الصياد الفلسطيني فى زمن الكورونا... كتب/ زكريا بكر

الصياد الفلسطيني فى زمن الكورونا... كتب/ زكريا بكر
الصياد الفلسطيني فى زمن الكورونا... كتب/ زكريا بكر

غزة/ المشرق نيوز

في ظل انشغال العالم بجائحة فايروس كورونا، والخطر الذي يداهم البشرية من تبعات هذا الفايروس الخطير، والذي يهدد ويضرب المصالح البشرية من كل النواحي الصحية والاقتصادية والتعليمية والرياضية، وغيرها، إلا أن الوضع هنا في قطاع غزة مختلف تمامًا، تحديدًا فى المنطقة التي تشهد حالة اشتباك يومي بين زوارق الاحتلال الحربية والصياد المدني الأعزل، الذي يبحث عن قوت يومه وتوفير جزء من الغذاء لأكثر من 2 مليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.

من خلال المتابعة اليومية، تم رصد 49 جريمة اقترفتها زوارق الاحتلال الحربيه، منذ بداية مارس وحتى 27 أبريل من العام2020م، نتج عنها إصابة 5 صيادين، بالإضافة الى تدمير4 محركات قوارب، وتدمير شباك 4 مراكب أخرى بدون أي عملية اعتقال، بعكس الأشهر والسنوات الماضية، وذلك بسبب انتشار فايروس كورونا، وتخوف بحرية الاحتلال من بأن يكون الصياد مصابًا بالوباء، لذلك غيرت من أساليبها القمعية بحق الصيادين، وتركزت اعتداءات بحرية الاحتلال على الأشكال التالية:

أولاً: إطلاق النار بشكل مباشر باتجاه محركات القوارب، بهدف تدميرها بشكل كلي بحيث لا يمكن إصلاحها، مع العلم أن سُلطات الاحتلال تمنع إدخال المحركات وقطع الغيار الى غزة منذ 14 عامًا، وتعمدت خلال السنوات الماضية تدميرها بشكل منظم، فخلال عدوانها على غزة في العام 2014م دمرت ما يقارب 100 محرك، مما أدى الى تلف عدد كبير منها نتيجة لعدم توفر قطع غيار لصيانتها أو استبدالها بمحركات جديدة، حتى أصبح ما يقارب من 95 % من المحركات بحاجة لصيانة وقطع غيار جديدة، علاوة على أن قطاع الصيد يحتاج الآن الى 300 محرك جديد تمنع سلطات الاحتلال ادخالها.

ثانيًا: إجبار بحرية الاحتلال للصيادين على الوقوف في مقدمة المركب، وتجريدهم من كامل ملابسهم، وإطلاق أنواع مختلفة من الأعيرة المطاطية والحديدية المغلفة باتجاه أجسادهم من مسافة صفر، لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بين صفوف الصيادين، حتى باتت مقولة الصياد الفلسطيني:" إذا بدك تحمي عينيك خبي وجهك من المطاط".

ثالثًا: تخريب وتمزيق وسرقة شباك الصيادين بشكل مستمر، بحيث يقوم جنود بحرية الاحتلال بسحبها على متن الزورق الحربي ورميها بعيدًا في المناطق الممنوعة، أو إطلاق النار باتجاه عوامات تلك الشباك، بهدف إغراقها أو استخدام مخطاف لتمزيقها.

رابعًا: فتح مضخات المياه فوق مراكب ورؤوس الصيادين، وتحديدًا مراكب الإنارة التي تستخدم مولدات كهربائية، بهدف تخريبها أو إلحاق الأذى الجسدي بالصيادين من خلال الماس الكهربائي الناجم عن تسليط مضخات المياه على المولد الكهربائي الموجود على متن المركب.

خامسًا: إطلاق القذائف الصوتية بجوار مراكب الصيادين بهدف إرهابهم وتخويفهم.

سادسًا: سب الصيادين وقذفهم بألفاظ بذيئة وتهديدهم عبر مكبرات الصوت.

سابعا: التلاعب في مساحات الصيد، ففي شهر فبراير الماضي تلاعبت سُلطات الاحتلال الحربية بمساحات الصيد 10 مرات، لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا، وذلك بهدف إقصاء الصيادين عن البحر.

تعددت جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الصيادين في قطاع غزة، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات والقوانين الدولية، خاصة التي تتعلق بحقوق العمل واتفاقية أعالي البحار، ويأتي ذلك إطار السياسات الإسرائيلية التي تقوم على تشديد الحصار على سكان قطاع غزة، وفرض عقوبات جماعية عليهم، بما يتنافى مع اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني. وهذا يستدعي تدخل الأطراف السامية الموقعة على تلك الاتفاقيات الدولية من أجل التالي:

أولاً: توفير الحماية الدولية للصيادين من بطش زوارق الاحتلال الحربية.

ثانيًا: إلزام الاحتلال برفع الحصار البحري وتوحيد مساحات الصيد حسب الإتفاقيات الموقعة.

ثالثًا: إعادة المراكب المصادرة للصيادين، ورفع القيود المفروضة على ادخال مستلزمات قطاع الصيد الى قطاع غزة.

رابعًا: تقديم لوائح إتهام ضد قادة بحرية الاحتلال على الجرائم التى ارتكبتها بحق الصيادين وتعويضهم وجبر الضرر عنهم.

إن الدعم الأمريكي المُعلن لجرائم الاحتلال، في ظل صمت المجتمع الدولي، من شأنه أن يشجع سُلطات الاحتلال على الاستمرار في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الصيادين، ومن هذا المنطلق يجب على الجهات الحكومية المختصة التصدي لتلك السياسات، أولا من خلال توفير شبكة أمان اجتماعي لتعزيز صمود الصياد الفلسطيني وإسناد عوائلهم، خاصة في ضوء التداعيات الاقتصادية الخطيرة التي تسببتها جائحة كورونا، بالإضافة إلى وجوب إعداد خطة للتحرك السياسي والقانوني، على المستويين الإقليمي والدولي، لفضح جرائم الاحتلال وانتهاكاته لحقوق الصيادين، التي تكفلها الاتفاقات الدولية، ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل رفع الحصار كليا عن قطاع غزة، باعتباره عقوبات جماعية ترقى لمستوى الجريمة بموجب القانون الدولي.