بلغت الأزمة السياسية في إسرائيل ذروتها، اليوم الأربعاء، بعد أن رفض زعيما الجمهور الحريدي-الليتواني، الحاخامان دوف لاندو وموشيه هيرش، الاجتماع مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمناقشة قضية قانون التجنيد، مشددين على أنه "لا جدوى من إجراء المزيد من المحادثات".
وتستمر الأزمة بين الحريديم والائتلاف الحاكم بشأن عدم الموافقة على إعفاء التجنيد، وقد بلغت ذروتها اليوم (الأربعاء)، بعد تهديدات حزب "يهدوت هتوراة" وكبار حاخاماته بحل الحكومة ودعم الانتخابات.
وحذر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش من تداعيات الأزمة الدائرة في الحكومة على خلفية قضية قانون التجنيد "خطيرة".
وقال الوزير سموتريتش لأعضاء كتلته: "الأزمة في الحكومة خطيرة. نحن على بُعد قيد أنملة من انتخابات قد تعني، لا قدّر الله، توقفا وخسارة للحرب".
وأضاف متوجها لهم: "أطلب منكم عدم إجراء مقابلات إعلامية والسماح بمحاولة استقرار الوضع"
ومن المرتقب أن يبحث الزعيمان في وقت لاحق مسألة انسحاب الأحزاب الحريدية من الائتلاف الحكومي واتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن.
وفي سياق متصل، من المقرر أن يلتقي نتنياهو مع رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، لمناقشة الأزمة. كما عقدت كتلة "شاس" الحريدية اجتماعاً طارئا لمتابعة التطورات.
وجاء في بيان صدر صباحا عن بيت الحاخام هيرش أن الأحزاب الحريدية الأشكنازية قد تعلن اليوم انسحابها من الائتلاف الحكومي، بسبب "عدم إحراز أي تقدم" في قضية التجنيد.
وأشار البيان إلى أن المفاوضات مع إدلشتاين فشلت، في ظل إصراره على فرض عقوبات على طلاب المدارس الدينية الذين لا يؤدون الخدمة العسكرية.
أما في بيت الحاخام لاندو، فقد جاء الموقف أكثر حدة، حيث عبّر الأخير عن تأييده الواضح لحل الكنيست.
ورغم استمرار المفاوضات مع إدلشتاين حتى ساعات متأخرة من الليل، فإنها لم تفضِ إلى أي اختراق.
وكشفت إذاعة "كان" أن الفجوات بين الطرفين ما زالت كبيرة، في وقت اتهم مقربون من الوزير يتسحاق غولدكنوبف، زعيم حزب "يهدوت هتوراه"، كلا من إدلشتاين وأمين الحكومة يوسي فوكس بمحاولة "كسب الوقت" من دون تحقيق أي تقدم حقيقي.
تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب الحريدية اقترحت صيغة مخففة لقانون التجنيد، تتضمن خدمة قصيرة لمدة سنة ونصف السنة، وهو ما قوبل برفض قاطع من قبل إدلشتاين.
وبحسب ما نشرته مراسلة "كان"، ياعارا شابيرا، فقد سأل نتنياهو إدلشتاين خلال محادثة جانبية في الكنيست عن آخر التطورات بشأن القانون، فأجابه الأخير بأن "هناك صعوبات"، ليرد عليه نتنياهو قائلا: "يجب إحراز تقدم، الأمر عاجل".
ويُذكر أن هناك إدراكا في أوساط حزب "الليكود" حول الأزمة الراهنة التي قد تؤدي إلى تفكك الحكومة.
وفي هذا السياق، صرّح عضو الكنيست وعضو لجنة الخارجية والأمن حانوخ ميليفيتسكي صباح اليوم بأن "التهديدات الصادرة عن الحريديم جادة للغاية"،
ولفت إلى وجود غضب واسع في الشارع الحريدي منذ وقف دعم الحضانات، مضيفا: "الضغط كبير على النواب الحريديم، ومن يعرف التفاصيل يدرك مدى خطورة الوضع".
الى ذلك قررت كتلة حزب شاس الحريدي دعم التصويت لصالح حلّ الكنيست، في اجتماع عقدته مساء اليوم، الأربعاء، بدعوة من زعيم الحزب أرييه درعي، وذلك على خلفية تصاعد الخلاف بين الأحزاب الحريدية وحزب الليكود بشأن سنّ قانون يُعفي الحريديين من الخدمة العسكرية.
وقال مصدر في حزب شاس: "سندع حزب يهدوت هتوراة يتصدر هذا الحدث، وشاس سيكون طرفًا غير مبادر في هذه الأزمة". وأضاف أنه "في حال لم تُحلّ الأزمة خلال الأسبوع المقبل، وتم التوافق على حلّ الكنيست وتحديد موعد للانتخابات، فسنطالب بأن تُجرى بعد أيلول/ سبتمبر، حتى لا يتضرر طلاب المعاهد الدينية الذين يبدأون سنتهم الدراسية".
ويسعى قياديون في حزب "أغودات يسرائيل"، الذي يشكل مع حزب "ديغل هتوراة" كتلة "يهدوت هتوراة" الحريدية في الكنيست والحكومة الإسرائيلية، إلى عقد اجتماع لمجلس "كبار حكماء التوراة"، الذي يتخذ القرارات الهامة لهذا الحزب، من أجل إلزام أعضاء الكنيست من الحزب بتأييد مشروع قانون لحل الكنيست.
ويأتي ذلك، فيما أوعز الزعيم الروحي لحزب "ديغل هتوراة"، الحاخام دوف لاندو، لأعضاء الكنيست من حزبه بتأييد قانون لحل الكنيست، حسب مصادر في "يهدوت هتوراة"، لكن موقع صحيفة "هآرتس" أفاد بأن لاندو أوعز لعضو الكنيست موشيه غفني، من "ديغل هتوراة" بالانسحاب من الائتلاف فقط، وأنه بذلك يمنح رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عدة أسابيع لحل الأزمة.
وحسب التقديرات في المؤسسة السياسية، فإنه في حال قدمت "يهدوت هتوراة" مشروع قانون لحل الكنيست أو أنها قررت الانسحاب من الائتلاف، فإنه سيكون صعبا على حزب شاس ألا ينضم إليها.
وتأتي هذه التطورات اليوم، الأربعاء، بعد اجتماع الليلة الماضية بين الحريديين ورئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، يولي إدلشتاين، من حزب الليكود، ووصفه الحريديون بأنه "اجتماع فاشل"، لأن الخلافات بين الجانبيت لا تزال على حالها، وتتمحور بالأساس حول عدد الحريديين الذي سيُجندون والعقوبات الشخصية على الحريديين الذي سيرفضون التجنيد وعلى المؤسسات التعليمية الحريدية.
ونقل موقع "واينت" الإلكتروني عن مصادر حريدية قولها إن إدلشتاين أدخل إلى قانون التجنيد شروطا لم يطرحها من قبل، وهذا كان سبب تصريحات الحريديين حول الانسحاب من الائتلاف أو حل الكنيست. وهم لا يوجهون إصبع الاتهام إلى إدلشتاين فقط، وإنما إلى نتنياهو أيضا.
وتقول المصادر في "أغودات يسرائيل" إن رئيس شاس، أرييه درعي، مطلع على كافة التطورات وأنهم يتوقعون دعمه لقانون حل الكنيست، حسبما نقل "واينت" عنهم.
وفيما ترددت أنباء مفادها أن درعي يحاول بلورة حل، دعا الأخير، بعد ظهر اليوم، بشكل مفاجئ، وزراء وأعضاء الكنيست من حزبه إلى اجتماع خارج الكنيست، وأن الوزراء وأعضاء الكنيست غادروا مقر الكنيست دفعة واحدة. وفي أعقاب الاجتماع، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في شاس أن كتلة الحزب تتجه إلى دعم حل الكنيست.
ويعتبر درعي أن الحل الأفضل هو الاتفاق مع نتنياهو حول موعد لانتخابات مبكرة، لأنه لا يريد أن يظهر كمن أسقط حكومة اليمين، وذلك لأن قسما كبيرا من ناخبي شاس هم متدينون تقليديون ويخدمون في الجيش ومؤيدون لنتنياهو شخصيا أيضا، وكذلك لأن حل الكنيست الآن سيمنع شاس من السيطرة على وزارة الأديان وعلى تعيين حاخامات المدن، وبينهم ابن شقيق درعي المرشح لمنصب حاخام مدينة بئر السبع، في الأشهر القريبة.
وسيحاول الائتلاف الحاكم تهدئة الأوضاع وإقناع "يهدوت هتوراة" بعدم حل الكنيست أو الانسحاب من الحكومة. على سبيل المثال، طلب نتنياهو التحدث مع الحاخام لاندو، أحد قادة الليتوانيين، لكنه رفض قائلاً: "لا جدوى من ذلك".
ينقسم كبار حاخامات حزب التوراة اليهودية الموحدة حول تأييد حل الكنيست أو الاستقالة من الحكومة. قد تكون الاستقالة من الحكومة فورية (بعد يومين من إعلان الاستقالة)، وقد يستغرق حل الكنيست وقتًا طويلاً نسبيًا للموافقة النهائية عليه.
ومن المقرر أن يتم التصويت، يوم الأربعاء، على مشاريع قوانين المعارضة لحل الكنيست.
وفي حال الموافقة على اقتراح حل الكنيست، فمن المتوقع أن يحال إلى لجنة تابعة للكنيست.
وستناقش لجنة الكنيست الاقتراح وتقرر ما إذا كانت ستوافق عليه للقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست.
إذا وافقت اللجنة، فسوف تجتمع الجلسة العامة وتصوت على الاقتراح في القراءة الأولى.
وفي حال الموافقة على الاقتراح في القراءة الأولى، فسيتم إعادته إلى لجنة الكنيست للتحضير للقراءتين الثانية والثالثة.
وبعد إعداد المقترح، سيتم إعادته إلى الجلسة العامة للموافقة عليه في القراءتين الثانية والثالثة.
إلى حين إقرار مشروع قانون حل الكنيست، هناك عملية تتضمن تقديم مقترحات. حاليًا، هناك عدة مقترحات لحل الكنيست مطروحة على طاولة الكنيست منذ فترة طويلة، لكنها لم تُطرح للتصويت بعد. التصويت على المقترحات ورفضها سيمنع تقديم مقترح مماثل لمدة ستة أشهر.
في حزب "يش عتيد"، أعلن حزب "إسرائيل بيتنا" والحزب الديمقراطي اليوم أنهما سيطرحان مشاريع قوانينهما لحل الكنيست للتصويت الأسبوع المقبل، وهي مشاريع مطروحة على طاولة الكنيست منذ فترة طويلة، رغم امتناعهما عن ذلك حتى الآن.
وخلال الأسبوع المقبل، وحتى تقديم مشاريع القوانين، سيحاول نتنياهو منع حزب "يهدوت هتوراة" من دعم حل الكنيست، لذا من المتوقع أن تكون الأيام القليلة المقبلة دراماتيكية. إذا رأت أحزاب المعارضة عدم تحقيق الأغلبية، فستسحب مشاريع القوانين.
ستنتهي الدورة الصيفية الحالية للكنيست في27 يوليو/تموز 2025، وبالتالي، أمام السياسيين، اعتبارًا من اليوم، 53 يومًا للموافقة على مشروع قانون لحل الكنيست، طالما رغبوا في ذلك خلال هذه الدورة. بعد الدورة الصيفية، سيدخل الكنيست في عطلة طويلة لمدة 84 يومًا، وفي نهايتها، إذا لم يُحل، ستُفتتح الدورة الرابعة للكنيست.
انتهى
غزة-تل ابيب/ المشرق نيوز