه رؤساء الحكومات أو الدول في مناسبات وطنية أو دينية. بعبارة أخرى فان ما كان متوقعا هو اصدار عفو عام يرتقي بالمفاجأة الى فعل وطني يسمح أن نسميه مبادرة أو انجازا وطنيا يعبر عن رغبة أكيدة في تجاوز مرحلة سوداء حان طيها الى الابد.

وهي ما تسمى مبادرة من طرف واحد لأحراج الطرف الأخر. وعد المفاجأة مصطلح بحجم العفو العام وليس الانتقائية والفرز في التعامل, ذلك ان أغلب المفرج عنهم كانوا محكومين بالسجن لمدة  أقصاها سنتين أو سنة واحدة وأنهم قضوا ثلثي المدة. بمعنى أخر, فان اطلاق سراحهم كان سيتحقق بعد شهور قليلة. فهل يرتقي وعد المفاجأة الوطنية الى هذا المستوى ؟

لا نتحدث عن صدق حماس في سعيها لتحقيق المصالحة, ولا عما اذا كانت تعيش أزمة سياسية واقتصادية وارتباك في ادارة غزة وحرج في ممارسة السلطة والمقاومة في ان واحد, ولكن في مستوى المفاجأة على تحقيق الغاية منها.

أيا ما كان الامر, فان حكومة حماس مدعوة لخطوات وطنية أكثر جدية وواسعة ترتقي الى المستوى المطلوب لطرف صم اذاننا صراخا وأشعرنا بالقصور عن الفعل لتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية.

ونعتقد أن مثل هذه الخطوات الوطنية, وليس الايجابية, لو حصلت فأنها ستظل حاضرة في العقل الفلسطيني وبادرة لا يستطيع أحد أن ينكر تأثيرها يمكن لحركة حماس أن تفاخر به في أي انتخابات قادمة وترفع رصيدها الشعبي الى ما تصبو اليه.

ويمكنها أيضا, من خلال المؤسسات التشريعية والحكومية وقيادة منظمة التحرير أن تشكل كابحا لاندفاع المفاوض الفلسطيني وتصويب مساره, والانتقال من المعارضة من خارج مربع دائرة اتخاذ القرار الى المعارضة من داخله, بل والمشاركة في اتخاذ القرار الرسمي, فضلا عن ذلك تستطيع حماس أن تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن قطاع غزة جزء من الوطن وليس وحدة جغرافية مستقلة أو منقسمة أو متمردة لا شأن لها بما يحدث في الجزء الاخر من الوطن.

أما الخطابات والنوايا الحسنة, فلا قيمة لها في مسيرة الشعوب. هناك فقط اختبار نتيجة الفعل. فالتاريخ يكتب بالأفعال الكبيرة الواضحة وليس بالخطب أو الخطوات المترددة, خاصة وأننا في ذروة مسيرة خطيرة لم تنته بعد, وربما بدأت الأن.

رئيس سابق لوكالة الأنباء "وفا "