الكورنا- إبداعات البلكونة ... بقلم د. أماني القرم

أماني القرم.png
أماني القرم.png

الكورنا- إبداعات البلكونة ...  بقلم د. أماني القرم

نخوض نحن البشر  العاديين في هذه الايام  حرباً ضد كائن فضائي لا نعرف له شكلاً و لا لوناً ، كلّ منا يتخيله بصورة تعكس مخاوفه الداخلية  ووجدانه.. فالأطباء أسموه "فيروس كورونا" او "كوفيد 19" و"الدكتور دونالد ترامب" أسماه "الفيروس الصيني" ، وهذا شيء طبيعي لشخص تعكس كل تصرفاته وتصريحاته عنصرية وتمييز ..ضارباً بعرض الحائط جميع الدعوات المضنية لمنظمة الصحة العالمية بعدم تسمية الامراض بجغرافية مكانها لأنه أمر يغذي الكراهية ضد كل قادم من آسيا ويعرض كل صيني في أي بلد للتمييز والاضطهاد والتنمر الجسدي واللفظي  .. وهو ما حدث في الولايات المتحدة وبريطانيا وفي بلدان عربية كمصر وفلسطين في ظواهر منفردة تم الاعتذار عنها ولكنها تبقى شائنة وحدثت فعلاً ..

بالنسبة الي لا أفرق بين الأنفلونزا والكورونا فكليهما في نظري يصيبان في مقتل ويدمران جهازك التنفسي ... ومن الواضح ان الانسان ليس وحده الذي يتطور بل الفيروسات ايضا ، بل وربما هي اكثر تطورا منا.. ففي العام 1918 هاجمت العالم انفلونزا خبيثة أطاحت بحياة 50 مليون شخص على اقل تقدير بناء على معلومات مركز الامراض المعدية والوقاية الامريكي . وتم تسميتها "بالانفلونزا الاسبانية" زورا وبهتانا فأسبانيا لم تكن مصدرها بل الولايات المتحدة ، ولكن أفردت لها الصحف الاسبانية في ذلك الوقت تغطية كبيرة بخلاف عن الدول الاخرى التي لم تكن مسموحة بها حرية التغطية الصحفية للمرض ... ..

ثم ظهرت انفلونزا خنازير وانفلونزا الطيور وهلم جرا ، والمعلومات الطبية دائما تتغير فما كان حقيقة قديماً بات مشكوكاً به حديثاً.. ولكن تبقى نصائح الوقاية واحدة من 1918 وحتى زمن كورونا : ابتعد اغتسل وتطهر !!

عموما البشر هم البشر وسلوكهم تجاه المرض  يترجم بحالتين إما الخوف وإما الانكار . وكليهما مفهوم ومبرر وهدفه النجاة والحرص على الحياة  وكسب الوقت للتأقلم .

ولأن الانسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يستطيع الابداع في مختلف مراحل سلوكه  نتيجة تكوينه العقلي والنفسي المتفرد.  فقد ظهر في زمن كورونا ابداعات جديدة مكانها البلكونة التي باتت مسرحا للرقص والغناء والرياضة والرسم والاضاءة بالليزر وكل مظاهر التعبير عن النفس كإشارة للتضامن البشري ومواجهة لظروف البعد القسري. وقد بدأ هذا الفن الجديد في ايطاليا وانتقلت عدواه الى باقي الدول .. ومن يعلم فربما نشهد قصص حب تخرج من البلكونة وروايات وقصائد شعر وغيرها من فنون ستستمر مع استمرار اجتياح  هذا الكائن الفضائي ..

أبشر .. مادام عندك بلكونة فانت مبدع..