أزمة الأحزاب في الشرق... بقلم/ نضال خضرة

نضال خضرة.jpg
نضال خضرة.jpg

غزة/ المشرق نيوز

يتشابه عمر الحزب السياسي بعمر الإنسان، مثله في ذلك مثل الدولة، وضمان بقائه وتوارث أفكاره ومؤسساته لدى الأجيال يأتي من خلال الإيمان  بالحرية وتعزيزها، ودعم النهضة العلمية والمعرفية، والحفاظ على الديناميكية والحيوية والتحولات الفكرية التي تسير وفق حركة التطور الحضاري والإنساني.

وكلما زاد تقدم عمر الحزب، كلما زاد نضوجه ورشده السياسي، وهذا ما عكسته تجربة الأحزاب العلمانية في الغرب، فبعد أن كانت أحزاب مسيحية دينية تحولت إلى أحزابٍ علمانية، وحتي الأحزاب الشيوعية في الشرق الأقصي كان لها نصيب في هذه التحولات، بسبب الحرية والنهضة العلمية والمعرفية التي أنتجت تطوراً سياسياً ساهم في إنتاج التحولات الفكرية على صعيد الأيديولوجيات التي كانت تسير بالتوازي مع حركة تطور المجتمع.

عجز الأحزاب في الشرق عن إعادة إنتاج ذاتها وفق المتغيرات الحضارية، يرجع لأسبابٍ يتعلق جزء منها بالموروث، لذلك لم يكتب أي نجاح لتجربة الأحزاب في الشرق العربي والإسلامي منذ نشأتها أواخر القرن التاسع عشر، سواء كانت أحزاب إسلامية دينية أو يسارية أو علمانية، ولم نشهد لأيٍ منها أنه حقق جزءاً من أهدافه التي أنشئ من أجلها، لذلك رأينا الدكتاتورية والتعصب الفكري والأيديولوجي والتطرف والإنفصال عن الواقع، وعن حركة الحداثة والتطور الذي عاشه مجتمع المعرفة، وإعطاء كل الأولويات للمصالح الحزبية علي حساب المصالح الوطنية، والإنشغال في الصراعات الداخلية بهدف الوصول للسلطة، والمناكفات المتبادلة وتصيد الأخطاء وتضخيمها وتعزيز ردود الأفعال المتبادلة، التي ساهمت في تعزيز الكراهية في المجتمعات، وإفسادها فكرياً وثقافياً.

كل هذه الأسباب وغيرها كانت عوامل ساهمت في فشل التجربة الحزبية في المشرق، إلى أن أصبحت هذه الأحزاب تمثل عبئاً على المجتمعات وسبب إضافي في تأخر نهضتها..