السلم الاهلي بالسياق الفلسطيني . بقلم :- محسن ابورمضان. 

محسن ابو رمضان.jpeg
محسن ابو رمضان.jpeg

السلم الاهلي بالسياق الفلسطيني . بقلم :- محسن ابورمضان. 
تعتبر المواطنة ركيزة السلم الاهلي في اي مجتمع من المجتمعات.
ولأن الحالة الفلسطينية ملتبسة مابين السلطة التي تطمح للتحول الي دولة وبين مرحلة التحرر الوطني من أجل إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال  الوطني فإن مفهوم السلم الاهلي يكتسب خصوصية معينة .
اصدرت السلطة الفلسطينية القانون الأساسي عام 2003 واعتمدت سلسلة من القوانين ولديها جهاز للقضاء.
وبغض النظر عن حالة الالتباس بخصوص هذة القوانين وغياب الانتخابات والتداول السلمي للسلطة واعتماد قرارات بفعل القوانين والانقسام القانوني بين غزة والضفة كاحد افرازات الانقسام وهيمنة السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية الا اننا نستطيع القول ان هناك مرجعية قانونية بالإمكان الاستناد اليها بتنظيم العلاقة بين المواطن والسلطة(الدولة ).
يشار هنا ان القانون الأساسي يستند الي الشرعة الدولية لحقوق الانسان وفلسفة المواطنة المتساوية والمتكافئة التي اسست لها وثيقة الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني الفلسطيني بالعام 1988.
يعيش الشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع ظروف صعبة ويواجة تحديات مصيرية ترمي الي تصفية القضية الوطنية من خلال حرب الابادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال علي قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر للعام 2023 والذي يعمل علي استنساخة وان كان بأشكال اخري علي الضفة الغربية عبر استهداف مخيماتها وتنفيذ عمليات تطهير عرقي جزئية .
ان عدوان الاحتلال علي الشعب الفلسطيني بالضفة والقطاع يدفع الي اعتماد مقاربة تستند الي مرحلة التحرر الوطني في مواجهة التحديات المصيرية والوجودية التي يتعرض لها شعبنا. 
يتضح من قراءة افكار وتوجهات حكومة الاحتلال الفاشية انها تستهدف الجميع ومما يؤكد ذلك تصريحات سموتريتش الذي اعتبر عام 2025هو عام حسم الصراع وضم الضفة الغربية كما ان تصريح بن غفير عن نيتة لاقتراح قانون بالكنيست بشطب اتفاق أوسلو يعكس الرغبة بإسقاط او تقويض السلطة .
واضح ان هذة التصريحات تأتي في سياق استثمار وجود ترامب في رئاسة البيت الأبيض والذي يعتبر مؤيدا بلا حدود لدولة الاحتلال وهذا ما ظهر مؤخرا من خلال مشروع تهجير أهالي قطاع غزة وتحويلة الي ريفيرا الشرق. 
وعلية فإن محاولة النأي بالنفس من قبل السلطة او اعتماد السياسة الانتظارية والرهان علي المتغيرات لن تجدي أمام احساس حكومة الاحتلال ان اللحظة التاريخية أصبحت مؤاتية لتصفية القضية وتنفيذ عملية التهجير حتي لوكان (طوعيا ).
ولصيانة السلم الاهلي فنحن بحاجة للعمل علي المستوي المؤسساتي عبر تشكيل حكومة توافق وطني وفق اعلان بكين وتحقيق الشراكة السياسية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية عبر ادماج الكل الوطني بمكوناتها لاتخاذ قرارات الحرب والسلم بصورة توافقية ولاعادة تعريف السلطة بوصفها سلطة خدماتية تعمل علي تعزيز صمود المواطنين وتنفذ مبدأ سيادة القانون وفق منظور المواطنة الأمر الذي يتطلب العمل علي إجراء الانتخابات الشاملة بما يعزز التشاركية بين كافة الفاعليات السياسية. 
من جهة اخري فيجب العمل علي المحور المجتمعي بما يعزز من وحدة النسيج الاجتماعي والعمل علي محاصرة المظاهر السلبية التي نشأت بسبب العدوان وخاصة في قطاع غزة مثل تجار الحرب وغلاء الأسعار والسرقات والسطو علي المساعدات الإنسانية والاحتقانات العائلية والفئوية السياسية والنزعة الفردية بما يختلف عن المظاهر التي سادت ابان الانتفاضة الشعبية الكبري والتي كان التكافل والتضامن الاجتماعي من ابرز سماتها . 
يعمل الاحتلال علي التقسيم والتفتيت الجغرافي والديموغرافي كما يعمل علي التجزئة بين مكونات المجتمع الواحد .
لقد بتنا نلمس ان هناك هوة ثقافية ونفسية  تتسع  بين غزة والضفة وفي قطاع غزة هناك تمايزات بين الشمال والجنوب وبين الذين خرجوا من القطاع قسرا بسبب العدوان الي مصر  وبين الذين بقوا بالقطاع كما كان هناك تمايز بين لاجئ ومواطن الي جانب التمايز بين الفاعليات السياسية الذي تعززت بة النزعة الفئوية بسبب الانقسام بين فتح وحماس. 
كما يوجد تمايزات أيضا بالضفة علي اسس جهوية وعائلية ومناطقية وسياسية ....الخ .
ان إظهار حالة الاختلافات والتمايزات لايقلل من المظاهر الايجابية التي اثبتها شعبنا وخاصة صمودة الاسطوري في قطاع غزة أثناء العدوان الذي استمر لأكثر من 15شهرا وافشالة لمخطط التهجير عبر عودتة من الجنوب الي الشمال لحظة الاعلان عن وقف إطلاق النار في مشهد يثبت التمسك بالأرض والهوية .
ان إبراز الظواهر السلبية يهدف الي معالجتها وليس الي جلد الذات حيث أن الجميع يدرك ان الحروب تفرز العديد من المظاهر السلبية وكذلك الايجابية. 
وعلية فإن تظهير بعض المظاهر السلبية يرمي الي لفت الانظار لمعالجتها والتفكير بالادوات والوسائل القادرة علي سد الثغرات وترميم الفحوات وذلك  بهدف إعادة اللحمة  في بنيان وهياكل المجتمع .
هناك تحد كبير يواجهة الفاعليات السياسية والمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني وهيئات السلم الاهلي بهدف  العمل علب إعادة تأصيل مفهوم ثقافي مبني علي التكافل والتضامن والتماسك لتعزيز وحدة النسيج الاجتماعي وكذلك مبني علي فلسفة المواطنة المتساوية والمتكافئة في إطار منظومة مؤسساتية قانونية تستند الي آلية المشاركة وتتسم بالشفافية.
انتهي.