يوم الخميس 21مارس الماضي بات تاريخا حزينا يحمل ذاكرة أليمة لا تمحى أبد الدهر لدى المختار الستيني كمال نصار، وهو يوم ابادة عائلته المؤلفة من 9 أفراد واستشهاد زوجته وأبنائه الثلاثة وزوجاتهم وحفيديه، بصاروخ غادر من طائرة اسرائيلية دمرت منزلهم في حي الصبرة وحولته الى ركام، الا انه نجا من الموت بأعجوبة مع ثلاثة من احفاده رغم تواجدهم بالمنزل المقصوف.
يروي المختار كمال نصار للقدس تفاصيل الحادثة المؤلمة وهو يتجرع الحسرة والحزن على فراق عائلته قائلا: كانت الساعة تشير الى الثالثة والنصف فجرا واستعد لاداء صلاة الفجر وكان الجميع نيام حينما باغتنا قصف الطائرات الاسرائيلية بقذيفة تزن طنا، فحولت المنزل وكل شيء الى ظلام وركام، وحوصرت في غرفتي بين الانقاض والموت يترقبني في كل مكان وأنفاسي مقطوعي، وسط حالة من الفزع والرعب والخوف.
وتابع نصار، حديثه مستذكرا تلك اللحظات العصيبة والدموع تخنق عبراته: رددت الشهادتين عدة مرات، وتمتمت بالأدعية ليخلصني الله من ذلك الكرب، وأن يطيل الله عمري ويحسن خاتمتي، وفجأة شق ضوء صغير الظلام وسمعت اخواني ينادون ويصرخون فقمت بالرد عليهم وانتشلوني من المكان.
وبعد لحظات مرت على نصار وكأنها الدهر، اصيب بصاعقة عصفت بقلبه وكأن الدنيا قد أطبقت على رأسه، بعد أن تبين له استشهاد أفراد عائلته التسعة على رأسهم زوجته الحجة ام عبد الله وابناءه الثلاثة عبدالله 35 وزوجته وبناته الثلاثة الطالبات في المدرسة الابتدائية ومحمد 33 وزوجته وعبد الرحمن الذي كان على وشك الزواج لولا اندلاع الحرب.
وتابع بنبرة يتخللها الم عميق: انتشلنا جثامين الشهداء وكفناهم بما توفر من أردية، وحفرنا لهم قبورا في ارض خالية تابعة للعائلة ودفناهم هناك ليصبحوا مزارا لي في اغلب ساعات اليوم والليل، أواسي نفسي بالاقتراب من قبورهم، لعلي أهدئ لوعة الشوق وألم الفراق ونار الجوى التي تأكل قلبي وتشتعل في وجداني وتهز كياني.
واوضح نصار ان هذا الاجرام الاسرائيلي طال منزله بسبب عدم الانصياع لأوامر اخلاء المنطقة والرحيل الى الجنوب مشيرا الى انه لا يكاد يتبقى احدا في الحي سواه هو واشقاءه، ومنوها الى ان نجاته هو واحفاده الثلاثة هي رسالة بان الموت والحياة بيد الله، ولا يستطيع احد انتزاع الروح مهما امتلك من قوة غاشمة.
الى جانب نجاة المختار كمال نصار من الموت بأعجوبة، نجا معه حفيدتيه سعاد 12 عاما وسوار 10 سنوات وشقيقهما الطفل جمال، وهم ابناء محمد، وهم لاان في كفالة عمتهم دعاء التي تعيش في حي النفق في غزة، مشيرا الى ان بناته الثلاثة اسراء واسلام ودعاء المتزوجات قد نجاهم الله حيث لم يتواجدوا في البيت ذلك اليوم الى جانب زوجته الثانية وابنهما وابنتهما.
واضاف المسن الأثكل متحدثا عن حاله بعد هذه المجزرة المروعة: لما يحكوا لك مش مهم البيت المهم سلامتكم والله غلطانين، البيت هو سلامتنا وسترنا وكرامتنا وقيمتنا وقدرنا وعزنا وفخرنا قطعه من القلب كل ركن فيه ذكرى جميله اسعدتنا الله يعوضنا عوض خير يا رب.
ويتابع: رحم الله من كانوا يفرحون معنا، رحم الله من كانوا يزيدون الحياه حلاوة وجمالاً، رحم الله من فقدته العين وافتقده القلب وفقده المكان رحم الله من هم الآن ينتظرون دعواتنا لهم في القبور، رحلوا جميعا وتركوني انا ونار الشوق تحرقني، جميعهم رحلوا ونار الشوق تحرقني، اللهم اجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، اللهم ارحمهم برحمتك الواسعة يا رب العالمين.
انتهى
غزة-القدس / علاء المشهراوي