غــزة والبيبـسي كــورة... بقلم الدكتور/د.إيهـاب النحــال

غــزة والبيبـسي كــورة...  بقلم الدكتور/د.إيهـاب النحــال
غــزة والبيبـسي كــورة... بقلم الدكتور/د.إيهـاب النحــال

غــزة والبيبـسي كــورة.

بقلم الدكتور/د.إيهـاب النحــال

رأيت فيما رأيت قوما يحبون غزة أكثر من أهل غزة أنفسهم , وتعجبت فيما تعجبت كيف اجتمع كل هؤلاء من مختلف أصقاع العالم حبا وعشقا لغزة ! وكيف لهم ترك كل ما يحلو ويطيب في هذه الدنيا ويركبوا الصعاب ليصلوا غزة , وتساءلت كثيرا عن سر سحر غزة الذي أذاب قلوب أحرار العالم , وزاد عجبي وأنا أرى هؤلاء الأحرار كيف يحرمون على أنفسهم الكثير من المنتجات فداءا وإكراما لأهل غزة  , وكراهية في الشركات التي تدعم كل ما هو صهيوني , فلقد فرضوا على أنفسهم مقاطعة كل المنتجات التي تساهم في دعم الجيش الصهيوني ومستوطناته , وأعدوا قوائم المنتجات والشركات ونشروها في كل مكان لتغدوا ثقافة المقاطعة دما يسري في عروقهم ....

ففي يناير 2010 كانت غزة على موعد مع قافلة شريان الحياة وبطلها جورج غالاوي , وكان لي الشرف العظيم أنني شاركت في استضافة بعض المتضامنين الأجانب في اليوم الذي تلا وصولهم أرض غزة بعد عذابات السفر خاصة مع وعثاء السفر خلال  مرورهم أرض مصر , وما أدراك ما معنى ظلم النظام القديم لتلك القوافل , الشاهد في الأمر كان من بين هؤلاء الضيوف الأبطال أطباء أردنيين وهنود وبريطانيين , وكان اجتماعنا بهم عند أخ لنا يحسن إكرام الضيف , وحان وقت العشاء فجاد مضيفنا بما يطيب من الطعام والشراب , ومن ضمن ما تم تقديمه تلك المشروبات المحرمة وطنيا , والواقعة ضمن قائمة منتجات المقاطعة , وما أن رأى هؤلاء الضيوف منظر البيبسي كولا على المائدة حتى طار لبهم , وصاحوا بأعلى صوتهم , ويحكم يا قوم ! ما هذا الشراب ! كانت لغة الامتعاض متعددة الألسن , من العربية للانجليزية , وربما الهندية وأنا لا افهمها , ولكن لو وصفت ما وصفت من ردة الفعل لديهم لن انقل لكم كيف اكفهرت الوجوه , وعزفت أنفسهم عن الطعام , واستنكروا ما رأوه على مائدة مضيفهم , ولم يخفوا سخطهم واستنكارهم من وجود تلك المحرمات على النفس على مائدة فلسطينية , وطلبوا صراحة وعلانية وبدون أدنى مواربة حذف تلك المشروبات عن سطح المائدة , وتساءلوا كيف لكم يا أهل غزة تتعاملون مع هذه الشركات التي تساهم في شراء الرصاص الذي يوجه إلى قلوب ورؤوس أطفالكم ؟؟ وفي كنانة أنفسهم ربما أكثر من ذاك التساؤل والسخط والاستنكار , فما كان من مضيفنا إلا طأطأ رأسه وحذف تلك المشروبات عن سطح المائدة , وأعترف بأننا ممن كانوا من الضيوف المحليين الذي طأطأنا رؤوسنا خجلا من هؤلاء الذين أتوا من بلاد ما وراء البحار , وحرموا على أنفسهم وعوائلهم كل ما يمكن أن يسئ إلى الفلسلسطينيين , ونحن يا أهل غزة نتناول بدون أدنى خجل كل ما يساهم في تغذية جيوب داعمي الجيش الصهيوني , والمستوطنات التي تبتلع أراضينا ليل نهار , أي إننا نساهم بامتياز بقتل أطفالنا , وازدهار اقتصاد مستوطنات المحتلين , أليس ذلك انتحار فعلي , والأدهى والأمر أننا نتفاخر ولا تحمر وجوهنا خجلا عندما نشتري كل ما هو إسرائيلي وكل ما هو أجنبي , ونسينا أو تناسينا إن كان ذاك من منتجات شركات تلك الدول التي أهانت برسوماتها وأفلامها رسولنا الكريم , أو من منتجات شركات تعلن علانية وبلا مواربة بأنها تدعم اقتصاد المستوطنات الإسرائيلية ومنها من يتفاخر ولكن بشكل مختلف عنا بأنه يساهم بدعم جيشا يقاوم الإرهاب الفلسطيني , فأصبحنا لا نتذكر قوائم المنتجات التي يجب علينا مقاطعتها , وأصبحت جبنه وزبده الدنمارك لا تنازل عنها , والسفن أب والميريندا من المشروبات التي لا تقبل عروقنا روية غيرها ..

ومن هنا اصرخ في وجه اتحاد الرياضة الفلسطيني كما صرخ المتضامنون الأجانب في وجه مضيفنا وأقول : ويحكم يا قوم , ويحكم يا أهل غزة , ويحك يا اتحادنا الفلسطيني ! كيف لكم وانتم في شهر رمضان الفضيل , أن تقيموا بطولة كروية تحت اسم بطولة البيبسي كولا ؟ وتضعون تلك المجسمات الدعائية الكبيرة حول ملاعبكم تمجيدا لتلك المشروبات ؟ وتزودونا كل يوم بآخر أخبار البيبسي كورة , فأين نحن أيها الاتحاد الوطني من النظرة العالمية المساندة لغزة ؟ وأين نحن من مقاطعة الشركات التي تدعم بني صهيون؟ وأين نحن من دعم منتجاتنا الوطنية ؟ وأين نحن من نهج المقاطعة ؟ ألا نستطيع أن نعيش بدون البيبسي كولا؟  ألا يوجد هناك بدائل وطنية يمكن تدعيمها وتسويقها لشبابنا بتغليف وطني ؟ ألا يستطيع اتحاد الرياضة الفلسطيني تسويق بطولة رمضانية لدى شركات وطنية لرعايتها ؟

 أما أن نترك أنفسنا نساق خلف ما تريده شركات محلو- أمريكية , فتلك أجندات مكشوفة قد تنبهنا إليها منذ زمن طويل , فكيف لنا أن نقبل  ذلك في زمن الحكومة الرشيدة التي لم تخترق حصونها ولم تنتزع منها المواقف ! وكيف نسمح لفريق كائن من كان أن يسجل في شباك حكومتنا هدف تسلل واضح للعيان , فأين الحكام ؟ وأين الجمهور من هذا الهدف المصنوع من تمريرات ليست بالبريئة ؟ وأين استنكار المتابعين ؟ وكيف نسمح لرياضتنا أن يتم خداعها بحيل وخدع كروية لا يقبلها أي غيور على تراب هذا الوطن الحبيب ؟؟!!