لا تتوقف الحرب على غزة الحبلى بالروايات المتنوعة في أحداثها وأشخاصها، أن تحكي كل يوم الجديد من القصص التي ترسم المزيد من الأحزان وتخلد العديد من المواقف التي تنم عن ثبات وصمود وبطولة اسطورية تتجلى لدى اولئك المرابطون فوق ارضهم، غير ابهين بنيران الموت وجوع الامعاء وشبح الخوف وتنكيل المجرمين فلا يسلم منهم شهيدا ولا جريحا ولا اسيرا ولا محاصرا ولا نازحا، على وقع نيران المدافع وازيز الرصاص وحمم الصواريخ.
المواطن الأربعيني كامل الشح ابن مخيم جباليا خطف الاحتلال منه فلذات كبده الأربعة، فاستشـهد أبناءه فوزي وقصي ومحمد وعماد دفعة واحدة، فتألم قلبه وطاش عقله ووغر صدره، فاستخف بالحياة دونهم، ولم يجد لها طعما وثارات الانتقام تعوي في قلبه، فأصبح أسدا جريحا وجهته الانتقام.
روت أم فوزي ايناس شبير، قصتها، قائلة: في ديسمبر الماضي قضى أبنائها الأربعة في حزام ناري طاول البيت الذي نزحوا إليه، شمال قطاع غزة فبقيت وحيدة برفقة زوجها كامل وابنتيها شام وماريا، تشرب حسرة فراقهم ويقطع الالم قلبها ويعصر الحزن وجدانها.
لم يقتصر الأمر على هذه الأم الثكلى على فراق ابنائها الاربعة فمنذ رحيلهم الدامي، فقد أقسم زوجها أبو فوزي على الثأر، وأضحت القضية بالنسبة له شخصية صرفةً، موقنا بأن الخسارة أكبر من أن تفلح محاولات الأم الثكلى، في اقناعه بالركون.
يقول ابو مالك شبير خال الشهداء الاربعة: خلال اجتياح جباليا الأخير، لاحت الفرصة، فقد تحدث كل من شاهد كامل وشح في الميدان، عن أسد جوّع كثيراً وجرح في عرينه، يتنقل من زقاق لآخر، وفي عينيه ملامح أطفاله الأربعة، وفي سمعه أصوات تلاوتهم الشجية لكتاب الله وهم حفظته، لحق والد الشـهداء بالركب بعدما أحسن ثأره وانتقامه.
ويتابع شقيق ام فوزي قائلا: مضى أبو فوزي شهيدا، وأشاهد في عيونه أطفاله الشهداء، أبناء أختي ايناس، جميعهم من حفظة القرآن، «خليل» كما «فوزي» طالب مجتهد في الثانوية العامة، و«قصي وعماد» كما «حمزة ومحمد»، تحكي أختنا «أم فوزي» قصتنا، تبكي ودمعاتها على وجوهنا.
انتهى
غزة-القدس / علاء المشهراوي