الثورة الفلسطينية لن تسقطها أي ثورة.... بقلم: عائد زقوت

عائد زقوت.jpg
عائد زقوت.jpg

غزة/ المشرق نيوز

ستة وخمسون عامًا  ويزيد مرت على انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، وقد زينتها مواكب الشهداء وقوافل الأسرى والجرحى، خمسون عامًا  لملمت الثورة فيها جراحها وأطفالها ورجالها وتسوّرت بالجماهير لحمايتها والحفاظ على شعلتها، وكانت الجماهير عند الموعد دائمًا وتقدّمت الثورة بمسيرتها إلى أن لفّها الليل وضجيج الجنود المدجّجين بالحقد والموت، وحاصرها الانقسام البغيض، فنامت الثورة على وجعٍ ممزوج بالأمل، الأمل المعقود على سواعد أبنائها المخلصين الأوفياء الأنقياء، إلّا أن صوت الموت بلغ مداه وشمل فلسطين وعمّها  ولعل سائلٌ يسأل : وهل للموت صوت؟ لا يمكن لأحدٍ أن يدّعي أنه يملك الإجابة، إنه الصمت الجمعي أمام الحصار والتطبيع والخذلان والانقسام، فانعدمت الفوارق بين الموت والحياة وصدى صوت الموت لا يختفي ولا ينتهي ولا يختفي معه صوت الأمل في غدٍ أفضل، لكن رغبوية وغائيّة الأحزاب والفصائل لدحر كلٌ منهما للآخر ليتسيّد المشهد منفردًا، أصبحت حاكمة لمواقفها وسياساتها، فَمن منا سمع أو قرأ يومًا ما أن ثورةً انتصرت بفئةٍ منفردة دون الأخرى، فإلى متى سنبقى رهائن للمحاور والمال السياسي القذر، خمسون عامًا ونحن أسرى للمحاورالتي أخذت من فلسطين أكثر مما أعطتها، فمنهم من يستعمل فلسطين لتجييش عواطف العرب والمسلمين أملًا بأن يكون المُخلّص المنتَظر، وآخر يحتفظ بفلسطين كورقة في يده يستخدمها متى شاء ليحصد المكاسب والغنائم، وآخرون يعتبروننا رأس الحربة المتقدم وسيْفهم المُسلط على دولة الاحتلال يضربون بنا متى شاؤوا، فلو أمعنا النظر ودققنا بالوقائع لوجدنا أن الجميع امتطى سفينة فلسطين وأبحر فيها حيث رسى على شاطئ مصالحه الخاصة وترك خلفه الفلسطينيين في واحة من السراب  آملين أن تسقط الثورة الفلسطينية ولكن هيهات لهم، فالثورة التي خرجت من رحم الجماهير واتّسقت معها وروَت أحلامها في الخلاص من الاحتلال فلن تُسقطها أي ثورةٍ أخرى أيّا كانت شعاراتها وألوانها، ولكي لا تصطدم الآمال بجبال من السراب ، ألم يأن الأوان؟ بلى قد آن بأن تتخلص الفصائل من المحاور، والأجندات الضيقة والأسر للمفاهيم والأفكار الحزبية التي كبّلت العمل الوطني ووضعت أمامه العراقيل، إضافةً إلى تنحية الأهداف الثانوية مهما كانت إغراءاتها جانبًا.

ألم يأن الأوان؟ بلى قد آن أن تعمد الفصائل لفتح باب الانتخابات الداخلية ضمن مؤتمرات عامة لتمهد لطريق أمام صعود قياداتٍ جديدة لقيادة المرحلة القادمة دون مواءماتٍ حزبية وضغوطات مصالح الأفراد لكي نسير إلى الانتخابات القادمة على مِحجّةٍ بيضاء، وأن تعمد إلى اعتماد برنامج سياسي وطني يعبر عن أهدافنا وحقوقنا ويكون مرجعًا لسلوكنا وعلاقاتنا السياسية، يجتذب الآخرين، ويجمعهم تحت سقيفة نحن محورها ونقطة ارتكازها، يدورون معنا حيث دُرنا، وهذا لا يكون بالتفاؤل والآمال وحسن النوايا، بل يجب أن يكون مشفوعًا بالإرادة الصادقة والجهد العقلاني والعمل المضني، وأن ترفع قبضة الاضطهاد عن الشعب وتعيد له حقوقه السياسية والمالية.

فوحدة الشعب وتمكينه من الصمود، والإبقاء على اشتعال الكفاح في أنفس الشعب لهو عَتادٌ مقدّم على كل أنواع العتاد مهما بلغت قيمته وقوته، ولا مناص من المصارحة قبل المصالحة، فإذا فتركنا أنفسنا ندور على ذات المبادئ والآليات التي تحكم الفصائل حاليًا وسرنا في هذا الحال إلى الانتخابات فإننا نخشى أن يسير بنا نحو فيدرالية بين الضفة الغربية وغزة يتم فيها تقاسم الصلاحيات بين طرفي الانقسام لنصبح في سراب سرمدي .