هكذا فسّر أخصائي سلوك فتاة بغزة سرقت ملابس داخلية بعد أن قام صاحب المحل بالتشهير بها

هكذا فسّر أخصائي سلوك فتاة بغزة سرقت ملابس داخلية بعد أن قام صاحب المحل بالتشهير بها
هكذا فسّر أخصائي سلوك فتاة بغزة سرقت ملابس داخلية بعد أن قام صاحب المحل بالتشهير بها

غزة/ المشرق نيوز

أقدم أحد المحلات التجارية في غزة، بنشر صورة فتاة مع تغطية ملامحها، على الصفحة الرسمية للمحل، مُدعياً أنها قامت بسرقة ملابس داخلية، مُهدداً الفتاة بأنه إذا لم تُعد ما سرقته، أو أن تدفع ثمنه خلال ساعات، سيقوم بعمل فيديو ممول عبر (فيسبوك) ينشر فيه هويتها وملامحها.

 هذه الحادثة أثارت جدلاً واسعاً بين نشطاء مواقع التواصل، الذين تداولوا الصورة التي نشرتها صفحة المحل، مُهاجمين تهديد الفتاة بالتشهير، وبعضهم عرض على صاحب المحل، أن يدفعوا ثمن ما سرقته الفتاة، مُقابل تركها وشأنها.

وكان أبرز النشطاء الذين تضامنوا مع الفتاة، محمود نشوان، والذي خرج بفيديو يعرض فيه على صاحب المحل، أن يدفع له عشرة أضعاف ثمن ماسرقته الفتاة، مُقابل أن يزيل المنشور عن صفحته، وهو ماحدث أخيراً.

للوقوف على البُعد القانوني للحادثة، تواصلت "دنيا الوطن" مع أيمن البطنيجي، المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية بغزة، والذي أكد أنه لا يجوز تهديد الفتاة بالتشهير بها، موضحاً أن الأصح أن يتقدم المُتضرر بشكوى رسمية للشرطة.

وقال البطنيجي: "حين تحدث حالة سرقة في المحالات التجارية، يجب على صاحب المحل، أن يُحضر التسجيلات التي رصدتها كاميرات المراقبة الخاصة به، ويُسلمها للشرطة، ويُقدم على أساسها شكوى رسمية".

وأضاف: "ليس هناك داعٍ للتهديد بأن تُسلم نفسها.. لمن ستُسلم نفسها؟ لو تركنا الأمر لكل مواطن بأن يأخذ حقه بيده، مُستخدماً التكنولوجيا الحديثة، ستتفاقم القضية، وتُصبح قضايا مُعقدة وندخل في متاهات لا داعي لها، فمثلاً بإمكان هذه الفتاة رفع قضية تشهير على المحل، وحينها سيدفع المحل ثمناً أغلى من قيمة مسروقاته".

وحول العقوبة التي قد تُواجهها الفتاة في حال قُدمت شكوى ضدها، قال البطنيجي: "لسنا الجهة التي تتكلم عن العقوبة، نحن جهة تنفيذية فقط".

لا يُعالج الخطأ بخطأ

ويرى حسن الجوجو، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي ورئيس المحكمة العليا الشرعية، أن ما فعلته الفتاة "مشين"، قائلاً في حديثه لـ"دنيا الوطن": "لا شك أن ما فعلته الفتاة مشين، لا يجب أن يخرج من فتاة فلسطينية، مهما كانت الظروف والأحوال التي أدت بها إلى ذلك، وشرعاً لا يجوز السرقة، والتعدي على ممتلكات الآخرين بدون وجه حق".

وحول رد فعل صاحب المحل، قال الجوجو: "كان الأصل أن يتريث، ويتصل بالجهات المسؤولة، وهي التي تتابع القضية، وإلا تحول المجتمع الفلسطيني إلى غاب، إذا ما سلك الجميع سلوك هذا المحل"، مضيفاً: "خاصة في هذه القضايا، يجب أن يكون الستر أساساً فيها، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلماً في الدنيا، ستره الله في الدنيا والآخرة"، وتهديدها بفضح هويتها يتنافى مع مبدأ الستر، الذي أمرت به الشريعة الإسلامية، ويتنافى مع مبدأ المغفرة، ويتنافى مع القانون".

وتابع الجوجو: "تهديد المحل للفتاة بفضحها مشين أيضاً، ولا يُعالج الخطأ بالخطأ، يجب أن تٌحال القضية برمتها للجهات المُختصة، وهي التي تقوم بعمل اللازم".

سرقة نفسية

وجزم جميل الطهراوي، أستاذ علم الاجتماع والصحة النفسية، أن سلوك الفتاة، يندرج تحت مسمى "السرقة النفسية"، وقال في حديثه لـ"دنيا الوطن": "المتوقع حسب ثقافتنا، أن السرقة تنتشر بين الأولاد أكثر من البنات، كونهم أكثر جرأة وحباً للمغامرة، لكننا تفاجأنا أنها منتشرة بين الفتيات، وهو ما يندرج تحت مُسمى "السرقة النفسية"، أكثر ما هي سرقة بالمعنى التقليدي لمفهوم السرقة".

وأضاف الطهراوي: "في ثقافتنا، الفتاة ليس لديها جرأة أن تُصبح لصة بالمعنى التقليدي، كأن تقفز على الجدران، وتسرق جرة غاز مثلاً، أو ماتور كهرباء، لكن الناحية النفسية من غيرة، وحب الملابس، يكون له دور كبير جداً في هكذا حادثة، وأثق 90% أن سرقتها لملابس النوم له علاقة بالنفسية أكثر من احتياجها للنقود أو احتياجها لهذه الملابس من الأصل".

ويرى الطهراوي، أن صاحب المحل، أخطأ بتهديده بالتشهير بالفتاة، لأن ما فعلته له بُعدٌ نفسي، مضيفاً: "سرقة هذه الأشياء بعينها، واضح أن لها دلالات نفسية، وواضح أن لها ارتباط بكونها أنثى، وبالجانب الجنسي في حياتها".

وأضاف الطهراوي:"بالغ صاحب المحل في ردة فعله، وكان بإمكانه اللجوء لطُرق أكثر ليناً، فهو لو فعلها، سيُحطم حياة إنسانة بالكامل، وسيكون الدمار والخسائر وقتها أكثر من خسائر محله بكثير".

وأشاد الطهراوي بردود فعل المجتمع الذي رفض التشهير بها، ورفض تدمير حياتها، وعرض دفع ثمن المسروقات، وقال: "ينم ذلك عن وعي كبير، وترابط ومحبة، ورفق ينتشر بين أعضاء المجتمع".

يُذكر أن صفحة المحل الرسمية، قامت بإزالة المنشور دون توضيح الأسباب، أو الخطوات القادمة التي سيتخذها.