الإفراج عن الأسرى -- بقلم: عادل عبد الرحمن

الإفراج عن الأسرى -- بقلم: عادل عبد الرحمن
الإفراج عن الأسرى -- بقلم: عادل عبد الرحمن

صادق مجلس الوزراء الاسرائيلي على الافراج عن (104) من قدماء الاسرى، الذين اعتقلوا قبل اتفاقيات اوسلو. افرجت عنهم بعدما أصرت القيادة الفلسطينية على موقفها الواضح والصريح من كل المسائل ذات الصلة بالعودة للمفاوضات. ورفضت القيادة الفلسطينيبة الذرائع الاسرائيلية الكاذبة، التي علقت قرارها الاجرامي على شماعة عدم الافراج عن اسرى فلسطينيين "ملوثة " ايديهم بالدماء الاسرائيلية؟ وكأن الصراع بين الفلسطينيين والعرب عموما مع الاسرائيليين خلال العقود الستة والنصف الماضية كانت دون سفك دماء من الجانبين؟ او كأن الفلسطينيين والعرب مطلوب منهم ان يصفقوا للاحتلال والعدوان الاسرائيلي وينثروا له الورد والارز ؟ وان يصمتوا صمت اهل الكهف، وان لا يدافعوا عن ارضهم وحقوقهم الوطنية المنهوبة والمصادرة من قبل الطغمة الاستعمارية الصهيونية بدعم من دول الغرب الاستعماري؟ 


ساقت القيادات الاسرائيلية المتعاقبة ذرائعها ضد اسرى الحرية اولا لنسف خيار التسوية السياسية ؛ وثانيا لمواصلة نهجها وسياساتها الارهابية ضد ابناء الشعب الفلسطيني ؛ وثالثا وايضا لاعادة إنتاج دورة العنف والارهاب في الساحتين الفلسطينية والاسرائيلية؛ ورابعا لتؤكد للقاصي والداني على انها دولة فوق القانون، وترفض الالتزام بقرارات الشرعية الدولية. 


اولئك الاسرى الابطال، الذين ادعت القيادات الاسرائيلية المتعاقبة منذ قيام السلطة الوطنية، انها لن تفرج عنهم، لأن ايديهم "تلوثت" بالدماء الاسرائيلية، اخيرا وافقت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة على الافراج عنهم، حين وجدت موقفا وطنيا صلبا ورافضا للمساومة على قضية الاسرى، وايضا عندما اصطدمت بموقف دولي وخاصة اميركيا مؤيدا للموقف الفلسطيني في هذا الموضوع الحساس. رضخت حكومة نتنياهو لدفع الثمن كخطوة على طريق الافراج عن الاسرى عموما. 


سيتنسم ابطال فلسطين من مختلف الفصائل والقوى هواء وشمس الحرية اخيرا، بعد مماطلة وتسويف تجاوز العقدين من الزمن، رغما عن كل القيادات الاسرائيلية، المعادية للسلام. وسيكون للافراج عنهم مذاق آخر، وطعم آخر، لأن الاحكام المفروضة عليهم، احكام جائرة وظالمة، وتتنافى مع ابسط حقوق الانسان واتفاقيات جنيف الاربع وخاصة الرابعة لعام 1949. 


الافراج عن الاسرى الابطال، إن لم تتراجع الحكومة الاسرائيلية عن موقفها لاسباب وذرائع واهية ممكن ان تفتعلها، هو اول الغيث من الحوافز والالتزامات الاسرائيلية، التي ستقدمها للقيادة والشعب الفلسطيني، وهذا يعطي مصداقية اعلى واكبر لجهود القيادة الفلسطينية في اوساط الشعب والقوى السياسية بما في ذلك المعارضة للعودة للمفاوضات. وهو تأكيد على ان القيادة والوفد المفاوض برئاسة الرئيس محمود عباس، لن تفرط بثابت من الثوابت الوطنية، ولن تساوم على حقوق الشعب المتفق عليها في وثيقة آذار 2005 ووثيقة الاسرى 2006 وما تم الاتفاق عليه في الاطار القيادي لمنظمة التحرير، الامر الذي يملي على القوى الوطنية التريث في محاكمة القيادة واتهامها باتهامات غير صحيحة وباطلة . 


الافرج عن ال (104) سيتلوه افراج آخر عن (250) من الاسرى، كما سيتم وقف الاستيطان في الاراضي المحتلة عام 67 بما في ذلك الكتل الاستيطانية الكبرى . ولكن لا يجوز للمراقب وضع اوهام اكثر من اللازم ورفع سقف التفاؤل، لاسيما وان القيادة الاسرائيلية ستبحث عن اية ذريعة للتهرب من استحقاقات التسوية .. وقادم الايام سيكشف الكثير من الحقائق.