أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها .. بقلم/ جهاد طمليه

أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها .. بقلم/ جهاد طمليه
أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها .. بقلم/ جهاد طمليه

يحيي شعبنا ومعه أحرار العالم كافة، الذكرى الخامسة والخمسون لانطلاقة حركتنا العظيمة، خمس وخمسون عاماً مرت على اللحظة التي تشابكت فيها سواعد القادة المؤسسون وقرروا المضي قدماً في مسيرة استرداد الوطن المغتصب، وأطلقوا العنان لجحافل العاصفة في ليلة يوم الجمعة 31 كانون أول 1964م، لتنفذ العمليات المقررة داخل الوطن المحتل في تلك الليلة، وصولاً إلى مشارف فجر اليوم التالي وهو الأول من كانون ثاني 1965م، حيث بزغ مع ذلك الفجر طيف الأمل الفلسطيني الجديد، الذي بشر به البلاغ العسكري رقم (1) للقيادة العامة لقوات العاصفة.

ومنذ ذلك الوقت توالت مراحل وأطوار بناء الشخصية الوطنية الفلسطينية الجديدة، التي أريد لها الذوبان في محيطها العربي، والتخلي عن سماتها الخاصة بما في ذلك تخليها عن هدف تحرير الأرض والعودة إلى الديار.

خمسة وخمسون عاماً، من الجهد والتعب الذي تجشم عناء بذله الشهداء والأسرى والجرحى والمبعدين، لكنهم وبقيادة حركتهم الرائدة تمكنوا من تشييد صرح الوطنية الفلسطينية المتجددة والعصية على الحذف، ما مكن الثورة الفلسطينية المعاصرة من التحول من مجرد حركة احتجاج ورفض محلية إلى قائدة للكفاح العالمي ضد الظلم والاستعمار.

اليوم وبعد خمساً وخمسون عاماً، تمر حركة فتح بأكثر مراحل وجودها صعوبة وخطورة، بسبب اتساع رقعة التحديات وتعاظم المخاطر السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها بقاء الانقسام الفتحاوي الفتحاوي على حاله، وهو أكبر خطر يهدد مصيرها ووجودها؛ بسبب رغبة بعض قادتها إبقاء هذه الحالة على ما هي عليه، مفضلين مفاوضة ومحاورة ومقابلة عدوهم الإسرائيلي على مفاوضة ومحاورة ومقابلة أشقائهم من رفاق الدرب والسلاح والآسر، لما لذلك من أهمية ودور في حماية مصالحهم الخاصة التي فضلوها على مصلحة فتح، التي يزداد ضعفها ووهنها مع صبيحة كل يوم من عمر الانقسام والشرذمة الداخلية.

فعلى الرغم من مرور الحركة في أكثر من حالة تعثر وضعف في تاريخها، إلا إنها تمكنت من تجاوزها جميعاً، وبقيت صامدة في وجه المؤامرات، لكن الانقسام الحالي داخلها هو أخطر ما عرفته، لأن الخصومة فيه تجاوزت أعراف وحدود شرف واخلاقيات الاختلاف، بسبب إصرار القيادة المتنفذة داخل الحركة على شخصنة الخصومة.

وهذا مسلك لا يخدم سوى خصوم فتح وأعدائها، ويعمق ضعفها ويجعلها غير قادرة على مواصلة دورها وهي موحدة ومتمساكة، لهذا مطلوب ممن يمسكون بناصية الأمور ويتحكمون بمصير الحركة حالياً؛ إنهاء الخصومة الداخلية ومباشرة عملية جمع جديدة للصفوف تستجيب للتحديات الكبيرة التي تهدد القضية الفلسطينية برمتها.

وإطلاق عملية إصلاح داخلية تشمل مراجعة السياسات والاستراتيجيات والتفاهم بين مختلف أطياف الحركة للتوافق على برنامج عمل قادر على المنافسة والتصدي للتحديات الكثيرة، وإعادة القيادات والكوادر الذين تم فصلهم دون وجه حق إلى مواقعهم ليأخذوا دورهم إلى جانب إخوتهم، ضمن عملية استنهاض شاملة للبرامج الأصلية للحركة، واستدراك الانهيار بمزيد من التعاضد الداخلي، الذي لا يوجد لفتح طريق غيره لتسلكه، إذا كان قادتها الحاليون معنيون بنجاتها من أفخاخ الشطب والحذف التي تحيط بها.

والكف عن سياسة الاستئثار والتفرد بمقدرات الحركة والتلاعب بمصيرها، ففتح لم تكن في يوم ولن تكون إقطاعية أو شركة خاصة يديرها من يتولى أمرها حالياً، فنحن الذين تم فصلنا من شركتهم التي ورثوها عن أبائهم !! كنا وسنبقى جزءاً أصيلاً من نسيج الحركة وتكوينها الأصيل، وساهمنا على قدم المساواة مع إخوة القيد والدرب والسلاح في مراكمة رأسمالها وأصولها من سنوات الاعتقال والتعذيب والحرمان التي أمضيناها في الأسر الإسرائيلي، على مدار الأربعين عاماً الماضية.

يعني ذلك بأنه لم يخلق بعد من يستطيع إخراجنا من هذه الحركة وحذف تاريخنا فيها، وسنبقى الأوفياء لفتح الأبية ولدماء الشهداء والجرحى والأسرى الأبطال، وسنواصل مسيرة النضال مع إخوتنا ورفاقنا حتى تحرير الأرض وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

فحركتنا في هذة اللحظة الفارقة من مسيرة الكفاح مدعوة أكثر من أي وقت مضى للملمة صفوفها وتحديث خطابها السياسي والإعلامي كجزء من خطة التصدي لتنكر إسرائيل للاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير، وإحساسها بالتفوق والنصر السياسي والعسكري، بسبب تمكنها من اختراق العمق العربي المصاحب لانهيار العراق وسوريا وليبيا واليمن.

يعني ذلك أن عبء المواجهة عاد من جديد ليقع على عاتق منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة حركة فتح، لهذا فهي مطالبة بحشد ولملمة الكل الفلسطيني حتى تتمكن من اجتياز المرحلة بنجاح، لتعود قوة إقليمة ودولية ضاغطة يحسب لها ألف حساب.

أخيراً، المجد لشعبنا والرحمة للقادة المؤسسون (ياسر عرفات، خليل الوزير، صلاح خلف، سعد صايل، ماجد أبو شرار، كمال عدوان، أبو يوسف النجار) الذين حددوا بسواعدهم طريق المجد والتحرير والانعتاق من المحتل، والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحريه للأسرى والأسيرات، وفي مقدمتهم القادة الأسرى (مروان البرغوثي وفؤاد الشوبكي وكريم يونس وأحمد سعدات ونائل البرغوثي)، والنصر لشعبنا العظيم.

** كتب جهاد طملية

عضو المجلس التشريعي الفلسطيني