كفى نفاق - هي الحِدّاية بترمي كتاكيت؟ غزة – بقلم محمد محجز

كفى نفاق - هي الحِدّاية بترمي كتاكيت؟   غزة – بقلم محمد محجز
كفى نفاق - هي الحِدّاية بترمي كتاكيت؟ غزة – بقلم محمد محجز

كفى نفاق - هي الحِدّاية بترمي كتاكيت؟

 غزة – بقلم محمد محجز                                   

يجرى على لسان كثير من المحللين والإعلاميين والقادة السياسيين، عبارات عقيمة، وتصريحات عالية الرداءة، يستخدمها المتسلقون لأسوار العواصم المستبدة، الذين يتمادون في نحت صُوَر الاستجداء على طول الجدار الفاصل بين الوهم والحقيقة، إنه النفاق السياسي, ويقصد به تصريح الشخص بخلاف ما يبطن من انطباعات سلبية تتنافر مع حقيقة ما يعتقد إزاء الأداء السياسي للدول، ويتجلى ذلك عندما يتم الحديث عن الدور المصري المنحرف، تجاه القضايا العربية عامة، والقضية الفلسطينية خاصة؛ هذه التصريحات من قبيل : " مصر تمثل العمق الاستراتيجي للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ... الشعب الفلسطيني يعي جيدا دور مصر الشقيقة الوطني والقومي تجاه القضية الفلسطينية ... نحن نقدر الدور المصري حيال القضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطينية " !!!

وأنا هنا أتساءل عن ماهية الدور السياسي المصري، هل هو دور إيجابي يستحق الشكر والثناء؟ أم هو دور سلبي يندى له الجبين، وربما يستوجب اللعنة؟

ولقد طوّفتُ في تاريخ مصر على مدار أكثر من خمسة عقود مضت، بدءا بحكم عبد الناصر، مرورا بنظام السادات ومبارك، وصولا إلى الحكم العسكري الفاشي الانقلابي الدموي، في محاولة فاشلة؛ لإيجاد أصل يصدق تلك التصريحات، فلم أجد سوى ما كنت عليه شاهدا من خذلان وتآمر النظام الرسمي المصري ...

1-    عبد الناصر: حاول نصرة القضية الفلسطينية في إطار المشروع العربي القومي، لكنه مني بهزيمة نكراء أمام "إسرائيل" سقط على إثرها قطاع غزة عام 1967م ، كما سقطت أجزاء كبيرة من الأراضي المصرية بيد الاحتلال الصهيوني.

2-    السادات: نقل مشروع مصر العربي من حالة التضامن العربي، والمجابهة مع إسرائيل، إلى حالة الصلح والتطبيع والتعاون، وإقامة أول سفارة لدولة إسرائيل في القاهرة، وما أحدثه ذلك من انهيار للعلاقات المصرية العربية، إضافة إلى إتّباع سياسة الانكفاء التي سادت في تلك المرحلة، تحت شعار "مصر أولا".

3-    مبارك: قامت الرؤية المصرية في عهد مبارك على ذات العناصر التي وضعها السادات؛ فخسرت مصر العرب في إطار نقد مسار السلام الذي بدأته في كامب ديفيد، وعملت مصر على تعريب مشروع التسوية السلمية للصراع العربي - الصهيوني، ثم سعت جاهدة؛ لدمج إسرائيل في المنطقة في سياق مشروع الشرق أوسطية، ناهيك عن مساهمة النظام المصري بالتآمر على فلسطين من خلال جملة من الممارسات الفاضحة، منها على سبيل المثال: دفع القيادة الفلسطينية للانبطاح أمام المفاوض الصهيوني، وما تلى ذلك من هرولة على طريق التنازل عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والمشاركة الأساسية في فرض الحصار على قطاع غزة، إضافة إلى دعم ومباركة إعلان العدو الصهيوني الحرب على غزة من قلب العاصمة المصرية عام 2008م.

4-    مرسي: الفلسطينيون لم يلمسوا تغيرا جوهريا على السياسات المصرية حيال قضيتهم أثناء فترة حكمه، نظرا لتركيز الحكومة المصرية على الشأن الداخلي، وبالتالي ظلت حالة الجمود السياسي تمثل عنوان المرحلة التي لم تدم طويلا.

5-    السيسي: انقلب على حكم الاخوان؛ فانتكست السياسة المصرية تجاه الفلسطينيين، وعادت أسوء مما كانت عليه في عهد مبارك، في ظل حملة إعلامية بلغت أقصى درجات الكذب والافتراء، والفحش الإعلامي المنفلت مهنيا وأخلاقيا، والذي كشف عن واقع إعلامي مصري عفن، متخم بنفوس مريضة وحاقدة، وشخصيات صحفية غير مسئولة، مجردة من الحس الوطني، ومعادية للضمير الإنساني، الأمر الذي من شأنه أن ينسف العلاقة بين الشعبين المصري والفلسطيني، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، بل تجاوز ذلك ليصل إلى درجة تهديد وزير خارجية الانقلابين بضرب غزة، في الوقت الذي تشهد فيه الحدود المصرية الفلسطينية، جملة من الاجراءات التعسفية، حيث تقوم الفاشية العسكرية بإقامة منطقة أمنية عازلة، وتعمل على تشديد الحصار، وهدم الأنفاق، وإغلاق المعابر، ما يشير إلى وجود سباق ماراثوني بين الانقلابين والاحتلال الصهيوني؛ من أجل تحقيق سلسلة من الأهداف، من بينها تركيع الشعب الفلسطيني، والنيل من صموده، وكسر إرادته، والإطاحة برأس المقاومة فخر الأمة وتاج عزتها.

واللافت للانتباه أن نبرة الغطرسة والتعالي باتت سمة بارزة في خطاب قراصنة الحكم العسكري وصعاليك إعلامه، ما جعل شريحة ممتدة في الشارع المصري تتأثر بهذا الخطاب المفلس، وما يزيد الطين بله، أن هؤلاء لا يتورعون عن تحميل الشعب الفلسطيني، وسائر بلاد المسلمين، الفضل والمنّة نظير ما (قدم المصريون من تضحيات جسام في سبيل القضايا العربية والإسلامية !!!)، وأنا لا أدري ماذا قدموا؟ ومتى وأين وكيف ولماذا ؟.