هلوسات لها منّ يفهمها.. بقلم لؤي ديب
كاذبون نحن .. نكذب على انفسنا كل ليلة ونقول اننا تجاوزنا كل الاشياء .. ولكننا في الحقيقة .. لم نشفّ ، ولم نتجاوز شيئاً على الاطلاق ، فقط نحن نضع جرحاً على الاخر ، ونجعل الايام تمر من فوقنا .. لم نتجاوز شيئاً .. ثمة خدش كبير في ارواحنا لا تستطيع ضمادات الحياة ان تشفيه … نحن فقط في كل ليلة نودع يوماً من اعمارنا .
هذا التسلحف السياسي والانطعاج الوطني يجعل الحياة تتسرب من بين ايدينا ، هذا الصمت الذي نمارسه على انفسنا بدكتاتورية تجاوز الحديث عن كل شيء لا يعجبنا يقتلنا ببطء شديد ، يُقال دوماً أن الحروب الطاحنة تقتل الخوف وتغير الاولويات وتخلق متضادات المتمسكين بالحياة والرافضين لها ، الا عندنا ! لا تمسك ولا رفض بل تعايش مع روايات الغير ، سوف نندم ندماً شديداً على صمت مارسناه في وقت كان يجب ان نصرخ فيه ، والايام بيننا ….
اما انت يا ابن فلسطين ، يا منّ لا مكان لك في الاِدراج على بورصة بائعي الاوطان وسكانها فكن على يقين أن الله عز وجل سيُنبت لك من بين صخور وجعك الجافة العاصية زهوراً تشبهك وسيرويها بقطرات الفرح والذي تولي اخراجها سيتولى سقياها بماء طهور كالذي سال من عينيك مراراً وتكراراً .. سيجعل لك من ضيقك مخرجا ومن همك فرجا وسيبني حول قلبك الهش سوراً متيناً يصعب على الوجع اختراقه ، ويستحيل على اليأس الوصول اليه .
وللابطال الخارقين .. زهاة عصرهم وجهابزة زمانهم عباقرة الهطل السياسي والدروشة الوطنية تأكدوا لا يمكنكم منع الطيور السوداء من الطيران فوق رؤوسكم، لكن يمكنكم منعها من بناء عش في شعركم .
منً ببصق في وجه الريح يُعمي عينيه و منّ يزرع الريح يحصد الدخان و منّ يركض خلف ظله لن يمسكه ابداً و فلسطين رواية ونحن نهوى القراءة ، وفي قصتنا اليوم الملح يشبه السكر وكُثر من يخدعهم اللون ويصدمهم الطعم .
باختصار لا تستطيع صيد نمر بارسال كلب ، هلوسات لها منّ يفهمها .