التدين والمزاج ... بقلم فؤاد الشويلي

التدين والمزاج ...  بقلم فؤاد الشويلي
التدين والمزاج ... بقلم فؤاد الشويلي

                   التدين والمزاج

تغمرك حالة من الاستبشار وأنت ترى الناس ينخرطون في السلك الديني لما يحمله من قيم وسلوكيات تطمينية تنعكس على شخصية الفرد المنضوي تحته،وبالتالي يصبح موجودا ايجابيا كونه يتحرك وفق مسطرة الدين وليس له أن يضع نقطة أو يخلق لنفسه مركزا خارج دائرة تدينه.

 إلا أن هناك ما يلفت النظر ويبطيء من عجلة السعادة في هذا المضمار ،إنها محطات استلام التعاليم الدينية من الوعاظ_اعني رجال الدين لا الأنبياء والأوصياء أكيدا_ ونشرها بغية تطبيقها عمليا،لكن الملاحظ بهذا الصدد إن معظم هذه المحطات أنجبت لنا مفاهيما مشوهه فهي إما تطرف في الدين أو هروبا منه أو إعلان الحرب عليه لتصل أحيانا إلى فوبيا التدين،أليس غريبا أن تصاب المجتمعات بفوبيا التدين؟!

يحاول هذا الإنسان الواعظ والمبلغ وهو أعلى رتبة في الموجودات أن يرسم مخططا ينظم من خلاله حركة سير مشروعه الديني(وليس الدين) ويرفع الاختناقات الفكرية النقدية التي تواجهه لينتقل إلى مرحلة تسليح أتباعه برشاشات الوعيد ومدفعية الإقصاء ليسير إثرها ناقلات المخالفين له إلى جهنم،وهو يعيش _كما تذكر النصوص الدينية_ هلوعا جزوعا فهو متخوف على قناعاته الدينية من البوار وكساد المنتج الجديد (الفصال الأخر للدين).

السؤال الكبير كيف نتعاطى الدين أو كيف نتعامل معه؟

الدين كما في لغة الانترنت هو رابط بين الإنسان والمعبود ففيه مجموعة من اللوائح تلزم بني البشر أن يعتنقوها ويعتقدوها وبالمقابل تضمن لهم حياة سعيدة تنمويا واقتصاديا ومجتمعيا وووو... مضافا إلى ذلك سعادة أخرى محلها بعد الرحيل عن هذا العالم (الكلام في الديانات السماوية )وهذه اللوائح تحقق آصرة مهمة من شأنها تجسير تلك العلاقة وإنتاج نظام ونسق في الحياة كونه_الدين_ يحمل دعوى التفرد في انتشال البشرية من أنواع القهر والتعسف.

إلا أن كثرة المدارس الفكرية والمذهبية أدت إلى تشطيره وتفريعه والذي بدوره بلور فكرة فصال الدين حسب مقاسات قراءه الجدد ويتزيو بزي السلطة والغلبة على الآخرين وكونهم الوريث الشرعي الوحيد للدين(بمقاساتهم) ولتنتفخ أوداج مدعي الوصاية عليه واحتكاره كون حقوق الدين محفوظة لا يجوز نشرها إلا من مصنعهم ولا يحق لأحد أن يطرحها أو حتى أن يفكر بها إلا بإذنهم!

إن خطر هذه الجماعات يكمن عندما تتعامل مع المقدس وفق المعطى البشري لان ما يتحقق مهما بذل الوسع من اجله هو قراءة بشرية لا تحمل سمة الرسمية والناطق المخول باسم الدين، لذا فقد وجدت موديلات كثيرة وتصاميم أكثر لأشكال الدين ،والمتابع يجد هذا الأمر واضحا في الشرق والغرب وان كانوا يشتركون في عبارة السير وفق مقاصد الشريعة لكن عملية تعبيد طرق المقاصد حددها مصممو الدين الاحتكاريين والمتاجرين بمادة أل (يجوز واللا يجوز) وهي (حصريا) مادة سماوية الصنع.

يبدو فيما ذكرنا أننا لا نستطيع أن نأخذ الدين(الحق) من الجماعات والتكتلات الدينية، وليس لي إلا أن انحني أمام من قال لا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق.