سفينة "مادلين" ترسو في ميناء أسدود بعد احتجاز ركابها وسط تصاعد التنديد الدولي

سفينة "مادلين" ترسو في ميناء أسدود بعد احتجاز ركابها وسط تصاعد التنديد الدولي
سفينة "مادلين" ترسو في ميناء أسدود بعد احتجاز ركابها وسط تصاعد التنديد الدولي

رست سفينة "مادلين" الليلة الماضية على ميناء أسدود، وذلك بعد ساعات من اعتراضها من قبل إسرائيل والسيطرة عليها في عرض البحر بينما كانت في طريقها إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة وتنديدا بالحرب المدمرة المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن "السفينة رست في ميناء أسدود، ويخضع ركابها حاليا لفحوصات طبية للتأكد من سلامتهم".

وسيطرت إسرائيل على السفينة فجر الإثنين، بينما كان على متنها 12 ناشطا من فرنسا وألمانيا والبرازيل وتركيا والسويد وإسبانيا وهولندا، الذين أبحروا من إيطاليا في الأول حزيران/ يونيو "لكسر الحصار الإسرائيلي" على غزة الذي يعاني وضعا إنسانيا كارثيا في ظل حرب الإبادة.

ومن المقرر أن ينقل النشطاء من مسؤولية الجيش الإسرائيلي إلى الشرطة وسلطة السجون، تمهيدا لترحيلهم جوا عبر مطار "بن غوريون" عقب إخضاعهم للتحقيق.

في غضون ذلك توالت ردود الأفعال الدولية الغاضبة، عقب قيام بحرية الاحتلال الإسرائيلي، فجر الاثنين، باعتراض سفينة الإغاثة الإنسانية "مادلين" في المياه الدولية أثناء توجهها نحو قطاع غزة المحاصر، ما أثار موجة إدانات رسمية وحقوقية واتهامات بانتهاك القانون الدولي.

وفي أول رد أوروبي رسمي، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية في مدريد، دان بوراز، احتجاجاً على اعتراض السفينة.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية أن الاستدعاء جاء على خلفية "الاعتداء على سفينة مساعدات مدنية كانت متجهة إلى غزة".

من جهته، أعلن السفير الألماني في تل أبيب، ستيفن سيبرت، في منشور على منصة "إكس"، أن حكومته على تواصل مع السلطات الإسرائيلية بشأن مصير الركاب، مشيراً إلى أنه "تم التأكد من سلامة المواطنين، وطُلب منهم مغادرة البلاد"، مضيفاً أن بلاده عرضت المساعدة القنصلية لمواطن ألماني كان على متن السفينة.

أما فرنسا، فقد دعت عبر وزارة خارجيتها إلى "توفير الحماية القنصلية" لمواطنيها الستة الذين كانوا ضمن طاقم السفينة، مطالبة الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق سراحهم فوراً.

كما أصدر قصر الإليزيه بياناً شدد فيه الرئيس إيمانويل ماكرون على ضرورة إعادة الفرنسيين المحتجزين، رغم أن الحكومة كانت قد حذّرتهم مسبقاً من المشاركة في الرحلة.

وفي أنقرة، وصف نائب الرئيس التركي جودت يلماز هجوم الاحتلال الإسرائيلي بـ"جريمة جديدة تضاف إلى سجل حكومة نتنياهو"، مضيفاً أن ما جرى "يستدعي رداً حازماً من المجتمع الدولي".

وأكد استمرار تركيا في دعم الشعب الفلسطيني، قائلاً: "الشعب الفلسطيني وقيمه الإنسانية سينتصران، أما سياسات القمع والإبادة فمصيرها الفشل".

كذلك، أدان رئيس جمهورية شمال قبرص التركية أرسين تتار الهجوم واعتبره "عملاً إرهابياً وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان". وأعرب عن أمله في الإفراج العاجل عن طاقم السفينة.

فيما وصف رئيس برلمان قبرص التركية، ضياء أوزتوركلر، ما جرى بأنه "اعتداء سافر على القيم الإنسانية وخروج على القانون الدولي".

وفي موقف لافت، شددت نائبة رئيس الوزراء الأيرلندية على أن اعتراض السفينة "مادلين" يبرز الحاجة الملحة لإنهاء الحصار على قطاع غزة، والسماح بدخول المساعدات دون عوائق. وأكدت أن "ما حصل يعكس تقاعس العالم عن تحمل مسؤوليته"، مشيرة إلى أن الجوع في غزة "وصمة عار في جبين المجتمع الدولي".

من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، نيتها ترحيل 12 ناشطاً دولياً كانوا على متن "مادلين"، بعد اعتراضها ونقلها إلى ميناء أسدود جنوب البلاد.

وذكرت هيئة البث العبرية الرسمية أنه جرى احتجاز السفينة وطاقمها ونقلهم إلى سجن "جفعون" في مدينة الرملة، مع تجهيز زنازين منفصلة لهم.

وأصدر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير تعليمات بمنع دخول وسائل الإعلام والاتصال إلى أماكن احتجازهم، في خطوة اعتبرها حقوقيون "انتهاكاً صارخاً لحقوق المعتقلين".

في السياق ذاته، وجه مركز "عدالة" الحقوقي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة رسالة عاجلة إلى السلطات، طالب فيها بالكشف عن أماكن احتجاز الناشطين، معتبراً أن اعتراض السفينة في المياه الدولية يشكل "خرقاً فاضحاً للقانون الدولي".

وكانت سفينة "مادلين"، التي كانت تقل 12 ناشطاً من جنسيات أوروبية مختلفة، من بينهم الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، قد تعرضت لهجوم من البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية.

وتضمنت العملية تحليق طائرات مسيرة وإلقاء مواد بيضاء غير معروفة على ظهر السفينة، بالتوازي مع محاصرتها بزوارق سريعة، وقبل الاقتحام، بث المتضامنون تسجيلاً مباشراً أظهر جنود جيش الاحتلال وهم يطالبون الركاب برفع أيديهم، قبل أن تنقطع الإشارة بفعل التشويش.

يُشار إلى أن "مادلين" ليست أول سفينة تتعرض لاعتراض من البحرية الإسرائيلية، إذ سبقتها سفينة "الضمير" التابعة للجنة الدولية لكسر الحصار، التي تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة في الثاني من أيار/مايو الماضي، ما أدى إلى ثقب في هيكلها واشتعال النيران في مقدمتها.

ويأتي هذا الحادث في سياق حرب إسرائيلية متواصلة ضد قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي وصفتها منظمات حقوقية وأممية بـ"الإبادة الجماعية"، حيث أسفرت حتى الآن عن أكثر من 181 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود ومئات آلاف النازحين، وقد تسببت المجاعة الناجمة عن الحصار الإسرائيلي في وفاة العديد من الأطفال، وسط دمار واسع طال كل مقومات الحياة.

 

ورغم أوامر محكمة العدل الدولية بوقف الانتهاكات، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته بدعم مباشر من الولايات المتحدة، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لرفع الحصار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.

وفي السياق، أفاد مركز "عدالة" الحقوقي الذي يتابع القضية بتوكيل من النشطاء، بأن السلطات الإسرائيلية بررت هذا الإجراء باستمرار فرض الحصار البحري على غزة.

وجاء في بيان له، أنه في أعقاب مراسلات مع السلطات الإسرائيلية على مدار اليوم، ردت المستشارة القانونية للبحرية الإسرائيلية على مركز "عدالة"، قائلة إنه "في كانون الثاني/ يناير 2009 فرضت دولة إسرائيل حصارا بحريا على سواحل قطاع غزة، وذلك وفقا للقانون الدولي، وقد جرى الإعلان عن فرض الحصار من خلال قنوات دولية معترف بها".

وذكر أن "السلطات الإسرائيلية تستخدم استمرار فرض الحصار غير القانوني على غزة كمبرر لاحتجاز نشطاء دوليين، من بينهم أطباء وصحافية ونائب برلمان من دول مختلفة. هؤلاء الأفراد نفذوا مهمتهم احتجاجا على الجرائم غير المحتملة والمستمرة التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة".

ودعا مركز "عدالة" الدول والمجتمع الدولي إلى المطالبة فورا بالإفراج عن النشطاء الـ12 المحتجزين، وبالوقف الفوري للجرائم التي دفعتهم إلى التحرك؛ حسبما ورد في البيان.

وكان "تحالف أسطول الحرية" يهدف من خلال هذه الخطوة إيصال مساعدات إلى القطاع الساحلي الذي تفرض عليه إسرائيل حصارا منذ فترة طويلة.

وصرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن إيقاف السفينة"مادلين" حدث بناء على الحصار البحري المفروض على غزة منذ عام 2007، والذي يمنع دخول السفن غير المصرح لها.

وفي المقابل، قال "تحالف أسطول الحرية" بعد اعتراض السفينة: "نطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين الاثني عشر على متن "مادلين"، وعن جميع الأسرى الفلسطينيين الآخرين، وإنهاء الاحتلال والحصار الوحشي، وفتح جميع الحواجز الحدودية فورا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وصفت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، إسرائيل بأنها "دولة مجرمي حرب"، على خلفية اعتراضها سفينة "مادلين" الإغاثية أثناء اقترابها من شواطئ القطاع الفلسطيني المحاصر.

ودعت في منشور على منصة "إكس"، الناشطين في العالم إلى مواصلة دعم المتضامنين الاثني عشر الذين اعتقلتهم إسرائيل على متن السفينة "مادلين" فجر اليوم.

وقالت اللجنة: "استمروا في الكتابة والنشر والمشاركة عن الأبطال الاثني عشر للضغط على إسرائيل لإطلاق سراحهم فورا".

ودعت أيضا إلى بدء تجهيز مزيد من السفن الإغاثية في العالم وإرسالها إلى الفلسطينيين المجوّعين بالقطاع المحاصر.

وشددت على أنه "إذا أوقفوا سفينة واحدة، فلا بد أن تتبعها مئة سفينة، وإذا أسروا 12، فسيثور الآلاف".

انتهى

غزة-تل ابيب/ المشرق نيوز