د. إياد السراج ..الطبيب والحقوقي والإنسان ...بقلم : محسن ابو رمضان

د. إياد السراج ..الطبيب والحقوقي والإنسان ...بقلم : محسن ابو رمضان
د. إياد السراج ..الطبيب والحقوقي والإنسان ...بقلم : محسن ابو رمضان

د. إياد السراج ..الطبيب والحقوقي والإنسان ...بقلم : محسن ابو رمضان

توفى فجر الاربعاء الموافق 18/12/2013 ابن غزة وفلسطين د. إياد السراج عن عمر يناهز 70 عام بعد صراع طويل مع مرض عضال ألم به.
عمل د.إياد كطبيب نفسي بعد ان تخرج من احدى الجامعات البريطانية والتي عمل بعدها في كل من غزة وبيت لحم وفي بريطانيا نفسها وذلك لمدة سبعة سنوات وقد قرر الانتقال على الفور إلى غزة على اثر اندلاع الانتفاضة الشعبية الكبرى ، لأنها أي الانتفاضة أشعلت روح الانتماء الوطني في مواجهة الاحتلال ومن أجل تحقيق أهداف شعبنا بالحرية والاستقلال ، فلم يتردد د. إياد بقراره الذي تم من خلاله مغادرة بريطانيا بكل امتيازاتها ومغرياتها والانتقال إلى غزة حيث التصادم المباشر مع الاحتلال، حيث المبادرات الرامية للتخفيف من أعباء شعبنا وتعزيز مقومات الصمود ، وبالتالي جاءت مبادراته الرامية بتأسيس برنامج غزة للصحة النفسية كمؤسسة وطنية تعمل على خدمة أبناء شعبنا الذين كانوا يتعرضوا للعديد من الصدمات وخاصة بسبب الاحتلال وإجراءاته القمعية التي تضاعفت إبان الانتفاضة عبر الاعتقالات العشوائية واستهداف الأطفال وتعذيبهم وعبر سياسة تكسير العظام والعقاب الجماعي والعديد من الممارسات القمعية التي تتم عن عقلية الغطرسة والاستخفاف بإرادة الشعوب وحقها في تقرير المصير .
لم يكتف د. إياد بعمله كطبيب نفسي وبتأسيسه لبرنامج غزة للصحة النفسية بل أنه أدرك وبعد تأسيس السلطة أهمية النضال من اجل احترام وصيانة مبادئ حقوق الانسان وبسبب رفضه للاعتقال السياسي وللتعذيب تعرض للاعتقال والعديد من المضايقات و المعيقات والصعوبات لكي لا يستمر في ممارسة دوره الاخلاقي والحقوقي بالدفاع عن المظلومين ومن أجل رفع راية كرامة الانسان .
ونتيجة لعملة في مجال حقوق الانسان فقد تبوء العديد من المواقع في مؤسسات حقوق الانسان الذي كان أبرزها توليه لمنصب المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق المواطن لأكثر من دورة انتخابية ، وأصبح على ضوء تركيزه على الجانب الحقوقي أحد ابرز شخصيات المجتمع المدني عالمياً ، حيث أصبح مكتبه ومؤخراً منزله بمثابة عنوان لكل الوفود الأجنبية سواء كانت رسمية أو تضامنية الذين كانوا يرغبون عبر اللقاء معه بمعرفة الاوضاع السياسية والاجتماعية التي يمر بها القطاع ،وقد كان دائماً شفافاً وواضحاً في قدرته على عكس مطالب و هموم المجتمع لدى تلك الوفود .
لعب د. إياد مع غيره من نشطاء منظمات العمل الأهلي دوراً بارزاً على أثر الانقسام والمساهمة في كسر الحصار عن قطاع غزة واستطاع عبر علاقاته الواسعة أن يبرز قضية الحصار أمام الراي العام العالمي ، بوصفها تشكل خرقاً لمبادئ حقوق الانسان وشكلاً من اشكال العقاب الجماعي ، كما نجح عبر الحملة الفلسطينية الدولية لكسر الحصار في تسيير سفن التضامن وفي استخدام اوسع حملة شعبية دولية لانهاء الحصار عن قطاع غزة.
وبالوقت الذي لعب دوراً هاماً في كسر الحصار استطاع أن يشكل حالة ساهمت بالتأثير بالرأي العام ولدى صناع القرار بهدف انهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية .
لم يستسلم د. إياد لحالة الانقسام وتداعياتها الانسانية والصحية فقد لعب دوراً مبادراً لتخفيف معاناة المواطنين الناتجة عن تجاذبات الانقسام عبر مبادرات عديدة ساهم بصورة فاعلة بها من ضمنها مبادرة لحل مشكلة الكهرباء ،وكذلك لحل مشكلة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية والتحويلات إلى الخارج، كل ذلك وغيره كان ينفذه د. إياد وبصورة طوعية بواعز من ضميره الانساني الكبير .
لم يتردد د. إياد في تقديم المساعدة لكل من طرق ابوابه ، وكان سريع الاستجابة لاحتياجات المواطنين وخاصة الذين يشعر بأنهم مظلومين بحاجة لتلك المساعدة .
تميز د. إياد بالذكاء الحاد وبسرعة البديهة وبخفة الظل، فكان مرحاً متفائلاً، حتى في أحلك الظروف.
تستطيع الحديث كثيراً عن مواصفات د.إياد الذي ستفتقده غزة وفلسطين لأدواره الايجابية العديدة بالمجتمع وربما ستتعدد ألقابه من طبيب إلى ناشط حقوقي إلى راعي للمصالحة، والعديد العديد من الالقاب التي من خلالها نال العديد من الجوائز العربية والدولية ، ولكن المشترك بين كل ذلك بأننا نستطيع وبلا تردد التأكيد بأنه الانسان بكل ما تحمل هذه الكلمة من قيمة اخلاقية رفيعة .