إدارة بايدن غير راغبة ولا مستعدة لإحياء عملية التسوية وعلى الفلسطينيين العمل دوليًا لمحاسبة إسرائيل

ندوة.jpg
ندوة.jpg
إدارة بايدن غير راغبة ولا مستعدة لإحياء عملية التسوية وعلى الفلسطينيين العمل دوليًا لمحاسبة إسرائيل
 
 
 

غزة / المشرق نيوز

قال مشاركون/ات في ورشة حوارية حول فرص إحياء عملية التسوية في ظل إدارة بايدن إن الإدارة الأميركية الحالية غير راغبة ولا مستعدة لإطلاق عملية سياسية واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لأسباب أميركية وإسرائيلية وفلسطينية. فأميركيًا القضية الفلسطينية ليست أولوية لدى إدارة بايدن في ظل انشغالها بقضايا أخرى، وخاصة مواجهة الصين، والملف النووي الإيراني، وأزمة كورونا، والتلوث المناخي. أما إسرائيليًا فالحكومة الحالية هشة ومهددة بالتفكك في حال الحديث عن تسوية مع الفلسطينيين، فضلًا عن أن رئيسها لا يريد حتى الجلوس مع الرئيس الفلسطيني. أما فلسطينيًا، فالفلسطينيون منقسمون، ولا يوجد لديهم عمق عربي، لا سيما بعد اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.  

وأشار بعض المشاركين إلى وجود تغيير بطيء في السياسة الأميركية، وخاصة في أوساط الحزب الديمقراطي، إذ يوجد منبر تقدمي فيه داعم للقضية الفلسطينية ومعاد إما لإسرائيل أو للاحتلال الإسرائيلي وسياساته، فضلًا عن تغير الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة والضغوط القادمة من التقدميين والأقليات لتقليص دعم إسرائيل، وهذا التغير بحاجة إلى ضغط فلسطيني لكي يزيد ويستمر.

وطالب البعض الفلسطينيين بدلًا من انتظار استئناف المفاوضات بالعمل دوليًا من أجل محاسبة إسرائيل، وتخفيف الدعم الأميركي المقدم لها، وتحقيق إنجازات للفلسطينيين.

جاء ذلك خلال ورشة نظّمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات) بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، بمشاركة أكثر من 70 مشاركًا، من الأكاديميين والباحثين والنشطاء، غالبيتهم من الشباب، من مختلف التجمعات الفلسطينية، وذلك في قاعة "نيو لفل" بغزة، وعبر تقنية "زووم".

وافتتح هذه الورشة كل من سلطان ياسين، عضو مجلس الأمناء في مركز مسارات، ود. أسامة عنتر، مدير البرامج في مؤسسة "فريدريش إيبرت" في قطاع غزة، وتحدّث فيها كل من معين رباني، محرر مشارك في موقع جدلية، ود. مخيمر أبو سعدة، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الأزهر في غزة، فيما أدارت الحوار الإعلامية منى عوكل.

وقال ياسين إن هذه الورشة تأتي ضمن سلسلة ورش في إطار مشروع "مستقبل القضية الفلسطينية في ضوء التطورات المحلية والإقليمية والدولية"، الذي ينفذه مركز مسارات بالشراكة مع مؤسسة "فريدريش إيبرت"، موضحًا أن هذا البرنامج يقدم فرصًا للشباب للحوار فيما بينهم حول القضية الفلسطينية ومستقبلها، وسيخرج منه الشباب بوثيقة تتضمن رؤاهم حول التطورات على الساحة الفلسطينية وتفاعلاتها الإقليمية، وسبل الخروج من المأزق الراهن.

من جانبه، قال عنتر إن هناك فرقًا كبيرًا بين بادين وترامب، وكذلك هناك فرق بين الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، مشيرًا إلى وجود أصوات داخل الكونغرس الأميركي تؤمن بعدالة القضية الفلسطينية، وتطالب بحل سلمي لها، وموضحًا أن هناك الكثير من المطبات التي تعترض إطلاق عملية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ليس لعدم جهوزية الإدارة الأميركية، بل بسبب الرؤية الإسرائيلية التي تلعب دورًا في عدم إحياء فرص التسوية.

بدورها، أشارت عوكل إلى أن إدارة بايدن تحاول إقناع العالم بأنها مختلفة عن إدارة ترامب، مشيرة إلى أن ترامب كان يصرح بسياسته، بينما بايدن يستخدم الديبلوماسية ليحصل على التعاطف من الكونغرس. وأضافت: أن الولاية الأولى للرئيس في الغالب لا تشهد تغييرات كبيرة حتى يفوز بولاية ثانية.

من جانبه، استعرض ربّاني السياسة الخارجية الأميركية تجاه الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، موضحًا أن إدارة بايدن ليست لديها رغبة للتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والصراع العربي الإسرائيلي، ولا يوجد لديها رغبة في طرح مبادرة سياسية.

وأشار إلى أن الأنسحاب الأميركي من أفغانستان يشير إلى أن الشرق الأوسط والحرب ضد الإرهاب لم يعدا قضايا أساسية في السياسية الخارجية، إذ تركز واشنطن جهودها على الصين وروسيا، وتقوية العلاقات مع حلفائها التقليديين في أوروبا، إضافة إلى التركيز على إعادة إحياء الاتفاق النووي.

وتطرق رباني إلى سياسة بايدن، موضحًا أنه ديمقراطي تقليدي وموقفه من إسرائيل تقليدي، فهو لا يدعمها فقط، بل بينهما علاقة حب، فدعم إسرائيل جزء من هيئته السياسية، وهو لم يسبق له أن أدان السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، لدرجة أن إسرائيل لم تعبر عن مخاوف من بادين خلال ولاية باراك أوباما.

وأشار إلى أن دعم إسرائيل يحظى بإجماع أميركي وطني، حتى أصبحت إسرائيل في آخر نصف قرن هي القضية الخارجية للسياسة الأميركية التي عليها إجماع، سواء حكم الديمقراطيون أم الجمهوريون، موضحًا أن الحزب الديمقراطي تقليديًا هو مركز الدعم السياسي الأميركي لإسرائيل.

وبيّن أن العدوان على الأخير على قطاع غزة أثبت أن إسرائيل لا تزال قادرة على استقطاب دعم الإدارة الأميركية لصالحها.

وطالب الفلسطينيين، بدلًا من انتظار إدارة بايدن لتحريك العملية السياسية، التركيز على محاسبة إسرائيل، وتخفيف الدعم الأميركي عنها، وممارسة الضغوطات على إدارة بايدن في هذا الاتجاه، موضحًا أنه في حال ممارسة ضغوط على إدارة بادين فإنها سترد بأمور رمزية، مثل فتح القنصلية الأميركية بالقدس، واستخدام نفوذ الولايات المتحدة لدى إسرائيل لمنع حصول أزمات في الشرق الأوسط، مضيفًا أنه إذا عمل الفلسطينيين على زيادة عدم الاستقرار في المنطقة فهناك احتمالية لأن تُقِدم الإدارة الأميركية على استئناف المفاوضات.

من جانبه، قال أبو سعدة إن فرص إحياء عملية التسوية في ظل إدارة بايدن صفر، لأن أي عملية تسوية بحاجة إلى أطراف ووسيط، وإذا نظرنا إلى أوضاع طرفي الصراع والوسيط، فسنخرج بنتيجة أنه لا توجد أي فرصة للتسوية.

واستعرض وضع الطرف الإسرائيلي، مبينًا أنه غير جاهز لأي عملية مفاوضات، كون الحكومة الإسرائيلية بمكوناتها الحالية غير قادرة على اتخاذ قرارات جرئية، وأن أي حديث عن حل الدولتين سيؤدي إلى انهيار الحكومة، حتى أن إيليت شاكيد هددت بالانسحاب في حال تم تجميد الاستيطان، ويضاف إلى ذلك تصريح رئيس الحكومة بأنه لن يقابل الرئيس محمود عباس، وأن السلطة فاشلة. أما فيما يخص لقاء الرئيس بيني غانتس فهو لبحث قضايا اقتصادية واستمرار التنسيق الأمني.

أما الطرف الفلسطيني، وفق أبو سعدة، فأشار إلى أنه على الرغم من عدالة القضية الفلسطينية وصدور أكثر من 700 قرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن داعمة للحقوق الفلسطينية، إلا أن الطرف الفلسطيني غير جاهز لأي تقدم في العملية السياسية، كونها يعاني من انقسام منذ أكثر من 14 سنة، وافتقاده إلى البعد العربي، لا سيما بعد اتفاقات التطبيع المتتالية مع عدد من الدول العربية، التي كانت ستتبعها اتفاقات أخرى لولا خسارة ترامب في سباق الرئاسة، فضلًا عن أن العالم منشغل بقضايا أخرى، مثل كورونا والملف النووي الإيراني، وملّ من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 70 عامًا.

وتطرق إلى الوضع الأميركي، موضحًا أن الإدارات الأميركية المتعاقبة معنية بإدارة الصراع لا حله، باستثناء بيل كلينتون الذي كان معنيًا بالحل، ومشيرًا إلى أن إدارة بايدن منشغلة بكورونا والملف النووي الإيراني والانسحاب من أفغانستان، وحالة الانقسام التي خلّفها ترامب بين الديمقراطيين والجمهوريين، وليست الأولوية لدى بايدن طرح خطة سلام.

وأضاف: صحيح أنه تحدث عند استلامه لمنصبه عن دعمه لحل الدولتين وإعادة المساعدات، وإعادة فتح القنصلية بالقدس، وفتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، إلا أن شيئًا منها هذا لم يحدث سوى إعادة المساعدات للسلطة، فضلًا عن إعادة دعم وكالة الأونروا باتفاق مهين، عوضًا عن أن خلال لقاء بايدن بنفتالي بينيت لم يتطرق إلى حل الدولتين.

وأكد أن الولايات المتحدة ليست وسيطًا نزيها، بل شريك في الاحتلال، فهي أول دولة اعترفت بإسرائيل، والدعم الذي تقدمه لإسرائيل غير معهود، فضلًا عن الفيتو الأميركي المشرّع دائمًا في وجه الفلسطينيين.