المستوطنات .. وانهيار احجار «الدومينو» الأميركية -- بقلم : موفق مطر

المستوطنات .. وانهيار احجار «الدومينو» الأميركية -- بقلم : موفق مطر
المستوطنات .. وانهيار احجار «الدومينو» الأميركية -- بقلم : موفق مطر

لن تتوقف حكومات اسرائيل عن بناء المستوطنات قبل استكمال صيغة (دولة اسرائيل اليهودية ) فاسرائيل - الداخلة في سباق مع الزمن – ستراوغ وتخدع حتى حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة الأميركية, وأصدقائها في الاتحاد الأوروبي من اجل بناء المستوطنات, فلا المفاوضات ستوقفها كما لم تستطع اعمال المقاومة المسلحة ايقافها او منعها, فالمستوطنات حاجة أمنية لإسرائيل قبل ان تكون حاجة اقتصادية, او جزءا من ( هوية الدولة ) فالقرى والمدن الاستيطانية تُنشأ على أراض دولة فلسطين بحماية اقوى جيش في الشرق الأوسط، مدعوم بلا حدود من الادارات ألأميركية المتعاقبة، ولها الأولوية في برامج حكومة نتنياهو, ومخططات البناء والتوسيع فيها مُقدمةٌ على المشاريع في( دولة اسرائيل ).


لن نتوقف .. يجب المضي في معركة المفاوضات, فنحن بحاجة لتثبيت الاقرار الأميركي على مبدا حل الدولتين وتعميق هذا الاقرار, لأننا بالنتيجة نكون قد تحصلنا على اعتراف اميركي بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران حتى ولولم يرفع مندوبها في الأمم مجلس الأمن يده بالموافقة، او لم تكن الدولة 139 التي تعترف بفلسطين, والأهم من كل ذلك, قدرتنا على انتزاع اعتراف من الولايات المتحدة الأميركية بأن المستوطنات اليهودية على ارض دولة فلسطين المحتلة وبعاصمتها القدس انشاءات باطلة لا شرعية لها ...فالاستيطان بدأ منذ اليوم الأول للاحتلال في الخامس من حزيران من العام 1967 وتوسع، لم تمنعه القوانين الدولية أو البيانات الأوروبية طوال العقود الماضية, وإسرائيل تفرض مشيئتها على العالم، وتمضي في تدمير أي مبادرة عربية او اميركية او دولية, لأن تثبيت ركائز المشروع الصهيوني الاستيطاني, وإنشاء اثباتات على الوجود اليهودي فيما تسميه ( يهودا والسامرة ) وفرض خارطة سكانية يهودية على ارض دولة فلسطين، هدف يستميت قادة اسرائيل من انشائها لتحقيقه, رغم مخالفته لأعراف المجتمع الدولي وقوانينه ومواثيق الحقوق جريمة ضد الانسانية ... فماذا نحن فاعلون أمام مجتمع دولي يستقوي على أي حكومة في العالم ديمقراطية كانت او دكتاتورية, لكنه يقف عاجزا عند مواجهة اسرائيل .


ماذا نحن فاعلون وعمقنا الاستراتيجي العربي مستباح بالانقسامات والصراعات السياسية والدموية ايضا، لا يجد اصحاب القرار الرسميون فيه إلا سبيل الضغط علينا للعودة الى المفاوضات، تحت ضغط حاجتهم للحماية الاميركية من التحولات الاقليمية, ولصد توغل ايران في المنطقة, هذه القوة الاقليمية القديمة المتجددة المخيفة، فأياديها الطويلة وقبضاتها المذهبية وصلت الى حيث قررت الوصول, وفعلت ما خططت له ؟!!. 
ماذا نحن فاعلون فيما الانقلابيون يفجرون كل جسر يؤدي الى استعادة الوحدة الوطنية, وتشييع الانقسام, يفجرون طريق المصالحة بالتزامن مع تفجير حكومة المستوطنين في اسرائيل طاولة المفاوضات !!


قدم نتنياهو 1200 وحدة استيطانية لأعضاء حكومته مقابل موافقتهم على اطلاق حرية ألأسرى الفلسطينيين، وهذا يعني أنه عند المفاضلة مابين الاستيطان والقانون فان الاسرائيليين المتطرفين – هم اغلبية حكومة نتنياهو الحالية - سيختارون الاستيطان, كما يعني أن الاستيطان في العقيدة السياسية الاسرائيلية اقوى من قانون دولة اسرائيل ذاته، رغم ادراك الاسرائيليين اليمين منهم او اليسار أن السلام وحده يستحق أن يكون اقوى من القوانين, وان الاستيطان المحمي بسلاح الاحتلال ( نظام جريمة ) ستنهي الاحترام للقوانين، مهما كان حجم هالة الديمقراطية فوق رأس المشرع الاسرائيلي.فإسرائيل أمام خيارين : اما الانتصار لمبدأ وتسييد القانون الانساني وإنهاء آثار الجريمة ضد الانسانية بالجنوح الى السلام, او انهيار اخلاقي يبدأ في الصورة النموذجية المتكونة في اذهان العالم الحر حتى يصل الى المجتمع الاسرائيلي ذاته الذي سيجد نفسه مضطربا، نادما، بمواجهة حركة فلسطينية رسمية وشعبية لا سابق لها.


لن يذهب الفلسطينييون الى مالا نهاية في المفاوضات, فهي لتسعة أشهر فقط كأقصى مدة هذه المرة, يذهبون وفي ايديهم اسلحة استراتيجية اهمها اولا : الحق في الأرض المعترف به عالميا، وثانيها: ارادة الصمود اللامحدود, وثالثها: المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة, على رأسها محكمة العدل الدولية, ورابعها: قدرة الشعب الفلسطيني على ابداع وسائل المقاومة الشعبية السلمية المستنبطة من روح وجوهر القوانين الدولية.


ان رفضنا الذهاب الى المفاوضات بسبب عطاءات الاستيطان الجديدة، نكون قد ساعدنا اسرائيل بالوصول الى مبتغاها دونما عناء, وان ذهبنا فان اول ما يجب تحقيقه هو اقناع الراعي الأميركي بضرورة تحمل المسئولية التاريخية, وان الولايات المتحدة الأميركية التي ضغطت على القادة العرب لإقناع القيادة الفلسطينية بالعودة الى المفاوضات ستخسر كل شيء ان لم تقنع الفلسطينيين والعرب والعالم بقدرتها على احترام وعودها والتزاماتها, وقد لا يكون صعبا على القيادة الفلسطينية افهام الادارة الأميركية أن مجرد اظهار الضعف امام العناد الاسرائيلي سيؤدي حتما الى انقلاب احجار الدومينو ألأميركية في المنطقة التي لا ينقصها مشاهد ارتجاج وانكسار مصالح اميركية في دول عربية هامة, وان خلخلة التوازن نهائيا بيد الفلسطيني الحليم الحكيم, وان صبر الفلسطيني اذا نفذ فان الخاسر الأكبر سيكون من بنى باطلا على باطل, ومن سكت او تغاضى عن جريمته الكبرى, ثم راح يوجه اللوم للفلسطيني صاحب الحق والأرض على تضييع فرص السلام.