أهداف خطة الاولويات الاسرائيلية -- بقلم: عادل عبد الرحمن

أهداف خطة الاولويات الاسرائيلية -- بقلم: عادل عبد الرحمن
أهداف خطة الاولويات الاسرائيلية -- بقلم: عادل عبد الرحمن

صادقت الحكومة الاسرائيلية في جلستها الاخيرة الاحد الماضي على خطة الاولويات «القومية «، تضمنت تحسين شروط الحياة الاقتصادية والاجتماعية في (600) بلدة من بينها (90) مستعمرة إسرائيلية في الضفة الفلسطينية. ورصدت لها موازنة مالية كبيرة لتحقيق الغايات والاهداف السياسية والاقتصادية المحددة.


الخطة الاسرائيلية الجديدة، لا تخرج عن توجهات واهداف قيادة الحكومة اليمينية المتطرفة، والتي تتركز في تعميق خيار الاستيطان الاستعماري في الاراضي الفلسطينية، وضرب خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبالتالي تحطيم المساعي الاميركية على صخرة الاستيطان، لان الخطة أعطت الأولوية للبؤر الاستيطانية، وتجاهلت بلدات إسرائيلية مثل كريات ملاخي واشكلون وكريات غات واشدود، وهي وغيرها تعتبر وفق مقاييس ومعايير السلم الاجتماعي والاقتصادي الاسرائيلي من البلدات والمدن ذات المستويات الدنيا، وهي احوج من المستوطنات المقامة على الاراضي المحتلة عام 67. 


واذا شاء المرء بلورة اهداف حكومة نتنياهو لبيد وبينت وليبرمان، فإنها تتمثل في: أولاً ترسيخ المستوطنات غير المرتبطة بالكتل الاستيطانية الكبرى، وخاصة البؤر الاستيطانية؛ ثانيا العمل على توسيعها من خلال جذب طاقات بشرية جديدة لها، عبر منحها المزيد من الامتيازات الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، لا سيما وان حزب البيت اليهودي اعلن انه سيزيد عدد قطعان المستوطنين الى حوالي المليون مستوطن؛ ثالثا العمل على ربطها بالكتل الاستيطانية الكبرى. بهدف توسيع رقعة الاراضي، التي تنوي السيطرة عليها تحت شعار «تبادل الاراضي»؛ حصول 70% من المستوطنات في الضفة الفلسطينية على امتيازات إضافية مالية واقتصادية وضريبية وترفيهية على حساب مدن وبلدات اساسية في داخل حدود ال 1948 للدولة الاسرائيلية، يدلل على ان الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة، ماضية في مشروع توسيع رقعة الاستيطان الاستعماري على حساب السلام. وتؤكد مجددا إفلاس مقولة «دولة الاستيطان»، التي يسعى البعض لترويجها، على اعتبار ان هناك فصلا بين الدولة ركيزة المشروع الاستيطاني الام وبين التمدد الاستعماري الناشئ بعد العام 1967، وتشير بوضوح الى ان إسرائيل والحركة الصهيونية بأدواتها القائمة، تعملان دون كلل على توسيع رقعة المشروع الاستيطاني لتحقيق قفزة نوعية جديدة في شكل وحدود الدولة الاستعمارية. لان حكومة نتنياهو أسوة بكل الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال الاسرائيلي للضفة والقطاع بما فيها القدس، كانت جميعها الراعي الاساسي للمشروع الاستعماري. 


ومع ذلك الخطة الاسرائيلية الجديدة، جاءت متناغمة مع تركيبة الائتلاف الحاكم، حيث تم استبعاد المستوطنات الحريدية (الدينية)، رغم ان اوضاعها لا تقل سوءا اقتصاديا واجتماعيا عن المدن والبلدات المذكورة آنفا. وبالتالي قد تواجه تحفظات من قبل الاحزاب الدينية، مع ان الكل الصهيوني يعمل من اجل تعزيز الاستيطان الاستعماري. كما ان التوزيع الجغرافي والسياسي للبلدات والمستوطنات المحضية ضمن خطة الاولويات الاسرائيلية، يعكس الصراع بين القوى السياسية الاسرائيلية. الامر الذي قد يعمق من حدة الصراعات الاجتماعية في المستقبل المنظور، من دون الاختلاف او التناقض الجدي على الاولوية الممنوحة للمستوطنات الاسرائيلية في الضفة، إلا من باب وزاوية، ان الاجدر بالحكومة ان تمنح البلدات المقامة منذ ستة او خمسة عقود الاولوية في خطتها، وليس من باب التحفظ، فضلا عما ذكر سابقا، ان الحوافز الممنوحة للمستوطنات ستفتح شهية قطاعات واسعة من اليهود لشد الرحال اليها، والاستفادة من تلك الامتيازات. 


مع ذلك هناك اصوات محدودة خرجت من داخل الحكومة ترفض الخطة، حيث اعلنت تسيبي ليفني، ان قرار توسيع المستوطنات بدعم من خطة الالويات «القومية» قرار يخرق المصلحة الاسرائيلية». واضافت: من المؤكد انه ليس من مصلحة إسرائيل «القومية» استغلال الاموال المعدة لتقليص الفوارق الاجتماعية من اجل تدعيم الاستيطان في المستوطنات المعزولة»!


وكان الوزير عمير بيرتس، قال: ان المقصود خطة اولويات سياسية، وليست خطة «قومية». والخطة السياسية، التي اشار لها بيرتس، حزب الحركة، هي خطة توسيع وتعميق الاستيطان على حساب خيار حل الدولتين على الرابع من حزيران 67. الامر الذي يفرض على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي: اولا الضغط على إسرائيل لتجفيف اموال الدعم الحكومية للمستوطنات؛ ثانيا إزالة البؤر الاستيطانية كخطوة على طريق التقدم نحو خيار الدولتين؛ ثالثا وقف الدعم المالي الاميركي للدولة الاسرائيلية في حال استمرت خطة الأولويات؛ رابعا على الاتحاد الاوروبي توسيع نطاق العقوبات المفروضة على الاستيطان الاستعماري، بحيث يتم الضغط الجدي على إسرائيل لوقف خطتها المذكورة؛ خامسا على العرب وقف التبادل التجاري والاقتصادي مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، لتتكاتف الجهود العربية مع الجهود الدولية في الضغط على حكومة نتنياهو، وارغامها على وقف خطتها الاستعمارية الجديدة.