الارتباط التاريخي بين أعياد شم النسيم والقيامة المجيد و الفصح اليهودي... بقلم/ د.ناصر اليافاوي

ناصر اليافاوي.jpg
ناصر اليافاوي.jpg

غزة/ المشرق نيوز

عيد شم النسيم عشناه زمن طفولتنا فى غزة، كننا ننتظره بلهفة، نلهو به على البحر، والامهات تحضر البيض الملون والفسيخ، ولم يتوقف هذا الاحتفال إلا بسبب اشتعال الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1987م ..

كان غالبية الفلسطينيين متأثرون بشكل كبير بجيرانهم المصرين بسبب الارتباط الإثني والعرقي والجغرافي، ونقدم لكم قراءه حول هذا التقليد الممتد منذ آلاف السنين..

إرتبط شم النسيم و هو عيد مصري فرعوني منذ آلاف السنين بعيد القيامة المجيد للسيد المسيح عليه السلام ، حتي أن كثيراً من المصريين يعتقدون أنهم عيد واحد أو بمناسبة تاريخية واحدة و هذا غير صحيح .. و اليكم أصل الحكاية /

- عيد القيامة المجيد هو الأحد الختامي للأسبوع الأخير من الصوم الكبير و هو خمسة و خمسون يوم ، و هو أسبوع مليئ بالأحداث التاريخية في العقيدة المسيحية بدايةً من سبت (العازر) ثم أحد السعف حيث دخل عيسي عليه السلام القدس و استقبله أهلها بفرحة عارمة ، و ظللوه بالسعف من أشعة الشمس، ثم الاثنين و الثلاثاء و الأربعاء و هم أيام البصخة كما يطلق عليهم و يعقبهم خميس العهد حيث اجتمع عيسي عليه السلام بتلاميذه في العشاء الأخير ، و أقام أول طقوس القداس و هو مازال متبع داخل الكنائس الي يومنا هذا ، ثم تأتي الجمعة الحزينة حسب المعتقد المسيحي ( صلب عيسي عليه السلام و سبت النور حيث دُفن و يعقبه يوم الأحد حيث قام المسيح و لذلك هو عيد القيامة المجيد) ..

- أما عن شم النسيم فهو عيد مصري فرعوني منذ آلاف السنين .. حتي من قبل عهد الأسرة الثالثة و هي أسرة بناة الأهرام حوالي عام ٢٧٠٠ قبل الميلاد ، أي نحو خمسة آلاف عام من زماننا هذا .. حيث كان يعتقد المصريون القدماء أنه يوم بدئ الخليقة بحسب دلالات و حسابات زمنية منها أن في هذا الْيَوْمَ يتساوي عدد ساعات الليل و النهار تماماً ، حتي انه تم تصميم الهرم الأكبر بحيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم في هذا الْيَوْمَ فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين و كان من طقوس الاحتفال تجمُع المصريين امام الواجهة الشمالية للهرم منذ الصباح الباكر لمشاهدة هذه الظاهرة ، و هكذا و إلي الآن تبدأ طقوس الاحتفال منذ الصباح الباكر ، و لإعتقادهم انه يوم بدئ الخليقة أخذ المصريون القدماء البيض رمزاً لاحتفالهم بما فيه من دلالة علي بداية حياه ، و كانوا يلونونه بالألوان المبهجة تعبيراً عن استقبال حياة جديدة للكائن المولود حديثاً بألوان مرحة لحياة سعيدة ، و كانوا يحنطون الأسماك (الفسيخ و الرينجة) مع المومياوات ليأكلوا منها في العالم الآخر بعد بدئ حياة جديدة ، و يعلقون البصل و الملانة لإيمانهم بأنها تطرد الأرواح الشريرة ..

وكلمة شم النسيم محرفة من الاسم الأصلي الفرعوني و هو 'شمو' الذي يعني بدئ الخليقة ، و قد حُرِّف علي مر العصور، و أضيف له كلمة 'النسيم' حيث يتزامن مع بداية الربيع و الجو البديع و هكذا الدعوة الي شم النسيم العليل .

- تزامن عيد المصريين (شم النسيم) مع عيد القيامة القبطي طبقاً للتقويم المصري القديم في شهر برموده من كل عام و لكن ليس تحديداً باليوم و الساعة .. حيث كان يجيئ عيد شم النسيم دائماً في أيام الصوم الكبير في المسيحية و هو خمسة و خمسون يوم إن لم يكن في عيد القيامة ذاته ، و بعد أن دخل الدين المسيحي الي مصر و استقبله المصريون القبط بحفاوة و اعتنقوه ، و ليس ذلك بغريب فهم علي مر التاريخ في بحث دائم عن الإله الأوحد ، هم أول الموحدين - "إخناتون" و الذي يعتقد البعض الكثير أنه هو ذاته نبي الله إدريس ..

- قام المصريون بتأجيل الإحتفال بعيدهم الوطني و طقوسه القائمة علي مأكولات نهرية من كائنات حية مراعاةً لتعاليم دينهم حيث الصيام عن أكل كائنات حية حتي أحد القيامة ، فكانوا يحتفلوا بعيدهم الوطني الفرعوني في اليوم التالي مباشرةً لعيدهم الديني ، يوم الإثنين التالي لعيد القيامة ..

- التقويم اليهودي/ أيضاً يتزامن عيد شم النسيم مع عيد الفصح اليهودي و لهذا الأمر رواية :

عندما اشتد المصريون علي أتباع موسي عليه السلام قرروا الترحال عن مصر .. فخرجوا في هذا اليوم معتمدين علي انشغال المصريين بعيدهم (شم النسيم) فبذلك لن يلحظوا خروجهم بأموالهم و ما ملكت أيديهم و ما سلبوه من ذهب المصريين و خيراتهم ، و خرجوا عبر سيناء مع موسي عليه السلام و منها سيناء محاولة الوصول إلى أرض الكنعانيين (فلسطين - القدس )

و يصف ذلك "سِفْر الخروج من العهد القديم" ، و عرف هذا اليوم عند اليهود بعيد الفصح(و الفصح كلمة عبرية تعني الخروج او الخلاص) و اختاروا هذا الْيَوْمَ ليكون بداية التقويم اليهودي.